حبيب غلوم: أحترم ذاتي وأرفض الاستسهال.. والمسرح العربي يتراجع (حوار)
يمزج الفنان الإماراتي حبيب غلوم الموهبة بالمعرفة، ويتشابك لديه الطموح مع الإصرار، لذا عانى كثيرا لتحقيق أحلامه، والعبور إلى الناس.
لم يستسلم هذا الفنان الذكي، لكل الاحباطات التي تحاصر المبدع في بدايته، وراح يعمل بمقولة "من لا يعشق صعود الجبال.. يعيش أبد الدهر بين الحفر" وبالفعل تحقق ما تمنى وبات مثل النسر، من حقه أن يقف على قمم الجبال، ومن حقه أيضا أن يفاضل ويختار بين الأعمال الفنية.
ويؤمن "غلوم" أن الفن رسالة، لذا يبحث عن الأعمال جيدة المحتوى، والتي تساهم في الارتقاء بوعي المشاهد؛ لذا يزدحم أرشيفه الفني بأعمال درامية ومسرحية منوعة.
"العين الإخبارية" التقت بالفنان الإماراتي حبيب غلوم، للحديث معه حول حال المسرح العربي، ومسلسله الأخير (ولد أمه) والصعوبات التي واجهته في تصوير الفيلم الأردني "وسوسة غراب".
ــ بداية ما هي فلسفتك في الحياة، والتي ساهمت في صناعة نجوميتك؟
فلسفتي في الحياة هي أن "أحترم نفسي"، وحاولت تحصين ذاتي بالعلم والمعرفة، لذا درست في الكويت، ومصر، وحصلت على دبلوم دراسات عليا، وماجستير، كما حصلت على شهادة الدكتوراه من بريطانيا.
وتستطيع القول إنني أتعامل بشكل جاد مع الحياة، ولا أحب الاستسهال، واختار أعمالي بعناية واحرص دائما على تقديم أعمال وفق ثوابت مجتمعنا، الإنسانية والثقافية.
وفاتني القول إنني عملت في وزارة الإعلام لمدة 32 عاما، لذا أدرك جيدا معنى المسؤولية، والرسائل التي يتم توجيهها للجمهور، وبعد 42 سنة في الحقل الفني، يجب الاعتراف بأن منهجي هو احترام الذات وعدم الاستسهال في التعامل مع الحياة.
ـ بصفتك عضو مؤسس لمسرح رأس الخيمة، كيف ترى حال المسرح العربي بصفة عامة، والخليجي بصفة خاصة؟
لن أكون منصفا إذا تحدثت عن المسرح العربي بشكل عام، وكيف أقيم حال المسرح في المغرب وتونس ومصر، وأنا أعيش في الإمارات.
دعني أتحدث عن المسرح في الإمارات فهو ملعبي، ولذا اعترف أن المسرح يتراجع في أغلب الدولة العربية، والإمارات أيضا؛ لأن التأسيس، لم يكن صحيحا من وجهة نظري، ولم يكن هناك إيمان بدور الفن والثقافة في المجتمع من جانب المسؤولين العرب. وتستطيع القول إن المسؤولين كانوا ينظرون للفن على أنه شيء مكمل، أو "تحصيل حاصل" لذلك لم يتطور المسرح.
ـ في رأيك هل أثرت المنصات الرقمية على التلفزيون؟
بكل تأكيد تأثر التلفزيون بالمنصات الرقمية، فكما خطف التلفزيون الجمهور من المسرح، فعلت المنصات نفس الأمر، وأثرت عليه وكأنه "ثأر". وأتوقع في المستقبل القريب ظهور أشياء جديدة، تسحب البساط من المنصات، فالتطور والتغيير سنة الحياة، وعلينا المراقبة والمتابعة.
ــ عرض مسلسلك الأخير "ولد أمه" عبر منصة شاهد الرقمية.. كيف كانت ردود الأفعال؟
الحمد لله جاءت ردود الأفعال طيبة، وبكل تأكيد أشعر بالخوف مع بداية تصوير أي عمل جديد، ولكن كنت أتوقع أن يتميز هذا العمل لعدة أسباب منها أن المخرج لديه خبرة في الأعمال الدرامية القصيرة، بالإضافة إلى وجود مجموعة من الشباب المتميزين، والنص الجيد، ووجود الفنانة المصرية القديرة سوسن بدر التي سعدت بمعرفتها على المستوى الشخصي، وشكل حضورها إضافة قوية للعمل الفني.
ــ يرى فريق من المبدعين أن الفن متعة وليس رسالة.. ما رأيك؟
لا أعرف أي متعة يراها هذا الفريق، هل متعة بصرية أم فكرية أم أخلاقية؟ أنا مؤمن بأن الفن رسالة، ويجب أن يكون لدى كل فنان منهجا حقيقيا، يعمل من خلاله على إيصال رسائل إيجابية ومناقشة السلبيات والمساعدة في طرح الحلول.
