كيف تخطت بنوك الخليج تداعيات كورونا؟.. الإمارات نموذجا
لا تزال بيئة العمل مواتية لتحقيق بنوك الخليج أداء ماليا أفضل من البنوك الأخرى حول العالم، بفضل الملاءات المالية العالية التي تمتلكها.
وفي وقت سابق من العام الجاري، قالت وكالة التصنيف الدولية ستاندرد آند بورز، إن البنوك الخليجية لديها قدرة قوية على تجنب الصدمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة فيروس كورونا، وذلك بفضل وفرة المعروض من الاحتياطيات النقدية.
وبحسب الوكالة، فإن بنوك منطقة الخليج قادرة على امتصاص الخسائر في الائتمان الجديد، والتي قد تصل إلى 36 مليار دولار قبل بدء استنفاد القواعد الرأسمالية، مما يضعها في مكانة قوية تمكنها من مواجهة السلبيات.
- ما بين الاستحواذ والتوسع.. رحلة البنوك الخليجية في مصر
- إيكونوميست: اندماجات مصرفية متوقعة في الإمارات
وأوضحت الوكالة أن القطاع المصرفي في منطقة الخليج قادر أيضا على امتصاص الصدمات المالية المقدرة بـ 2.7 مرة حجم متوسط الخسائر الائتمانية السنوية، حيث يمتلك احتياطيات نقدية وفيرة ستساعده على مواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي كورونا.
وتظهر أرقام القطاع المصرفي الإماراتي على سبيل المثال، أن البنوك كافة وقفت إلى جانب الشعب الإماراتي والمقيمين فيه، لمواجهة التحديات التي يفرضها تفشي فيروس كورونا على الصحة العامة والاقتصاد.
وفي الأسابيع الأولى من تفشي جائحة كورونا، أعلن المصرف المركزي عن حزمة تحفيز بقيمة 260 مليار درهم لدعم الاقتصاد من خلال القطاع المصرفي؛ يشمل 50 مليار درهم لتخفيف احتياطي رأس المال.
كما يشمل دعم تمويل بدون تكلفة بقيمة 50 مليار درهم، وتخفيف احتياطي السيولة بقيمة 95 مليار درهم، ومتطلبات تخفيض الاحتياطيات النقدية بقيمة 61 مليار درهم للقطاع المصرفي.
وعلى الرغم من المبلغ الكبير المقدم على شكل تحفيزات، واصلت البنوك الإماراتية أداءها خلال الشهور الماضية من العام الجاري، وحققت نتائج مالية أفضل بكثير من عديد البنوك العالمية في الاقتصادات المتقدمة.
في تصريحات سابقة له، قال رئيس مجلس إدارة المشرق ورئيس اتحاد مصارف الإمارات، عبد العزيز الغرير، إنه في مواجهة الأزمة الوبائية الحالية، فإن الربحية ليست الشغل الشاغل للقطاع المصرفي الإماراتي.
وذكر الغرير في تصريحات صحفية له، أن "هدفنا الرئيسي هو الحفاظ على اقتصادنا في صحة جيدة، ودعم عملائنا في ظل التحديات الحالية؛ وبمجرد تحقيق هذا الهدف، ستتبع الأرباح تلقائيا".
دفعة قوية
كذلك، من المتوقع أن تحصل البنوك العاملة في دول الخليج والإمارات على وجه الخصوص، على دفعة قوية من تحسن أسعار النفط من جهة، وعودة تدريجية للسياحة الأجنبية الوافدة من جهة أخرى.
وبدأت عديد من الدول حول العالم تقديم لقاحات لمواطنيها ضد فيروس كورونا، وسط مؤشرات على عودة الحياة تدريجيا كما كانت قبل مارس/ آذار 2020، بحلول نهاية الربع الأول من العام المقبل.
أمس الخميس وصلت أسعار النفط الخام لأعلى مستوى لها في 9 شهور عند 51.6 دولارا للبرميل، وعلى الرغم من أن النفط ليس مصدر الدخل الأبرز لبلد متنوع المصادر مثل الإمارات، إلا أن يظل عامل ثقة لعديد من القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
وتعززت الثقة لدى البنوك في الإمارات على سبيل المثال، من تصريحات لمصرف الإمارات المركزي مؤخرا، قال فيها إن القطاع المصرفي في الدولة يمكنه تحمل أي حجم من الصدمات، حيث تتمتع البنوك برسملة جيدة.
وفي حين أن جائحة فيروس كورونا تشكل تحديات للبنوك، "تُظهر اختبارات الإجهاد التي أجريناها أن القطاع المصرفي الإماراتي قادر على تحمل الصدمات المالية الكلية بأي حجم"، بحسب البنك المركزي الإماراتي.
وبلغ معدل كفاية رأس المال بين البنوك الإماراتية 16.9% بنهاية مارس/ آذار الماضي، وبلغ معدل الأصول السائلة المؤهلة 16.6% بنهاية مايو/ أيار الماضي، أي "تجاوز بكثير الحد الأدنى من المتطلبات التنظيمية".
وحلت دولة الإمارات في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء كوفيد-19 الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول.
وحسب نتائج المؤشر التي تغطي 122 دولة، جاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية، مدعومة بالعديد من العوامل وعناصر القوة التي يأتي في مقدمتها النظام المؤسسي القوي، والقدرات الرقمية العالية لمختلف القطاعات.
متانة القطاع المصرفي الإماراتي
كذلك، ما يعكس متانة القطاع المصرفي الإماراتي، هو قفزة في إجمالي موجودات 10 بنوك وطنية بالدولة إلى 2.681 تريليون درهم في نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بنمو نسبته 11.4% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2019.
ويعكس النمو الكبير في موجودات البنوك الوطنية الملاءة المالية القوية التي تحوزها مقارنة مع نظيرتها في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، مما يرسخ المكانة الريادية القطاع البنكي الإماراتي .
وشملت قائمة البنوك التي أفصحت عن بياناتها المالية، كلا من بنك أبوظبي الأول، بنك أبوظبي التجاري، بنك الإمارات دبي الوطني، بنك دبي الإسلامي، رأس الخيمة الوطني، الفجيرة الوطني، الشارقة الإسلامي، دبي التجاري، أم القيوين الوطني، الإمارات الإسلامي.
أما على مستوى التسهيلات الائتمانية لذات البنوك، فقد نمت بنسبة 5% مرتفعة الى 1.47 تريليون درهم في نهاية سبتمبر من العام الجاري مقارنة مع 1.4 تريليون درهم في الشهر ذاته من العام 2019.