أمن غذائي مُحكم.. الخليج يجني ثمار تطوير الزراعة والإمداد
نجحت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عبور تحدي الأمن الغذائي بكفاءة بالغة رغم الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في العالم
نجحت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عبور تحدي الأمن الغذائي بكفاءة بالغة، رغم الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في أنحاء العالم وتسببها في تعطيل بعض سلاسل الإمداد وتقييد حركة التصنيع والسفر والنقل.
النجاح الخليجي عبّرت عنه الجهات المختصة في دول الخليج بعد إعلانها التوافر التام لجميع السلع الأساسية، بل الاعتماد على احتياطيات هائلة من المخزونات التي تضمن الأمن الغذائي لفترات طويلة قادمة.
- مريم المهيري: الإمارات تقود جهود المنطقة لتعزيز الأمن الغذائي
- مريم المهيري من دافوس: الإمارات مختبر عالمي في مجال الأمن الغذائي
ولم يكن هذا النجاح ليتحقق لولا أن قضية الأمن الغذائي وتوافر السلع كانت دوما على رأس أجندات العمل في دول المجلس على مدار السنوات الماضية، ما انعكس في استثمارات ضخمة تتبنى تقنيات الزراعة الحديثة منخفضة الاستهلاك للمياه والطاقة، فضلا عن تأسيس سلاسل إمداد واسعة الأذرع، وتحديث شبكات التصنيع والتوزيع وتعزيز عدد الشركاء التجاريين.
مراكز متقدمة على مؤشر الأمن الغذائي العالمي
وقبيل أزمة فيروس كورونا المستجد، كانت دول الخليج قد حظيت فعلا بتقدير عالمي نظرا لجهودها في توفير الأمن الغذائي، حيث يوضح تقرير مؤشر الأمن الغذائي العالمي الذي صدر في ديسمبر 2019، أن دول المجلس حازت على مواقع متقدمة جدا على المؤشر رغم أنها نسبيا لا تملك المناخ والأرض الخصبة والمياه الوافرة الموجودة في دول أخرى حول العالم.
ووفقا للمؤشر، قفزت الإمارات 10 مراكز إلى المركز 21 عالميا بعد أن حصدت 76.5 نقطة على المؤشر مقارنة بـ75.5 نقطة في عام 2018.
وبهذا الترتيب تفوقت الإمارات على دول كبرى عدة؛ من بينها إيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية.
وحازت الكويت على المركز الـ27 على نفس المؤشر بـ74.8 نقطة، مقارنة بـ71.6 نقطة في 2018، وتلتها السعودية في المركز الـ30 عالميا بـ 73.5 نقطة.
كما حلت عمان في المركز الـ46 عالميا بعد أن حصدت 68.4 نقطة في 2019 مقارنة بـ67.9 نقطة في 2018.
وبصفة عامة تصدرت دول الخليج جميع الدول العربية على المؤشر المعني بتوافر الغذاء حاليا وفي المستقبل.
وعلى هذا المؤشر كانت دولة الكويت صاحبة أكبر زيادة في معدل النقاط في العالم بعد أن زادت بنحو 3.2 نقطة في 2019 مقارنة بعام 2018.
جدير بالذكر أن مؤشر الأمن الغذائي العالمي يقيم العوامل المتعلقة بالقدرة على تحمل تكاليف الغذاء وتوافره وجودته عبر مجموعة من 113 دولة. ويتضمن المؤشر الرئيسي 34 مؤشرا فرعيا تقيس هذه العوامل الدافعة للأمن الغذائي في كل من البلدان النامية والمتقدمة.
ويصدر مؤشر الأمن الغذائي العالمي عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية وهي وحدة مستقلة في مجموعة الإيكونوميست للتنبؤ والاستشارات.
أمن غذائي مُحكم رغم مفاجأة كورونا
ورغم أن أزمة فيروس كورونا جاءت مفاجئة للعالم، فإن الرؤية التي تتبناها دول الخليج لاستباق الأزمات كانت وراء أدائها الثابت والمستقر في العمل وتوفير الإمدادات رغم أنها اتخذت إجراءات مشددة جدا لمحاصرة الفيروس.
ويتضح هذا بشكل خاص بالنظر إلى تصريحات مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة دولة في الإمارات والمسؤولة عن ملف الأمن الغذائي، والتي كشفت في نوفمبر 2019 (أي قبل الظهور العلني لفيروس كورونا) عن جهود مكثفة لدعم الأمن الغذائي.
وقالت "المهيري" إن الإمارات التي تتبنى "الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي" تستهدف الالتحاق بالدول العشر الأولى في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2021، كما تطمح إلى الوصول إلى المركز الأول في عام 2051.
وبالطبع، فإن الوصول إلى هذه المرتبة المتقدمة يتطلب عملا دؤوبا وجهدا استثنائيا، وكان على رأس تلك الجهود تبني سياسات تقنية حديثة في أساليب الزراعة.
وآنذاك، قالت "المهيري" إن الإمارات تهتم بشكل خاص بنظم الزراعة الحديثة من خلال العديد من المشروعات في جميع أنحاء الدولة، فضلاً عن الاهتمام بشكل خاص بنظم الاستزراع المائي، وهو ما أدى في النهاية إلى الارتقاء بالإنتاج الغذائي.
كما لفتت إلى أن نظم الزراعة المغلقة جاءت على رأس التقنيات المتبناة، حيث تعمل على تطبيق التكنولوجيا الحديثة لنمو الغذاء في بيئة تحاكي البيئة الطبيعة من خلال توفير الضوء الصناعي ونظم التهوية ونظام متكامل للإنبات الذي يصل في بعض الأحيان إلى نمو أصناف من الغذاء والمحاصيل دون الاعتماد على التربة ضمن ما يطلق عليه "الزراعة المائية".
الجهود الإماراتية في تطوير الزراعة تزامنت مع جهود أوسع على مستوى الخليج أيضا، حيث أبدت دول المجلس خلال السنوات الأخيرة اهتماماً واسعاً في تنمية القطاع الزراعي المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية.
ومن التطوير الزراعي إلى سلاسل الإمداد التي أتاحت لدول الخليج مساحة رحبة من البدائل لتوفير كل احتياجاتها الغذائية، فضلا عن الاستفادة من شبكة واسعة من الشركاء التجاريين حول العالم.
جهود جديدة لتعزيز انسيابية النقل الغذائي بين دول الخليج
وبالتوازي مع تلك الجهود، برز التعاون المشهود له بين دول الخليج كحلقة ضمان وأمان أساسية في التبادل والنقل، حيث يشهد نقل المواد الغذائية والسلع بين تلك الدول انسيابية كبيرة رغم الإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة كورونا.
ولتعزيز هذا التعاون؛ قدمت الكويت، الخميس، اقتراحاً بإنشاء شبكة أمن غذائي على مستوى الخليج العربي، على غرار الربط الكهربائي.
وبحسب بيان من وزارة التجارة الكويتية، تم اقتراح إنشاء خطوط سريعة في مراكز الجمارك لضمان انسيابية وعبور المنتجات الأساسية للمعيشة كالمواد الغذائية والطبية.
وجاء الاقتراح على هامش الاجتماع الاستثنائي عبر "الاتصال المرئي" بين وزراء التجارة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
aXA6IDEzLjU4LjIwMS4yNDAg جزيرة ام اند امز