ــ لماذا لا يتناسب حجم إنتاجك في السينما مع إنتاجك عبر شاشة التلفزيون؟
التليفزيون يرتبط ارتباطا وثيقا بموسم شهر رمضان، ويحصل المنتجون الإماراتيون على بعض الدعم لهذا الغرض، لكن لا توجد صناعة سينما بشكل حقيقي، والسينما تعتمد على الجهود الذاتية، ومحاولات من عشاق السينما فقط، على عكس دولة مثل مصر عدد سكانها 100 مليون نسمة تقريبا، ولديها مئات السينمات وعدد كبير من شركات الإنتاج، لذا مصر لديها صناعة سينما بصورة فعلية.
ــ حدثنا عن فيلم "وسوسة غراب"؟
هو فيلم "أردني" والحوار كله باللهجة الأردنية، ولا أبالغ إذا قلت إنها كانت تجربة صعبة، ولو سألتني هل تود تكرارها، فإنني بدون تفكير سأقول: لا.
وعندما تتحدث بلهجة غير لهجتك يضيع التركيز الخاص بالفنان بين الأداء والتركيز على اللهجة، وبالمناسبة تلقيت عروضا كثيرة من شركات هندية، للمشاركة في أعمال هندية، وأعمال إنجليزية حيث إنني أتحدث اللغة الانجليزية بشكل متميز، ولكن كنت دائم الرفض، وبعد تجربة فيلم "وسوسة غراب" أدركت أنني كنت على صواب.
وأتمنى في المستقبل أن تكون هناك أعمالا عربية مشتركة، وما المانع أن يجتهد كتاب الدراما في تقديم أعمال تضم نخبة من الفنانين العرب، ويتحدث فيها كل فنان باللهجة الخاصة به، كما ظهرت سوسن بدر في مسلسل "ولد أمه" إذ جسدت دور أم مصرية بشكل سهل.
ــ ساعات ويبدأ عام 2023.. ما هي أمنيتك الخاصة والأمنية العامة التي ترجو أن تتحول لواقع في العام الجديد؟
بلغت من العمر 60 عاما، لا توجد أماني شخصية تداعب خيالي، ودائما أقول الحمد لله، فقد تحركت في حياتي في 3 خطوط، الأول دراستي، والثاني عملي الإداري، والثاني خط الفن والإبداع، والحمد لله حققت نجاحا كبيرا، واعتبر الآن من أهم الفنانين في وطني على الأقل.
وعلى المستوى العام أتمنى اختفاء السياسات القمعية، والبطش بالناس كما يحدث في أفغانستان وإيران، حرام الناس تعيش بالكرباج وتتذوق طعم الذل.
ــ هل سبق أن عملت في أعمال مصرية؟
تربطني علاقة رائعة بعدد كبير من النجوم المصريين مثل أشرف زكي، ومنال سلامة، وياسر جلال وأحمد السقا، ونشأت هذه العلاقة عندما كنت موجودا بمصر لعمل رسالة الماجستير، كما سبق وعملت مع قامات كبيرة مثل سمير غانم وفاروق الفيشاوي، وكنت أظهر بشخصيتي الخليجية، ومصر تعد نقطة انطلاق مهمة لأي فنان عربي.
من هو حبيب غلوم؟
فنان ومخرج إماراتي يملك وعيا ثقافيا رائعا، وموهبة متعددة الروافد. ولد حبيب غلوم في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963، وقد ساهم في تأسيس مسرح "رأس الخيمة" ومن خلال هذه التجربة المسرحية الرائدة قام ببطولة عدد كبير من العروض المهمة منها "واقدساه، الخوف، الطوفة، حكاية لم تروها شهر زاد" كما شارك بالتأليف والإخراج في مجموعة من الأعمال الفنية الإذاعية.
ومن خشبة المسرح واستديو الإذاعة، انتقل غلوم إلى الدراما التلفزيونية، وشارك في بطولة 33 مسلسلا أهمها "جواهر، حاير طاير، أسد الجزيرة، الطريق الوعر، حظ يا نصيب، دعاة على أبواب جهنم، أحلام سعيدة، بنات آدم، لن أطلب الطلاق، خيانة وطن".
ووسط الشهرة والأضواء لم ينشغل حبيب غلوم عن تكوين أسرة وعائلة، وتزوج مرتين كانت الأولى من سيدة بحرينية، والثانية من الفنانة هيفاء حسين عام 2010.
aXA6IDMuMTMzLjEyOS44IA== جزيرة ام اند امز