بالصور.. "العين" في حضرة أول مدفع رمضاني بالتاريخ
"مدفع الإفطار.. اضرب".. رغم بلوغه من العمر عتيًا، لكن أول مدفع في التاريخ ارتبط بالتبيه للإفطار والسحور، لا يزال صامداً.
"مدفع الإفطار.. اضرب".. رغم بلوغه من العمر عتيًا، لكن أول مدفع في التاريخ ارتبط بالتبيه للإفطار والسحور، لا يزال صامداً بقلب القاهرة الإسلامية.
ويوجد المدفع إلى الخلف من مسجد محمد علي باشا، بأعلى منطقة البانوراما التاريخية قلعة صلاح الدين الأيوبي، وسط القاهرة.
المدفع، الذي يعطي تصريحا مسموعا للصائمين بالإفطار عند غروب الشمس على طريقته الخاصة جدا، عُرف بمدفع الحاجة فاطمة، المرأة التي أسست لواحد من أهم التقاليد التي تدخل الفرحة والسرور على قلوب الصائمين حول العالم حتى يومنا هذا.
بوابة "العين" الإخبارية تستعرض قصة أول مدفع في التاريخ أعطى نكهة خاصة لفطور الصائمين، من موقعه في قلعة الملك صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، عاصمة مصر.
الدكتور محمد المنشاوي، مدير شؤون مناطق قلعة صلاح الدين الأيوبي، يروي قصة المدفع، ويقول: اختلافات تاريخية كثيرة حول العصر الذي ظهر فيه هذا المدفع، فبعض المؤرخين يؤكدون انتماءه للعصر الفاطمي، وآخرون يرجعونه لعصر الحاكم العثماني محمد علي باشا، إلا أن الرواية الأقرب للواقع تؤكد ظهوره في عهد الحاكم (خوش قدم)، بدولة المماليك الثانية، وتحديدا في عام عام 859هـ/1455م.
في عهد الحاكم المملوكي (خوش قدم)، وأثناء تجربته لتسليح الجيش في ذلك الوقت، أعطى أوامره إلى الجُند لاختبار بعض الذخائر غير الحية، وكان ذلك في شهر رمضان وقبل أذان المغرب بدقائق قليلة، فاعتقد المصريون آنذاك أنه تقليد جديد لولاة المماليك داخل مصر أن يتم إطلاق قذيفة مدفعية إيذانا بدخول وقت الإفطار، وبالفعل في تلك اللحظة أفطر المصريون، واعتبروه (فأل خير)، لكن بعد ذلك تأكدوا أن الأمر لم يكن مقصودًا، وأنه كان مجرد اختبار حربيّ لمدفعٍ جديد، وتم بالمصادفة في لحظات الغروب، فتوقف الأمر عند هذا الحد.
الحاجة فاطمة تظهر
الحاجة فاطمة تظهر في هذه اللحظات، فبعد اتضاح حقيقة أمر ضرب المدفع طالب بعض المصريين الوالي المملوكي بأن يسن تقليدا جديدا يقضي بضرب المدفع للإعلان عن دخول وقت الإفطار، لكن الطلب قوبل بالرفض، فما كان من المصريين إلا أن يطلبوا وساطة "الحاجة فاطمة"، التي يحمل المدفع اسمها حتى اليوم، وكانت هي زوجة الوالي الوالي المملوكي خوش قدم، كانت محبة للخير وتمكنت من اقناع زوجها بجعله تقليدا، وقد كان بالفعل، واستمر الأمر حتى دخول مصر العهد العثماني سنة 1517 من الميلاد.
المصادفة الثانية تؤكد تقليد الحاجة فاطمة
هذه المرة في عهد الحاكم العثماني محمد علي باشا، تأكد التقليد عن طريق المصادفة أيضا، فقد استورد بعض الأسلحة، وأثناء اختبارها من الموقع نفسه، تكرر المشهد نفسه.
فأثناء اختبار أحد المدافع أطلقت دانة -ذخيرة غير حية- أحدثت صوتا عظيمًا شملت تردداته هالة واسعة، وكان ذلك أيضا في شهر رمضان لحظة الغروب، فاعتقد المصريون أن محمد علي باشا يؤكد التقليد المملوكي ويستقبل الإفطار بالمدفع.
ووفقا لـ"المنشاوي"، توقف ضرب مدفع الحاجة فاطمة من القلعة لفترة، وتم نقله إلى أعلى جبل المقطم ثم إلى القلعة مجددًا واستمر حتى عام 1994، ثم من ذلك التاريخ توقف تماما ضرب المدفع بعد اعتراض الأثريين نظرًا لإحداثه هزة قوية تؤثر على آثار القلعة بالكامل.
وتُحدث الدانة ذبذبات داخل المكان الأثري، وانتقل التقليد من مصر إلى سائر بلاد العرب، القدس، الشام، ودمشق ثم الإمارات والكويت.
كيف يتم ضرب المدفع
بحسب الدكتور محمد المنشاوي، مدير شؤون مناطق قلعة صلاح الدين الأيوبي، فإن طاقما خاصا كانت توكل إليه مهمة إطلاق الذخيرة غير الحية، الطاقم مكون من عدة أفراد، أحدهم يقيس المسافة وشخص يجهز الدانة، وآخر يضرب المدفع.
أما الدانة أو الذخيرة غير الحية، التي يتم إطلاقها، فتكون عبارة عن كتلة من البارود يصل وزنها إلى 15 كيلوجراما تقريبًا، تحدث صوتًا فقط، لكن ليس لها أي تأثير آخر.