خوف وتحد في جوام.. "طرف رمح" أمريكا في مواجهة نووي بيونج يانج
شعور من الخوف والتحدي امتزجت به وجوه سكان جزيرة جوام الأمريكية التي تواجه استهداف كوريا الشمالية وسط قلق من انهيار السياحة
شواطئ الرمال البيضاء والمياه الصافية والسحب الزرقاء المشمسة وأشجار النخيل، كلها علامات تدل على جزيرة سياحية ملائمة لقضاء عطلة بعيدا عن مشكلات العالم، إلا إذا كانت هذه الجزيرة هي "جوام" الأمريكية.
تقع جزيرة جوام، التي تواجه خطر ضربة نووية بـ4 صواريخ بالستية أعلنتها كوريا الشمالية، على بعد 9700 كيلومتر من الأراضي الأمريكية، فهي أقرب جغرافيا إلى آسيا.
وتمتزج وجوه سكان جوام بالخوف والتحدي بعد التهديد الكوري الشمالي؛ حيث بدأ بالفعل بعضهم في تخزين المواد الأساسية التي قد يحتاجونها في حال تم استهدافهم، بينما يقول آخرون: "إذا ضربتنا كوريا الشمالية بالنووي، نتمنى أن ترد لهم أمريكا الضربة".
- إنفوجراف.. جزيرة جوام الهدف الأمريكي الثمين لكوريا الشمالية
- كوريا الشمالية تعرض لأول مرة ملامح خطتها لضرب "جوام" الأمريكية
ورغم أن السكان، الذين يبلغ عددهم نحو 162 ألف نسمة، يكنون انتماء شديدا للولايات المتحدة، لكنهم يشعرون بشكل دائم أنهم منسيون أو يتم تجاهلهم من قبل بقية الدولة، حسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وتمثل الجزيرة الصغيرة مركزا حيويا للجيش الأمريكي؛ حيث تستضيف قاذفات أمريكية استراتيجية قادرة على حمل أسلحة نووية، كما أنها كانت محتلة من اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت قاعدة إطلاق لهجمات التفجير خلال حرب فيتنام.
لكن في تاريخها الأكثر حداثة، أصبحت جوام قبلة سياحية مهمة، ما جعلها تعتمد على القطاع في اقتصادها، ما قلّل بدوره من أهمية الجيش الأمريكي كشريانها الاقتصادي الحاسم، حيث تقود السياحة نحو 60% من اقتصاد جوام، بينما تأتي الـ30% الأخرى من تواجد قوات الجيش الأمريكي.
وقال حاكم جوام، إيدي بازا كالفو، للصحيفة، إن الأسلحة والسياحة يقودان اقتصاد الجزيرة، موضحا أن جوام هي قبلة للناس الذين يعيشون في دول آسيا ذات الاقتصاد المتنامي ويريدون الخروج من المدن المزدحمة إلى أماكن ذات شواطئ وأشجار من أجل العطلات، مضيفا أن الجانب الآخر هو الأسلحة كون الجزيرة أرضا أمريكية في مكان استراتيجي للغاية.
وحذر كالفو من أن استمرار هذه التهديدات بين أمريكا وكوريا الشمالية سيؤدي إلى تقليص السياحة في الجزيرة، وهو ما شهدته مرات عديدة في الماضي، مؤكدا أن حتى "قرع طبول الحرب لمدة طويلة دون وقوع شيء فعلا سيكون له تأثير سلبي".
وأشار كالفو إلى العام الذي تلى هجمات 11 سبتمبر في نيويورك الأمريكية، وعام الغزو الأمريكي للعراق وتفشي مرض "سارس" في 2003، بأنها فترات شهدت فيها السياحة على الجزيرة تراجعا ملحوظا.
ويستعد المسؤولون في جزيرة جوام لصفعة أخرى قد تضعف قطاع السياحة الأساسي لاقتصادها بعد التهديد النووي، الذي استجاب له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحذير لزعيم كوريا الشمالية كيم يونج بأنه "سيندم إذا هدد أمريكا مجددا".
ويزور جوام سنويا نحو 1.4 مليون سائح من اليابان وكوريا الجنوبية فقط، بينما يقطن الجزيرة 13 ألف جندي ومسؤول بالجيش الأمريكي مع عائلاتهم، حيث تمتلك القوات البحرية والجوية الأمريكية نحو ثلث الجزيرة.
ولم يبلغ المسؤولون عن الجولات السياحية في جوام عن أية إلغاءات ضخمة في الحجوزات بعد، لكنهم أبدوا مخاوفهم من أن يقود المناخ المتوتر السياح اليابانيين والكوريين إلى وجهات سياحية أخرى.
وأعرب المتحدث باسم المجلس التشريعي لجوام، بنيامين كروز، عن قلقه من أن تتلقى شعوب اليابان وكوريا الجنوبية التهديد الكوري الشمالي بجدية، مستنكرا أن ترامب ينظر للجزيرة على أنها مركز للجيش وليست مجتمعا مزدهرا لمواطنين أمريكيين.
ورغم أن جوام تم وصفها مرارا بأنها "طرف الرمح" نظرا لموقعها الاستراتيجي، إلا أن رؤوساء الولايات المتحدة تعاملوا معها على أنها ترانزيت لتقف الطائرة الرئاسية لتموينها بالوقود بدلا من خط الدفاع الأول عن الأراضي الأمريكية.