"حفرولوجي".. مصرية تروي حكايات الأرض عبر "بودكاست"
شروق الأشقر، الباحثة بمركز جامعة المنصورة للحفريات الفقرية في مصر، تجذب الآلاف من رواد مواقع التواصل لمتابعة برنامجها "حفرولوجي"
"الأرض تتكلم ونحن نترجم حكاياتها".. بهذه الكلمات لخصت مصرية مشروعها بإطلاق أول بودكاست لنشر الثقافة المعرفية عن الحفريات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتقدم شروق الأشقر، وهي باحثة في مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقرية بمصر، سلسلة حلقات علمية تبثها عبر الإنترنت، مجسدة قصة شغف بالعلوم لا تنتهي، وبالأخص علم الحفريات.
وجذبت الأشقر الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة برنامجها "حفرولوجي"، الذي بدأته على بودكاست (إذاعة صوتية على الإنترنت)، تحاول من خلاله تبسيط كل ما يخص الحفريات، بطريقة تناسب جميع الفئات والأعمار.
"دوري ترجمة حكايات الأرض. الجماد والحيوان والجبال والصحراء والرمال.. كل شيء"، هذه الترجمة، حسب "الأشقر"، التي تعمل مسؤولة للتدريب الطلابي، هي وسيلتها في نشر الثقافة العلمية، باعتبار أن علم الحفريات جزء من العلوم.
وعلى الرغم من أن "الأشقر" المتخصصة في نوع من الثديات التي عاشت في الفيوم منذ ٣٠ مليون سنة، تصر على أن يكون برنامجها متخصصاً في الحفريات، لكنها لا تمانع الحديث عن علوم أخرى.
وقالت لـ"العين الإخبارية": "عندما يتطلب الأمر مني التطرق للعلوم الأخرى أفعل ذلك، مثلا عندما أتناول الأمراض في الحفريات مثل السرطان وأمراض العظام، أو التأثيرات الفلكية على الأرض وقتها، أربط الطب والفلك بعلم الأرض كي تتضح المعلومة للمشاهد، ولا تكون ناقصة".
وتصل "الأشقر" أسئلة يومية عن الديناصورات، وتفسر ذلك "الديناصورات الأكثر شعبية بين الناس، يحبون سماع أي حكايات عنها، لكني لا أستسلم لهذا، وأوازن بين الحديث عنها وعن الحيتان والأسماك وبقية الحفريات، بطريقة تجعل المشاهد راغبا في المعرفة".
ولا تكتفي الأشقر بأن تقدم محتوى معرفيا تسهم به في التوعية، لكنها تصحح أخطاء شائعة عن الحفريات، فبحسب قولها "ليست جميع الديناصورات عملاقة، وليست الزواحف الطائرة من فصيلة الديناصورات، ولا صحة لوجود قوم من ذوي الجماجم الكبيرة".
وتعترف "صديقة الحفريات"، كما يطلق عليها أصدقاؤها ومتابعيها، بأنها واجهت صعوبات لكي تدرس علم الجيولوجيا، مع انتشار الاعتقاد الخاطئ أنها علوم لا تناسب أن تدرسها الفتيات.
وقالت "لم يكن قراراً سهلاً. كان لزاماً علي أن أخوض رحلة طويلة من إقناع أسرتي بدراسة الجيولوجيا، لأن الأمر سيتطلب جهداً ووقتاً ومكوثاً خارج المنزل لبضعة أيام، وهو ما كان غير مقبول في البداية".
وتابعت: "تدخل الأقارب، ودارت النقاشات حتى اقتنعت أسرتي في النهاية، ومنذ اليوم الأول وجدت شغفي في كل ما يتعلق بالعلوم خاصة مواد الحفريات".
كانت هناك غابة استوائية.. أشجار عملاقة وكائنات متنوعة مثل القردة والقوارض والخفافيش، وحتى أجداد الفيلة وفرس النهر، وكذلك الأسماك المتنوعة والثعابين والسلاحف، عبارات اعتادتها "الأشقر" مع زملائها في مركز جامعة المنصورة للحفريات خلال الرحلات الاستكشافية، وعلقت "ليس هناك سعادة تضاهي مشاهدة كائنات لم نسمع عنها من ملايين السنين، وتصور بيئة كاملة في فترة زمنية".
وأضافت "أصبح لدي روتين يومي، مع كل صباح أطالع الأبحاث الجديدة، وأقضي ساعات طويلة في القراءة، حيث أتمكن من توثيق معلومة أو مطالعة بحث أو كتابة سكربت البرنامج".
تكتمل سعادة الباحثة شروق بردة فعل بناتها ليان (٩ سنوات) وديما (٨ سنوات) "بناتي أصبحن فخورات بي بعد البرنامج، حتى عائلتي أتلقى تشجيع ودعم منهم، وكثيراً ما يبادرون بسؤالي عن موضوعات كي أتناولها بحفرولوجي، بالإضافة لملاحظاتهم الدائمة التي أستفيد منها".
وتابعت "السعادة نفسها أشعر بها مع ردود فعل المتابعين، وهي الحمدلله إيجابية جداً، منهم من يرسل لي أسئلة علمية متخصصة، ومنهم من يستفسر عن صحة معلومات متداولة".
منصة تعليمية عن الحفريات.. حلم منتظر
وتتمنى شروق بأن تؤسس منصة تعليمية متخصصة في الحفريات الفقارية، قائلة "أحلم بأن يكبر حفرولوجي ويعرفه الجميع، وأن نؤسس منصة كبيرة خاصة بالحفريات، سواء كان برنامجاً كبيراً يبث بلغات أخرى، أم موقعاً يضم أقساماً متعددة عن الحفريات، وتكون الدورات فيه عن بعد تقدم كل ما هو قديم وحديث عن هذه العلوم بما يُشبع المتلقي".
وتلخص شروق الأشقر رحلة المعرفة بقولها "الطريق ليس سهلاً، والكتابة العلمية والقراءة في العلوم أصعب ما تكون، وتحتاج جهداً ووقتاً كي تستطيع أن تؤتي ثمارها، وتشعر معها بسعادة مماثلة لتلك التي تلازمني منذ تقديم حفرولوجي".
بابتسامتها المعهودة التي تقدم بها برنامج حفرولوجي، تقول الأشقر: هناك قطاع كبير من الشباب المهتمين بالعلوم المختلفة، هم شباب دؤوب ولديه حب المعرفة ويسعى لمعرفة أصل المعلومة والتوسع فيها، وهذا ما يعني أنه ما زال هناك أمل في شباب بلادنا والمنطقة بأكملها.
وتنصح الباحثة الشباب العربي بالبحث عن المعلومة من أكثر من مصدر والاطلاع عليها في أكثر من شكل، مكتوب أو صور أو مقاطع مرئية، وهي طريقة فعالة لاستيعاب العلوم.