خطوط أوكرانيا الحمراء.. خبير أوروبي يتحدث لـ"العين الإخبارية"
حذر جوستاف جريسيل، الخبير الأوروبي البارز في الشؤون الروسية، من سيناريو اندلاع حرب باردة ساخنة وغير مستقرة في القارة الأوروبية.
جريسل وهو باحث رئيسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومتخصص في شؤون روسيا وشرق أوروبا، تحدث لـ"العين الإخبارية" عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها على مستقبل القارة الأوروبية.
وقال جريسل الذي خدم في مكتب السياسة الأمنية الدولية في وزارة الدفاع النمساوية بين 2006 و٢٠١٤، إن المفاوضات التي تدور على جولات بين أوكرانيا وروسيا، لن تذهب بعيدا وتركز بالأساس على الممرات الإنسانية.
وتابع الخبير النمساوي البارز، "ليس هناك رغبة في سحب المفاوضات إلى جوهر الأزمة"، مضيفا "في الواقع، أوكرانيا لديها خطين أحمرين؛ أولهما أن الحكومة الأوكرانية يجب أن يختارها الشعب، والثاني يتعلق بأمور الدفاع عن البلاد".
وأوضح "أي اتفاق على وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام لا يجب أن يكون مجرد استعداد لحرب جديدة.. أوكرانيا ترى أنها يجب أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها وتحافظ على حقها في امتلاك جيش وتطويره وتدريبه، لاستخدامه إذا ما احتاجت البلاد إليه".
ومضى قائلا "هذه الخطوط الحمراء كانت أيضا في المفاوضات قبل الحرب، حينما طالبت روسيا بضمانات أمنية من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ونزع سلاح أوكرانيا".
وفيما يتعلق بالأهداف الروسية من العملية العسكرية الحالية، قال جريسل إن العملية الروسية "تهدف إلى السيطرة على أوكرانيا، وإزاحة الحكومة الحالية والنخبة السياسية الحاكمة، ووضع نظام جديد".
وردا على بعض التحليلات التي تفيد بأن روسيا تهدف إلى فتح ممر بين شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، ومنطقة دونباس شرقي أوكرانيا، قال إن "روسيا لا تحارب من أجل تأمين ممر من الأراضي إلى دونباس.. روسيا تحارب من أجل أوكرانيا بأكملها".
لكنه حذر من أن روسيا "قوضت سمعتها في أوروبا، ولم يعد هناك نقطة عودة".
حول رد الفعل الغربي، قال جريسل التي تظهر تحليلاته في مجلة فورين بولسي الأمريكية وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وصحف بيلد ودي فيلت في ألمانيا، وموسكو تايمز في روسيا، إن رد الفعل الغربي كان متاخرا جدا في الأزمة، كما أن ردود الفعل الأولية مع بداية الحرب والعقوبات كانت رمزية، بعدها بدأت خطوات أكثر جدية مثل تسليم الأسلحة لأوكرانيا".
ثم انتقل الخبير النمساوي للحديث عن إعلان الحكومة الألمانية عملية تحديث واسعة في الجيش في قطيعة واضحة مع سياسة برلين التي كانت ترفض إرسال أسلحة إلى مناطق النزاعات وتتردد في تقوية القوات المسلحة، ووصف الخطوة بأنها "نقطة تحول كبيرة لكن متأخرة جدا"، لافتا إلى أن الحرب في أوكرانيا غيرت أوروبا تماما".
وتابع "إذا نجحت روسيا في السيطرة على أوكرانيا بالكامل، لن نكون أمام حرب باردة مستقرة مثل التي شهدناها في الفترة بين ١٩٤٥ و١٩٩١، ولكن سنكون أمام حرب باردة غير مستقرة، لأن هناك روسيا عدوانية تستخدم قوتها العسكرية لتحقيق أهدافها".
وتابع "سنكون أمام حرب باردة ساخنة في أوروبا، وعلى الجميع أن يستعد لذلك، لأن هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا".
وكانت الدوائر الاكاديمية تصف الحرب الباردة السابقة بـ"المستقرة"، لأنها لم تشهد تطور الخلافات بين المعسكرين الشرقي والغربي إلى صدام عسكري مباشر.
وقبيل بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط الماضي، دائما ما أعلنت موسكو حقها في الدفاع عن أمنها وإزاحة ما أسمتهم "النازيين"، وذلك في ظل إصرار كييف وحلفائها في الغرب بضمها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي يرغب في التوسع شرقا، ما يعني إقامة قواعد عسكرية قرب حدودها.
كما قالت روسيا إن عمليتها العسكرية جاءت للدفاع عن جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك شرق أوكرانيا من "الإبادة الجماعية" التي تقوم بها كييف ضد المنطقتين اللتين أعلنتا استقلالهما عن كييف واعترفت موسكو بهما مؤخرا.
وأعلن بوتين في خطابه الذي دشن فيه العملية العسكرية أن بلاده لن تسمح لأوكرانيا بامتلاك أسلحة نووية، ولا تخطط لاحتلالها، ولكن "من المهم أن تتمتع جميع شعوب أوكرانيا بحق تقرير المصير"، مشددا على أن ""تحركات روسيا مرتبطة ليس بالتعدي على مصالح أوكرانيا إنما بحماية نفسها من أولئك الذين احتجزوا أوكرانيا رهينة".