«عملية البلوط».. مهمة نازية لتهريب موسوليني من «السجن المُحصن»

في سبتمبر/ أيلول 1943، شهدت جبال الأبينيني الإيطالية واحدة من أجرأ العمليات العسكرية في الحرب العالمية الثانية.
وبحسب موقع "ذا كولكتور" المعني بالتاريخ، نجحت وحدة نخبة من المظليين الألمان خلال هذه العملية في تهريب الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني من سجنه في فندق منعزل بمنطقة "غران ساسو".
وجاءت هذه المهمة، التي حملت اسم "عملية البلوط"، كرد فعل من الزعيم النازي أدولف هتلر على الإطاحة بحليفه الإيطالي، الذي اعتُقل بعد انقلاب داخلي قاده الملك فيكتور إيمانويل الثالث وحكومة المارشال بيترو بادوليو.
الانهيار الفاشي: خلفية الأزمة
بحلول صيف 1943، كان النظام الفاشي الإيطالي على شفا الانهيار، بعد تكبد القوات الإيطالية هزائم كارثية على جبهات اليونان وشمال إفريقيا وروسيا، بينما دمرت غارات الحلفاء البنية الصناعية وأضعفت الروح المعنوية للشعب، وتصاعدت الاحتجاجات ضد موسوليني، الذي وصفه الملك لاحقاً بأنه "الرجل الأكثر كراهية في إيطاليا".
وفي 25 يوليو/ تموز، صوت المجلس الفاشي الأعلى بحجب الثقة عن الدوتشي، ليُعتقل على الفور وينقل بين سجون سرية، بينما أعلنت إيطاليا استمرار التحالف مع ألمانيا، وهي تتفاوض سرا مع الحلفاء على هدنة.
أثار سقوط موسوليني ذعر هتلر، الذي رأى في الانقلاب تهديداً لاستقرار المحور.
انتقام هتلر
وخشي الزعيم النازي من أن تتحول إيطاليا إلى جبهة مفتوحة للحلفاء، فقرر استعادة حليفه لإحياء النظام الفاشي، وكلّف الجنرال كورت ستودنت، قائد قوات المظليين، بتنفيذ المهمة، بينما تولى الضابط النمساوي أوتو سكورزيني – المُلقب لاحقاً بـ"أخطر رجل في أوروبا" – مهمة تتبع مكان السجين.
وتنقل موسوليني بين سجون سرية، من روما إلى جزر بونزا ولا مادالينا، قبل أن تستقر به السلطات الإيطالية أخيراً في فندق كامبو إمبيراتوري المُحصّن على قمة غران ساسو.
وهناك، وعلى ارتفاع 1500 متر، بدا الموقع منيعاً بفضل التضاريس الوعرة وتلفريك وحيد يصل إليه، لكن سكورزيني، عبر شبكة تجسس ومخاطرات جوية، حدد مكانه، وخطط للهجوم على الفندق بطائرات شراعية تُحلق فوق القمم.
الغارة التي هزت العالم
في 12 سبتمبر/ أيلول، هبطت طائرات ألمانية تحمل مظليين بالقرب من الفندق. بقيادة سكورزيني.
اقتحم الجنود المبنى دون إطلاق رصاصة، حيث استسلم الحراس الإيطاليون الذين فوجئوا بالهجوم. ونادى سكورزيني موسوليني بعبارة أصبحت أسطورية: "أيها الدوتشي، أرسلني الفوهرر.. أنت حر!".
غادر الاثنان الموقع بطائرة خفيفة، لتبث الدعاية النازية لاحقاً مشاهد لقاء هتلر بموسوليني كرمز لـ"الولاء الأخوي".
أعاد هتلر وموسوليني تشكيل "الجمهورية الاجتماعية الإيطالية" في سالو، كدولة دمية تابعة لألمانيا. لكن الدوتشي، الذي فقد هيبته، تحول إلى ظل لسابقيه، بينما اشتعلت حرب أهلية بين مؤيدي الفاشية والمقاومة الإيطالية. ومن الناحية العسكرية، أطالت العملية أمد المعارك في إيطاليا، لكنها لم تغير من حتمية هزيمة المحور.
أسطورة سكورزيني وتضارب الروايات
حولت الدعاية النازية الغارة إلى ملحمة بطولية، وروج سكورزيني نفسه لدوره المركزي فيها عبر مذكراته، بينما شكك قادة ألمان آخرون في روايته.
وبالنسبة للحلفاء، مثلت العملية تحذيراً من براعة القوات الخاصة الألمانية، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن انهيار التحالف الإيطالي-الألماني.
aXA6IDUyLjE1LjE1OS4xMzIg جزيرة ام اند امز