"خليجي 37".. قفزة على طريق الاتحاد
قادة الخليج، وضعوا خلال قمتهم دليلا جديدا على إرادة سياسية للانتقال من إطار التعاون إلى الاتحاد
خلف الرسائل السياسية الواضحة للبيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها في العاصمة البحرينية، المنامة، بدت الإجراءات الأقل جلباً للاهتمام هي الأكثر دلالة على المستوى الإستراتيجي.
فقادة الخليج العازمون على بناء شراكة مصيرية، وضعوا خلال قمتهم دليلاً جديداً على إرادة سياسية للانتقال من إطار مجلس التعاون إلى الاتحاد الخليجي، وهو تطور تفرضه التحديات القائمة على الساحة الإقليمية، بحسب مراقبين.
وأشار البيان الختامي للقمة إلى عزم قادة الخليج العمل على تشكيل شبكة من وسائل الاتصال والمواصلات الحديثة بين دولهم، لكن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام كان التأكيد على أن تلك الشبكة "تحكمها قوانين موحدة لدعم عملية تنموية شاملة". وتحدث البيان أيضاً عن توحيد أسس مناهج التعليم بمراحله المختلفة في دول الخليج.
وأكد البيان على الاستمرار في التعاون بين دول الخليج بجميع المجالات الاقتصادية والتنموية وصولاً إلى التكامل المستدام للدول الأعضاء، مع الإشارة إلى المضي قدماً باتجاه السوق المشتركة والاتحاد الجمركي.
ورغم تأكيد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن اللحظة الراهنة كانت جديرة بالإقدام على إعلان الاتحاد كخيار تفرضه اللحظة التاريخية الحرجة، إلا أنه يعزو إرجاء تلك الخطوة للغموض الذي فرضته ضبابية الموقف الأمريكي تجاه قضايا المنطقة.
ويقول نافعة لـ"العين" "ربما المواقف المتضاربة التي أبدتها الإدارة الأمريكية الجديدة خلال الفترة الماضية، واحتمالات تغير سياسات واشنطن تجاه المنطقة بزاوية 180 درجة أدت في النهاية إلى تأجيل الإعلان عن اتخاذ الخطوة الحاسمة لبناء اتحاد فوق قومي أراه الخطوة الوحيدة الجادة لمجابهة واقع معقد".
وكانت الأنظار قد تعلقت بأعمال القمة في المنامة في انتظار الإعلان عن خطوة حاسمة، في ضوء تأكيد وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد آل خليفة، على أن ملف الاتحاد الخليجي سيكون حاضراً على جدول أعمال القمة.
وقال الدبلوماسي المصري رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه "كان من اللافت الإعلان عن رغبة مجلس التعاون الخليجي في تحقيق هذه الخطوة خلال قمته، لكن على ما يبدو لا تزال هناك حاجة لمزيد من التنسيق".
ولفت السفير حسن، وهو عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى إشارات سابقة طرحت قبل أكثر من عامين بشأن إنشاء جيش موحد، وكذلك الحديث عن توحيد العملة، وهي أمور تحتاج إلى مزيد من التحضيرات.
لكن رخا أشار أيضاً إلى الرسائل السياسية التي خرجت عن القمة، بشأن إدانة دول المجلس محاولات إيران لتسييس الحج، واستنكارهم التدخلات الإيرانية المستمرة في انتهاك سيادة دول المنطقة العربية.
وشارك قادة دول الخليج العربي في القمة الخليجية بحضور غير مسبوق لرئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، واتفقوا على تعزيز الشراكة الإستراتيجية فيما بينهم لمواجهة التهديدات الإيرانية للمنطقة، والإرهاب، والتحديات المشتركة.
وقال نافعة إنه "رغم الرسائل الرمزية لمشاركة بريطانيا الساعية لإثبات أنها لا تعاني من عزلة بعد قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، ربما لن تكون بريطانيا بديلاً للولايات المتحدة الأمريكية".
وأعلنت رئيسة وزراء بريطانيا أن المملكة المتحدة تعتزم تعزيز التعاون الدفاعي مع دول الخليج لمواجهة التهديدات الإيرانية، والإرهاب، والتحديات المشتركة.
وقالت ماي في كلمتها أمام القمة إننا "نواجه مع دول الخليج تحدياً أمنياً مشتركاً لمواجهة الإرهاب، ونحقق تقدماً كبيراً في الحرب ضد داعش وأمن الخليج هو أمننا".
وأضافت ماي أن بريطانيا تنسق بشكل مستمر مع دول الخليج لمواجهة التحديات المشتركة، مؤكدة أن المملكة المتحدة "ستكون في طليعة كل جهد للدفاع عن استقرار شركائنا".