مؤسسة القمة العالمية للحكومات هي ابتكار حواري وإبداعي وجد من أجل أن يبني جسرا بين الحاضر والمستقبل.
العالم اليوم بحكوماته وشعوبه أمام مستقبل لا أحد يستطيع أن يخبرك عن محتوياته في مجالات الحياة الرقمية والذكاء الاصطناعي الذي يمارس عملية تسلل هائلة إلى تشكيلات الحياة الثقافية والسلطة والتغير المجتمعي.
مما قاله الشيخ محمد بن راشد، وهو الشخصية السياسية والإدارية الغنية عن التعريف: "نؤمن بأن الارتقاء إلى المستقبل هو مهمة الجيل الجديد الذي شهدنا إبداعه وتميزه في صياغة رؤى واقعية لحكومات المستقبل"، هذه الكلمات انعكست على الكثير من الأنشطة الحيوية التي تشهدها دبي على مدار العام، وهذه الأيام تعيش دبي واحدة من أكبر الفعاليات الإقليمية من حيث الحيوية والنشاط في مجال مبتكر يتحدث عن قصة التنبؤ للحياة المستقبلية بجميع أشكالها من حيث الأداء والتقنية وترويض الذكاء الإنساني وابتكاراته لخدمة إنسان القرن الحادي والعشرين، فمنذ عام 2013 الانطلاقة الأولى للفكرة والتنفيذ ونحن نشهد إبداعات جديدة تقدمها مؤسسة القمة العالمية للحكومات.
التميز الذي تقدمه هذه القمة بالنسبة لفهمي الشخصي يتجه بكل دقة إلى فهم التحول الهائل والدقيق الذي يسيّل الصلابة البشرية بمفاهيمها وقيمها السياسية والثقافية والاجتماعية، لتصبح مفاهيم وقيما سائلة تقنيا تتحكم فيها حياة رقمية تسهم في صناعة تحدٍّ مثير لمقدمي الخدمات من الحكومات والمؤسسات
مؤسسة القمة العالمية للحكومات كما تبدو لي من متابعة مباشرة لأنشطتها ومشاركة في فعالياتها هي ابتكار حواري وإبداعي وجد من أجل أن يبني جسرا بين الحاضر والمستقبل، وهذا البناء يسهم فيه إنسان المستقبل والجيل الجديد سواء من الأشخاص أو الأفكار، الحياة لم تعد كما كانت حتى قبل عشر سنوات، ولعلي أتذكر تلك النقلة النوعية بين بدايات انطلاق هذه المؤسسة وبين ما تحققه اليوم من تطور في الأداء والمكانة، لقد أثبتت هذه الأنشطة المتخصصة التي تقام في إقليمنا الخليجي أن الابتكار والإبداع والاختراع ليست محصورة على بيئات أو حكومات بعينها؛ وإنما أصبحت مهمة دولية يمكن القيام بها فوق كل دولة وتحت كل سماء.
القمة العالمية للحكومات كما تعرّفها مؤسسة القمة "هي منصة عالمية تهدف إلى استشراف مستقبل الحكومات حول العالم، حيث تحدد لدى انعقادها سنويا برنامج عمل لحكومات المستقبل مع التركيز على تسخير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للتغلب على التحديات التي تواجه البشرية"، وهذا التعريف يطرح فكرة الحديث المباشر عن الحكومات المستقبلية وكيفية تفاعلها مع الثقافة والسلطة والتغير الاجتماعي، تلك المقومات الرئيسية التي يتكون منها أي مشروع للحكومات في العالم.
أحد الأشياء التي يسهل توقعها عند الحديث عن هذه القمة أنها صيغة متطورة لمؤتمرات كلاسيكية، ولكن هذا التوقع غير دقيق، فما تقدمه هذه المؤسسة كما تقدم نفسها ليس من أهدافها أن تكون ضمن فعاليات تقليدية، والحقيقة أن مؤسسة القمة التزمت بتقديم صورة مختلفة عن موضوعات دقيقة تتعلق بالحكومات وكيفية أدائها وعلاقتها بالمجتمعات؛ فالعالم اليوم بحكوماته يشهد إحساسا ملحوظا بالتغيرات التي أحدثتها تقنيات العالم الرقمي في حياة البشر على الكرة الأرضية.
العلاقة بين الفرد والمجتمع لم تعد تلك العلاقة التقليدية؛ فالتطورات التي يشهدها العالم ستوفر مجالات كبرى من أجل إحداث هذا التغيير؛ فالعالم سوف يصل قريبا إلى أنه يمكن حقن التقنية بمخترعاتها وتطوراتها في جسم الإنسان، الحكومات العالمية وهي تراقب هذا التطور ليس أمامها من خيارات كبرى سوى التطور أو التخلف، فعالم القرن الحادي والعشرين يفتقد إلى المنطقة الرمادية التي كنا نعرفها في السابق لأن التحولات الجذرية في العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي لم تعد تلتزم بالحدود الجغرافية؛ فالعالم تحول إلى فضاء مفتوح يسبح نحو المستقبل بكل دقة ووضح.
يقول أحد علماء التقنية وهو مارك ويزر: "إن أكثر التقنية تأثيرا وعمقا هي تلك التي تختفي، إذ إنها تدخل في نسيج الحياة اليومية حتى لا يمكن تمييزها"، اليوم نحن نشهد هذه التوقعات؛ فالحياة لم تعد معزولة عن التقنية والحكومات التي تدير البشر أمامها تحديات كبرى؛ فالواقع الافتراضي وأجهزته تتميز بالتعقيد إذا ما بدأت تذوب في الحياة الاجتماعية، كما يبدو لي أن مؤسسة القمة العالمية للحكومات تدرك كل عام أن التطورات الهائلة التي حدثت خلال عام مضى تساوي تطورات حدثت في العالم على مدى مئات السنين.
العالم اليوم بحكوماته وشعوبه أمام مستقبل لا أحد يستطيع أن يخبرك عن محتوياته في مجالات الحياة الرقمية والذكاء الاصطناعي الذي يمارس عملية تسلل هائلة إلى تشكيلات الحياة الثقافية والسلطة والتغير المجتمعي، فكل تقنية تستطيع الحكومات أو الشعوب التعامل معها هي في الحقيقية تُسهم في صنع البشرية من جديد بحكوماتها وشعوبها.
التميز الذي تقدمه هذه القمة بالنسبة لفهمي الشخصي يتجه بكل دقة إلى فهم التحول الهائل والدقيق الذي يسيّل الصلابة البشرية بمفاهيمها وقيمها السياسية والثقافية والاجتماعية، لتصبح مفاهيم وقيما سائلة تقنيا تتحكم فيها حياة رقمية تسهم في صناعة تحدٍّ مثير لمقدمي الخدمات من الحكومات والمؤسسات المدنية في المجتمعات والمنظمات، الحكومات وغيرها أمام تحدٍ كبير في هذا القرن "لجعل العالم مكانا تسعد فيه جميع الكائنات البشر وغير البشر" كما قال أحد العلماء.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة