خنجر جديد.. هل تشبع دم جوارديولا بـ"سم الانهيار الأوروبي"؟
يعيش بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، واحدة من أسوأ اللحظات في مسيرته بعدما فشل في بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا.
ولم يستطع جوارديولا قيادة مانشستر سيتي الإنجليزي لاجتياز عقبة ريال مدريد الإسباني بعدما تعرض للخسارة في إياب نصف النهائي بنتيجة 1-3، ليفشل في استغلال تقدمه حتى نهاية الوقت الأصلي 1-0.
ليس لأنه أمر غير عادي، فالانهيار في غضون ثوان لم يعد أمرا غريبا بالنسبة لبيب جوارديولا، المدرب الذي اعتاد الخروج في السنوات الأخيرة من الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا في لحظات من الجنون.
دائما ما يقف التوفيق أمامه في تلك اللحظات.. نعم، فالمدرب الأكثر منهجية في عالم كرة القدم دائما ما يفشل في لحظات لا معنى لها من التقلبات التي تخلقها الساحرة المستديرة، حيث صرح المدرب الإسباني عقب المباراة "كرة القدم لعبة لا يمكن توقع أي شيء فيها، علينا تقبل الأمر".
وهو في لحظات من الذهول، لأن أكثر رياضة يحقق فيها نجاحات ويظن أنه نجح في إيجاد مفتاح لكل أسرارها، وجهت له طعنة أخرى.
حدث هذا في سانتياجو برنابيو، حينما حافظ مانشستر سيتي على شباكه نظيفة وكذلك بعد تفوقه ذهابا في ملعب الاتحاد 4-3، قبل أن يوقع نجمه الجزائري رياض محرز على الهدف الأول له أيضا (ق73) ليظن الجميع أن "السيتيزنز" حسموا التأهل خاصة مع زيادة ضغطهم من أجل تسجيل هدف ثان في الربع ساعة الأخيرة.
لكن الحال انقلب رأسا على عقب في دقيقتين حينما نجح البديل البرازيلي رودريجو في تسجيل هدفين للريال في الدقيقتين 90 و90+1، ليخوض الفريقان شوطين إضافيين ينجح خلالهما النجم الفرنسي كريم بنزيمة في تسجيل هدف الميرينجي الثالث وقيادته للتأهل للنهائي لمواجهة ليفربول، بعد فوزه (6-5) في مجموع المباراتين.
سيناريو متكرر
تكرر الأمر كثيرا في مسيرة "الفيلسوف" منذ رحيله عن برشلونة في 2012 بعد الفوز معه بدوري الأبطال مرتين في موسمي 2008-2009 و2010-2011.
ففي عام 2020، الذي شهد إقامة الأدوار الإقصائية في بطولة مصغرة بالبرتغال، تواجه سيتي في ربع النهائي مع أوليمبك ليون الفرنسي، في قرعة أثارت سعادة الفريق الإنجليزي.
وأدرك المان سيتي آنذاك أنه -على عكسه توقعه- اصطدم بمنافس قوي حيث ساد التعادل 1-1 حتى خطف موسى ديمبيلي هدفين للفريق الفرنسي في الدقائق الـ10 الأخيرة، ليقوده إلى نصف النهائي ويطرد السيتي خارج البطولة.
وفي الموسم السابق له، وقبل انتشار وباء كورونا، انهار سيتي في ربع النهائي أمام توتنهام في 3 دقائق، احتاجها الكوري الجنوبي هيونج مين سون ليحقق الانتفاضة في لقاء الإياب ويقلب الطاولة بعد تقدم رحيم سترلينج بهدف.
ولاحت الإمكانية للسيتيزنس للريمونتادا، لكن هدف فرناندو يورنتي، الذي يتذكره دائما جوارديولا بأنه جاء من لمسة يد، أطاح بالسيتي خارج البطولة.
وشهد لقاءا الذهاب والعودة وقتها إثارة كبيرة حيث أهدر سرجيو أجويرو ركلة جزاء للسيتي في ملعب توتنهام، ليخسر بهدف دون رد لهيونج مين سون، الذي قلب تأخر فريقه في ملعب الاتحاد ويقلب الطاولة ويتقدم بهدفين 1-2، قبل أن يستفيق السيتي مجددا ويسجل 3 أهداف ليتفوق 4-2 ، إلا أن هدف يورنتي القاتل في الربع ساعة الأخيرة حسم الأمور وقتها لـ"السبيرز" الذين خسروا النهائي أمام ليفربول بهدفين لمحمد صلاح وديفوك أوريجي.
وبالعودة للخلف أكثر وفي نسخة 2018، ودع سيتي البطولة من ربع النهائي أيضا، على يد ليفربول، الذي حسم مسألة تأهله بسيل من الأهداف في أول نصف ساعة من لقاء الذهاب عبر صلاح وتشامبرلين وساديو ماني، ليفوز ذهابا بثلاثية دون رد، قبل أن يفشل السيتي إيابا في الاستفادة من هدف جابرييل جيسوس المبكر (ق2) وينجح صلاح في معادلة الكفة ثم يسجل فيرمينو هدف الفوز مجددا لأبناء المدرب يورجن كلوب.
وفي أول مواسم جوارديولا مع سيتي في 2017 ودع فريقه البطولة من دور الـ16 على يد موناكو الفرنسي، الذي كان يضم في صفوفه راداميل فالكاو وكيليان مبابي، لكن السيتي كان المرشح الأوفر للفوز، وهو ما فشل في تحقيقه.
فرغم الفوز الكبير لمان سيتي ذهابا في ملعب الاتحاد 5-3، في لقاء تألق فيه فالكاو وسجل هدفين وأضاف مبابي الهدف الثالث، إلا أن الفريق خسر في معقل موناكو، لويس الثاني، 3-1 بأهداف لمبابي وفابينيو وباكايوكو، ليودع البطولة.
وكذلك في حقبة جوارديولا مع بايرن ميونخ الألماني، كان الفريق قريبا من بلوغ نهائي البطولة في أكثر من مناسبة، لكنه اصطدم ببرشلونة في نصف نهائي 2015 وودع البطولة بفضل تألق الثلاثي ليونيل ميسي ولويس سواريز ونيمار.
وجاءت خسارة الفريق البافاري في 14 دقيقة كارثية، حيث افتتح ميسي التسجيل (ق77) وأعقبه هدفا ثانيا بعدها بثلاث دقائق قبل أن يختتم نيمار الثلاثية في لقاء الذهاب في الوقت المحتسب بدلا من الضائع، ليفشل بايرن في قلب الطاولة ببرلين ويفوز 3-2 لكن دون جدوى.
وكانت هذه ثاني مناسبة يودع فيها بايرن البطولة من نصف النهائي بعد نسخة 2014 التي تبقى فيها هزيمة مخزية على ملعبه أمام ريال مدريد 0-4 في الإياب، بفضل هدفين لكل من سرخيو راموس وكريستيانو رونالدو، بعد خسارته أيضا لمواجهة الذهاب في مدريد بهدف دون رد لكريم بنزيما.
وبعدها أيضا ودع بايرن البطولة تحت قيادة جوارديولا في نصف النهائي بموسم 2015-2016، حينما سقط أمام أتلتيكو مدريد بهدف نظيف ذهابا وعانى إيابا ليفوز 2-1، لكنه ودع البطولة بسبب قاعدة احتساب الهدف خارج القواعد بهدفين حال التساوي في مجموع اللقاءين.
خنجر آخر يتلقاه جوارديولا في مسيرته المرصعة بالألقاب، في رياضة كرة القدم التي لطالما سعى لفك شفراتها، لكنها دائما ما تخبئ الكثير من الأسرار.
ولن يجد جوارديولا أبدا في كتب الفنون التكتيكية لكرة القدم ردا على أسباب "ريمونتادا" ريال مدريد، كما أنه لم يتعلم مطلقا من الانهيارات المتتالية له في التشامبيونز ليج، لأنه لا يمكن أبدا التعلم مما لا يمكن كتابته، فـ"هذه هي كرة القدم" مثلما يقول جاري لينيكر نجم منتخب إنجلترا السابق واللاعب السابق لليستر سيتي وتوتنهام وإيفرتون وبرشلونة.