"الجرافيتي" في أفغانستان.. مقاومة العُنف بالفن
أكثر من 20 شابا بحركة "سادة الفن" يصبحون أول فناني الجرافيتي في أفغانستان.
شهدت أفغانستان حروبا وصراعات لعقود طويلة، بعد أن غزتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، بحثًا عن زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، والإطاحة بنظام "طالبان" الذي كان يأويه.
وأصبحت الحوائط المضادة للقنابل والأسلاك الشائكة والجنود الذين يحملون بنادقهم على أكتافهم، جزءا من الحياة اليومية للمواطنين.
وفي محاولة لتغيير هذا الواقع الكئيب، بدأت مجموعات من الشباب الرسم على الجدران بأحياء عديدة بألوان مبهجة، حيث صار أكثر من 20 شابا بحركة "سادة الفن" أول فناني الجرافيتي في أفغانستان.
وتنوعت الموضوعات التي رسموها على أكثر من 100 حائط مضاد للقنابل في 4 ولايات بشرق وغرب البلاد، ما بين الفساد وهجرة العقول النابغة والتحرش في الشوارع.
وركز الشباب على تنفيذ رسوماتهم بالعاصمة الأفغانية "كابول"، التي كانت لهم بمثابة "سجن عسكري" يسعون لنزع أسلحته من خلال "انقلاب بالجرافيتي".
وعلّق الشريك المؤسس للحركة، عميد شريفي، قائلًا: "أول هدف لنا كان إعادة الجمال للمدينة ومنحها منظرا مرسوما للحوائط العملاقة برسائل ذات معنى لملايين المواطنين".
ورغم أن أعمالهم وما تحمله من معانٍ، نالت إعجاب الملايين، إلا أن الطريق لم يكن سهلًا، فعندما بدأت الحركة مشوارها قبل 3 أعوام، كان المارة ينظرون إلى أعمالهم بلا ثقة، ولكن مع مرور الوقت، رحّب الناس بهذه الرسومات وأصبحوا متعاونين أكثر معهم.
ويحمل الموضوع هدفًا مزدوجًا أيضًا، وهو "تفتيح عقول الناس لكي ينتفضوا ويتحركوا لمكافحة الفساد"، حيث قال رسام الجرافيتي، نذير فرهانج: "نريد تغيير عقلية الناس المعتادة على الحرب إلى السلام والحب".
وفي خلال فترة قصيرة، لم تقف المهمة عند "سادة الفن" فقط في تزيين الحوائط المضادة للقنابل بالعاصمة، حيث أخذت سلطات كابول أيضًا في المشاركة في التغيير وبدأت في هدم الأسوار في إطار حملة جمالية.
وجاء هذا القرار بعد سنوات من المطالبات من جانب السكان، الذين أتعبتهم ذكريات الحرب في كل ناصية.
وقال خليل سلطاني، المتحدث باسم إدارة كابول: "مواطنونا يشتكون الآن من أنهم يشعرون كما لو كانوا محبوسين في سجن أو ثكنة عسكرية حين يجوبون المدينة".
وأكد أن الحملة تسعى للقضاء على الأسوار المضادة للقنابل خلال شهور، مشيرًا إلى أن هذه الأسوار القبيحة تخلق مشكلات نفسية أيضًا للمواطنين، وتُذكّر السكان بالعنف والحرب وانعدام الأمن.
كما تهدف هذه الخطوة إلى تحقيق انسيابية مرورية في الشوارع الرئيسية، التي تحتل فيها تلك الحوائط مساحات كبيرة.
ولقتل الاكتئاب المسيطر على المناطق، يمزج الرسامون في أعمالهم بين ألوان مبهجة، على العديد من المنازل المبنية من الطمي والحجارة.
ويتصدر اللونان الأزرق والأصفر، قائمة الألوان في هذه الحملة التي تسعى من خلالها السلطات لتقديم صورة مبهجة لأسوار مبانيها.
من جانبه، أوضح خليل سلطاني، المتحدث باسم بلدية كابول، أن هدف الحملة هو تجميل كابول والمساهمة في تقديم شيء جميل لتهدئة أذهان المواطنين.
وتُنظَم الحملة بالتعاون مع سلطة التنمية المستقلة بالعاصمة، في إطار حملة أكثر شمولًا لتنمية وتحسين المدينة وتسعى للوصول إلى 2000 منزل، وتسعى السلطات لنقل التجربة إلى المناطق المماثلة في التلال المجاورة لكابول.