الدفن الأخضر.. هكذا يتحول الموت لصناعة صديقة للبيئة
سعيا للمساهمة في إنقاذ مستقبل الكوكب، لوحظت بعض العادات القديمة التي بدأت في العودة للظهور من جديد في بعض المدن الأمريكية.
هذه العادات، يحاول من خلالها المواطنون، تقديم مستقبل أفضل للكوكب، على الرغم من غرابتها في الوقت الحالي، فإنها في الماضي، كانت من العادات التقليدية المتبعة والمنتشرة بين الأفراد، ومنها عادة الدفن الأخضر.
ما هو الدفن الأخضر؟
في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدا في حقبة عام 1860، جرت العادة أن يطلب المتوفى قبل وفاته من أسرته أو مشيعيه، أن يقوموا بدفنه بطريقة طبيعية، لا يعتمد بها على نظام التحنيط المتبع حاليا لحفظ جسد المتوفى فيما بعد الدفن.
وهذه الطريقة، التي تعرف الآن باسم طريقة الدفن الأخضر، كان من خلالها يتم دفن جسد المتوفى في كفن أو صناديق قابلة للتحلل مصنوعة من الخشب أو الخيزران أو الكرتون، ولا يسمح بالتحنيط أو بطانات القبور أو شواهد القبور البارزة، وهو ما تجري عليه العادة في المجتمعات الغربية عند مراسم الدفن في الوقت الحالي.
والآن، تزايد من جديد عدد المقابر التي تتيح أسلوب الدفن الأخضر في المدن الأمريكية، بهدف رغبتها في استعادة ازدهار الحياة البرية، وبعض المنظمات تسعى لتكوين مدافن في المناطق الحضارية بهذا الأسلوب، حتى تقدم للمجتمعات حدائق جديدة، تنشأ عن طريق تفاعل تحلل أجساد المتوفين مع التربة.
طفلة أرادت أن تصبح شجرة
وتسرد واشنطن بوست، قصة لطفلة كانت من ضمن الحالات المتزايدة حاليا في الولايات المتحدة، التي سعت لأن تتم مراسم دفنها بأسلوب الدفن الأخضر.
هي فتاة تدعى "ميا زين"، عانت من نوع نادر من سرطان العظم، توفيت في سن الـ17، وطلبت من والدها، "كريس زين" أن تتحول لشجرة بعد وفاتها.
وكان من ضمن الأماكن التي توجه لها الوالد للقيام بمراسم دفن وفق وصية ابنته، منطقة مقابر " سيرنتي ريدج" الطبيعية في مقاطعة بلتمور الأمريكية.
في هذه المقبرة، وجد مساحة قال عنها مثالية لتنفيذ خطة الدفن بهذا الأسلوب لابنته، ووصف المنطقة بأنها كانت تشبه مساحة خضراء اعتاد أن يقوم بالتنزه بها معه.
وتقول "واشنطن بوست"، إن أسلوب الدفن الطبيعي في الولايات المتحدة، يشهد تزايد ملحوظ في السنوات الأخيرة، تلبية لرغبات من وصفتهم الصحيفة الأمريكية بأصحاب الوعي البيئي.
والطريقة التي دفنت بها ميا، استخدم بها تابوت سهل التحلل بعد الوفاة، مدعم بأغماد قطنية، وقال والد الطفلة الراحلة إن العديد من الحاضرين لجنازتها انبهروا من هذه الطريقة، مؤكدين عدم علمهم بإتاحة مثل هذه الأساليب في الدفن من الأساس.
جدير بالذكر أن أسلوب الدفن الأخضر، أو ما يعرف أيضا بالدفن البسيط، بالاعتماد على دفن الجسد فقط مع كفن، كان أسلوب متبع بشكل كبير في الولايات المتحدة حتى فترة الحرب الأهلية، حيث تم اعتماد تحنيط أجساد المتوفين من الجنود قبل الدفن بأمر من الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن، حتى تتم إعادة أجسادهم لمنازلهم سالمة، وأصبح هذا الأسلوب بعد ذلك هو الشائع في مراسم الدفن في الولايات المتحدة، على مدار قرن كامل من الزمان، باتباع أسلوب التحنيط والدفن في توابيت فاخرة، وتدعيم محيط القبر بألواح تحمي الجسد.