اليونان وتركيا.. تزامن الانتخابات يفتح عينا على "التقارب"
في السياسة، يكتم الحزب الحاكم الغيظ كلما اقترب موعد الاقتراع ويصبح مترددا في اتخاذ قرارات صعبة، ويكون لزاما إحداث نوع من "إعادة الضبط".
هذا بالتحديد ما يكتنف الحكومتين في تركيا واليونان، فعلى الرغم من البيانات الإيجابية من كلا الجانبين بعد الزلزال المدمر الذي ضرب الأراضي التركية، وزيارة وزير الخارجية اليوناني للمناطق المتضررة، إلا أن اليد ما تزال مترددة في الضغط على زناد التطبيع بين البلدين.
لكن هل ستكون الانتخابات المتزامنة في كلا البلدين، نافذة لعودة العلاقات بين الجارتين؟
فتركيا سارعت مطلع مارس/آذار الجاري، إلى تأكيد موعد الانتخابات العامة في 14 مايو/أيار المقبل.
ويطمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دشن مسارات تقارب متعددة مع دول رئيسية في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية.
فيما يبحث حزبه العدالة والتنمية عن الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية التي تجري في نفس اليوم.
انتخابات اليونان
ومن أنقرة إلى أثينا، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، اليوم الثلاثاء، أن البلاد ستشهد انتخابات برلمانية مبكرة في 21 مايو/ أيار المقبل، أي بعد 7 أيام من الانتخابات التركية.
وأضاف خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أنه في حال لم تُحسم الانتخابات في الجولة الأولى، فإن الجولة الثانية منها ستُجرى خلال يوليو/ تموز المقبل.
ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية عن رئيس الوزراء اليوناني قوله إن "البلد بحاجة إلى سماء صافية".
وظل ميتسوتاكيس (55 عاما) نجل رئيس الوزراء الراحل قسطنطين ميتسوتاكيس، يتمتع بشعبية طوال فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات.
ولكن في الآونة الأخيرة، تضررت سمعة ميتسوتاكيس بسبب مزاعم تنصت أجهزة أمن الدولة على الاتصالات الهاتفية، فضلا عن فشل الحكومة في حماية سلامة شبكة السكك الحديدية، ووقوع حادث دموي لتحطم أحد القطارات.
"أكثر قوة"
ويرى مراقبون أن هذا التزامن في إجراء الانتخابات في اليونان، يسمح بحكومات أكثر قوة وتفويضا، ما يمكن أن يفتح باب القرارات الصعبة في ملف العلاقات الصعبة بين أنقرة وأثينا.
وتأرجحت العلاقات بين تركيا واليونان لسنوات طويلة، على خلفية الخلافات حول شرق البحر الأبيض المتوسط والمهاجرين وليبيا، فضلا عن التوتر المتصاعد حول الصراع التاريخي في بحر إيجه.
وسبق أن أعلنت أثينا أنها لن تتراجع خطوة إلى الوراء في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط، وعرضت مطالبها بشأن جزر بحر إيجة بشكل أكثر حسماً.
فيما ردت أنقرة حينها على ذلك بتصريحات تمسكت خلالها بمعاهدة لوزان، ما عكس رغبة تركية في عدم التراجع خطوة واحدة أمام أثينا.
لكن بعد زلزال كهرمان مرعش، ووصول فرق البحث والإنقاذ من اليونان، فضلا عن زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس لتركيا، ثارت تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوات نقطة تحول جديدة في العلاقات بين البلدين.
وبعد الزلزال مباشرة، زار وزير خارجية اليونان، نيكوس ديندياس، إلى تركيا لمؤازرتها بعد الزلزال، وكان في مقدمة مستقبليه نظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
وفي مؤتمر صحفي أعقب اللقاء، أكد وزير الخارجية التركي، أن بلاده ستطبع علاقاتها مع اليونان "رغم تباين وجهات النظر بين البلدين".
من جانبه، قال وزير الخارجية اليوناني: "نقف إلى جانب الشعب التركي لتجاوز كارثة الزلزال"، مضيفا: "لا نريد أن ننتظر أي زلزال آخر لتطبيع علاقاتنا مع الجارة تركيا".