تأمل الجنرال ديجول بلاده مليًّا، وقال إن فرنسا مصابة بالصَّرَع. يقصد أنها في تعب واضطراب شديدَيْن.
فكيف يرى الرئيس "بايدن" أمريكا اليوم، هل هي فيما بعد نوبة الصرَع أيضًا؟ استنادًا فقط إلى النقاط المعلنة على خريطة العالم، آثار الصراع مقلقة: تراجع في أوكرانيا بعد زخم الأسابيع الأولى. ضياع في الشرق الأوسط. وضعف في المواجهة مع الصين. أما في الداخل، فاقتصاد متعثر، ونمو ضعيف، وتضخم موجع، وتململ خطير في الرؤية إلى وحدة البلاد.
زعيمة الغرب، بلا راية مرفوعة فوق أي بقعة من بقاع النزاع حول العالم. حالة لم تظهر على هذا النحو منذ زمن. والهمّ الأمريكي أصبح الهم العالمي، لأنه أدّى إلى اختلال في حركة العمل الدولية برمّتها، وفي صورة خاصة في أكثر حقلين دقة في حياة العالم: الغذاء والنفط.
هناك كثيرون يتطلعون إلى هذه اللوحة القاتمة ويتساءلون، ما الدور السعودي؟
وهناك من يعرف تقليديًّا ثوابت الرياض، ويتساءل ما مسؤولية السعودية؟
وهذه الثوابت قائمة على مفهوم السعودية لدورها في الأسرة الدولية، وليس للمماحكات الصغيرة في اللحظات الخطرة التي يمر بها العالم.
الوضع في العالم ليس أبدًا في الخفة الصبيانية التي تسلكها بعض الدوائر المحلية في واشنطن.
في المقابل، أظهرت موسكو مدى جديّتها في التعاطي مع الأزمة عندما كان نائب رئيس الوزراء في استقبال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي يدير آلة الحلول الممكنة كلما ازدادت المسألة اشتدادًا وتأثيرًا على أبرياء العالم.
لا يمكن للسعودية أن تقبل هذه الخفة ولا أن تقابلها بخفة أخرى، أو أن تنزل إلى مستوى الفعل اللا مسؤول الذي استبق زيارة بايدن إلى الرياض بالعودة إلى كل ما يسيء إلى العَلاقة الثنائية بين الدولتين وبين الشعبين.
تتعاطى بعض الدوائر في واشنطن مع القضايا الخارجية على أنها جزء من الصراع الحزبي والانتخابي. ولا تملك السعودية إلا أن تتعامل كدولة، سواء في شؤونها أو شؤون سواها. لكن الامتعاض حق في العلاقات الدولية، وخصوصًا عندما يعبث بها الهواة أو محترفو السوء.
كان يُفترض بالجميع، هواة أو محترفين، أن يمهدوا لزيارة الرئيس بايدن بما يليق به، وأن يسهموا في إعادة الثقة والسوية إلى علاقة عمرها مائة عام.
وكل علاقة بشرية ودبلوماسية معرّضة لسوء التفاهم الذي يُحَل أيضًا بحسن التفاهم، شرط الحفاظ على الحد الأدنى من حسن النيّات وحسن السلوك.. أما اللؤم والخبث فغير مقبولَين بين الكبار ولا هما من شيم الأمم.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة