«قرقيعان.. قرنقعوه».. دول الخليج تحتفي بليلة النصف من رمضان

احتفالات تراثية مبهجة تشهدها دول الخليج هذه الأيام احتفاء بليلة النصف من رمضان.
احتفالات تقيمها الأسر لتكريم الأطفال على إتمام صيام نصف شهر رمضان ولتشجيعهم على الاستمرار والمواظبة على صيام النصف الباقي منه.
وتختلف مسميات الاحتفال بتلك الليلة، من دولة إلى أخرى فتسمى "القرقيعان" في الكويت وفي الجانب الشرقي من السعودية، و"القرنقعوه" في قطر، و"القرقاعون" في البحرين، فيما يطلق عليها أهل عمان اسم "القرنقشوه".
وعادة ما تقام احتفالات بتلك المناسبة خلال ليالي 13 و14 و15 من شهر رمضان، أما في دولة الإمارات فتسمى تلك الاحتفالات "حق الليلة"، وتكون هذه الليلة في النصف من شعبان، وتقام احتفاءً بهذه الليلة وابتهاجا بقرب موعد حلول شهر رمضان الفضيل.
وفي ليلة "القرنقعوه" يخرج الأطفال بالملابس التقليدية ذات الطابع الخليجي الخاص، ويحملون معهم الأكياس، وتنطلق مواكب الأطفال، يطرقون أبواب الحي، وتصدح حناجرهم بأهازيج الفرح، ليعودوا محملين بالمكسرات والحلوى والهدايا.
ورغم كونها عادة تراثية قديمة، إلا أن أهل الخليج، ما زالوا متمسكين بإحيائها، وإن أخذ الاحتفال طابعاً أكثر عصرية، وأضحت الاحتفالية عادة تحرص المؤسسات الحكومية والخاصة على إحيائها.
وشهدت هدايا ”القرقيعان“ تطورًا ملحوظًا عبر الزمن، فبعد أن كانت تقتصر على المكسرات والحلويات البسيطة، أصبحت تضم تشكيلة متنوعة من الهدايا، كما أصبح يباع في المتاجر صناديق فاخرة تحمل باقات من الحلوى المنوعة، وبأسعار باهظة، لكي يتبادلها الأصدقاء والأهل بهذه المناسبة.
مدارس الكويت تحتفل
وللاحتفاء بتلك المناسبة، احتفلت مدارس وزارة التربية بالكويت الخميس بـ"القرقيعان"، حيث ارتدي الأطفال أزياء شعبية مبهجة بديعة الألوان والأشكال خاصة لهذه المناسبة.
يأتي ذلك في إطار حرص مدارس وزارة التربية الكويتية على غرس التراث الأصيل في ذاكرة الأجيال وإدخال الفرحة في نفوس الطلبة من خلال توزيع الحلويات.
وجاءت تسمية "القرقيعان" في اللهجة الكويتية من صوت (قرقعة الطبول) التي يستخدمها الصغار احتفاء بهذه المناسبة.
احتفالات البحرين
وفي إطار حرصها على إحياء الموروث الشعبي وتعزيز الروابط المجتمعية، أعلنت وزارة شؤون الشباب بالبحرين، عن تنظيم فعالية "بست السعادة" للاحتفال بليلة القرقاعون، في يومي الجمعة والسبت، 14 و15 مارس/ آذار الجاري.
وستنطلق حافلة "بست السعادة" يوم الجمعة في محافظتي المحرق والعاصمة، وستجول المحافظة الشمالية والجنوبية يوم السبت، لتوزيع القرقاعون والهدايا على الأطفال والعائلات، برفقة مجموعة من المتطوعين، لنشر أجواء البهجة والفرح بين الأطفال والشباب والعائلات.
ويترقب الأطفال والشباب والعائلات مرور "بست السعادة" سنويًا لما تحمله من مفاجآت وهدايا قيمة ومميزة، إذ حرصت وزارة شؤون الشباب هذا العام، على تقديم تجربة استثنائية تعكس روح التراث البحريني في أجواء احتفالية تغمرها العادات والتقاليد الأصيلة، لتعزيز ارتباط الأجيال الناشئة بالموروث الشعبي.
بدورها، أقامت المحافظة الشمالية في البحرين الخميس فعالية "مهرجان القرقاعون" السنوي ، بحضور علي عبدالحسين العصفور محافظ المحافظة الشمالية، وسط مشاركة واسعة من الأهالي.
وأشار محافظ المحافظة الشمالية إلى أن هذه الفعالية تأتي ضمن حزمة البرامج والأنشطة التي تنظمها المحافظة خلال شهر رمضان المبارك تحت شعار "رمضان شراكة وتكافل"، مضيفًا أن مهرجان القرقاعون يهدف إلى إحياء الموروث البحريني الأصيل، وهو أحد مكونات الشخصية البحرينية التي تركز على الهوية الوطنية لتعزيز الانتماء وترسيخ قيم المواطنة.
وشهدت الفعالية حضور أعداد غفيرة من الأطفال وأهاليهم من كافة المناطق، حيث شاركوا وتفاعلوا مع فقرات المهرجان التي شملت مسابقات وجوائز منوعة وفقرات ترفيهية، فيما تم تكريم الجهات الداعمة والمتعاونة وتوزيع القرقاعون والهدايا على الأطفال.
أجواء تراثية بالسعودية وعمان
وضمن احتفالات السعودية بتلك المناسبة، أحيا حي الرابية بمدينة الظهران ليالي القرقيعان، حيث ارتدى الأطفال أزياءهم الشعبية الملونة، وانطلقوا في أرجاء الحي حاملين أكياسهم، مرددين الأهازيج التراثية، في تقليد سنوي يجسد أواصر المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع.
بدورها دعت دائرة البلدية بصحار في سلطنة عمان للمشاركة في فعالية القرنقشوه التي تنظمها مساء اليوم الجمعة.
كما نظمت عدد من المداراس احتفالات بتلك المناسبة.
ويخرج أطفال عمان في تلك الليلة وهم في أبهى حلة مرتدين الملابس العُمانية التقليدية في مجموعات لزيارة المنازل والتنقل عبر الحارات وهم ينشدون الأناشيد الشعبية المستوحاة من التراث العُماني الأصيل ويستقبلهم أصحاب المنازل بالحلويات والهدايا.
يأتي الاحتفال بـ"القرنقشوه" حرصا على إحياء العادات العمانية القديمة وتعليم الأطفال بأهمية التراث العُماني والحفاظ عليه جيلًا بعد جيل.
أهازيج قطر
أيضا يعد الأطفال في قطر، محور احتفاء المجتمع بتبك الليلة التي تسمى ليلة القرنقعوه في قطر.
ويتبارى الأطفال في ارتداء أجمل الثياب التراثية، فرحا بانقضاء نصف الشهر الفضيل، واستعدادا لعيد الفطر السعيد.
ويخرج الأطفال من عصر يوم 14 رمضان، احتفالا بمرور نصف الشهر، واستعدادا للعشر الأواخر، حيث يمرون على البيوت، ويرددون الأهزوجة المعروفة "قرنقعوه.. قرقاعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة، عطونا من مال الله.. يسلم لكم عبدالله، عطونا دحبة ميزان يسلم لكم عزيزان.. يا بنية يا الحبابة.. أبوك مشرع بابه.. باب الكرم ما صكه ولا حط له بوابة".
وتساهم هذه العادة التراثية بشكل كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية بين الأطفال والجيران، كما تمنح الأطفال ثقة في أنفسهم وبناء شخصيتهم، وتعريف الأجيال الناشئة بالعادات التراثية التي تبث روح المودة والألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، وتحافظ على التآخي والتواصل والتعاضد وصلة الرحم.