خطاب حفتر بين الطمأنة والتحذير.. خبراء: الحل بأيدي الليبيين
حملت كلمة المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي في ذكرى استقلال بلاده رسائل سياسية مهمة تنوعت بين التحذير وطمأنة للشعب الليبي.
وأكد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، السبت، خلال احتفال شعبي ضخم بميدان الكيش وسط مدينة بنغازي بمناسبة الذكرى الـ 71 لاستقلال بلاده أن ليبيا لا تزال واحدة لا تتجزأ، وأن وحدتها خط أحمر ولا يسمح بالتعدي عليها والمساس بها.
كما أعلن حفتر عن فرصة أخيرة للأطراف السياسية أن ترسم من خلالها خارطة طريق لإجراء الإنتخابات، مؤكدا أنه يجب التسامح ونبذ العنف وتغيير الخطاب الإعلامي والديني لتوحيد صفوف الأمة الليبية.
ويرى خبراء ليبيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن الكلمة عبرت تعبيرا واضحا وصريحا عما يريده الليبيون وتحمل رسائل حال تحققها ستسهم في إنهاء المراحل الانتقالية في أقرب وقت ممكن.
وحدة البلاد
يرى الخبير السياسي الليبي محمد اللافي أن الرسالة الأهم التي أرسلها القائد العام للجيش الليبي هي التمسك بوحدة وسيادة ليبيا، والتحذير من أن هذه الوحدة غير قابلة للتقسيم، لقطع الطريق على التنظيمات الإرهابية التي تريد بث الفتنة والقطيعة بين الشرق والغرب.
وتابع، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن القائد العام نطق بما يريده الليبيون، خاصة مطالبة الأطراف السياسية بتوحيد الكلمة والوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأن القيادة تدعم انتخابات نزيهة وشفافة هي في صميم ثوابت القيادة العامة الداعمة للاستقرار، لأن الهدف الرئيسي والوحيد لها هو حل الأزمة واستقرار البلاد.
وأضاف اللافي أن كلمة المشير حفتر تحمل في داخلها خطابا رسميا للبعثة الأممية بمطالب الليبيين، وأنها يجب أن تتحرك للاستجابة لليبيين الحالمين بالانتخابات المؤجلة، خاصة أن الكلمة جاءت في ذكرى تحمل رمزيتين مهمتين هما عيد استقلال ليبيا ومرور عام على موعد الانتخابات المؤجلة.
وأشار إلى أن كلمة المشير حفتر ورسائلها وسط هذا الحشد الشعبي المهول خير، مؤكدا أن الشعب يؤمن بكل ما فيها وأن استمرار استغلال البعض لثروات البلد دون التوزيع العادل على جميع المدن والمناطق والانقسام الحاصل لن يدوم طويلا، فالشعب الذي تجمع للاحتفال قد يتجمع قريبا للتظاهر أو العصيان المدني أو أي خطوة تصعيدية أخرى.
رسائل مهمة
بدوره يرى المحلل السياسي الليبي سالم سويري أن القائد العام للجيش الليبي أرسل رسائل مهمة للمجتمع الدولي قبل المحلي، بأن القيادة العامة تتمسك بثوابتها الوطنية ووقوفها بجوار الوطن والمواطن.
وتابع، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن رسالة القائد العام بالتأكيد على وحدة ليبيا يقطع الطريق على المشككين وتنظيم الإخوان، الذي لا طالما روج أن القوات المسلحة هي قوات مناطقية وليست قوات كافة الشعب الليبي.
وشدد على أن القيادة العامة لا تريد تقسيم ليبيا، وتؤمن بوحدتها وسيادتها، وهدفها الحقيقي هو إرجاع سيادتها ورجوعها لمصاف مقدمة الدول.
وحول الرسائل السياسية بدعم المسار الانتخابي، يؤكد سويري أن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر يدرك حقيقة مراد الشعب وآلامه، والتي يفترض أن تنتهي بالانتخابات التي تنهي هذا الانقسام وتجدد الشرعية للمؤسسات، ولذلك كان في مقدمة من نادوا بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
ويرى سويري أن إعلان القائد العام إعطاء فرصة أخيرة للأجسام السياسية لرسم خارطة طريق وتجرى على أساسها الانتخابات، يؤكد أن القيادة العامة لا تزال صابرة وتريد منح الفرصة كاملة للسياسيين لإيمانها التام بأن الحل السلمي والديمقراطية هي خير الحلول، وإلا فإن الجيش الليبي لن يكون أمامه إلا الاستجابة لطلبات الشعب والقبائل، واللذان يمثلان اللبنة الأولى لبنائه والظهير الحقيقي له في مكافحة الإرهاب ودواعش المال العام والسياسة الذين يريديون تدوير الأزمة عوضا عن حلها.
رمزية الاحتفال
"كلمة المشير حليفة اليوم جائت مغايرة لتوقعات كثير من المحللين المندفعين فقد جاء خطابا عقلانيا ومتوازنا ويحمل العديد من الرسائل في حال تم العمل بها سنصل قريبا إلى توافق ليبي قد ينهي المراحل الانتقالية في أقرب وقت ممكن"، هكذار كانت قراءة المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي لكلمة قائد الجيش الليبي.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الاحتفالية من بنغازي تحمل رميزة خاصة لما تمثله المدينة من معاني لدى الشعب الليبي باعتبارها مهد كافة العمليات السياسية الخاصة في تاريخ ليبيا، وأبرزها خطاب الاستقلال عام 1951 وثورتي 2011 والكرامة 2014 ضد الإرهاب.
وأردف الأوجلي أن كلمة المشير خليفة حفتر حملت عدة رسائل هامة على رأسها التذكير بأن القيادة العامة كانت أول من نادت بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، مع الإشارة إلى أن البعثة الأممية عليها تحمل مسؤولياتها وهي تأكيد واضح بأن الجيش الليبي ملتزم بكافة الاتفاقات الليبية تحت الرعاية الأممية، وأنها لن تخرج عن هذه الاتفاقات كما أخلت بعض الأطراف الأخرى بالتزاماتها.
وأضاف أن الكلمة اشتملت على التأكيد على أن الجيش الليبي سيكون دوما الحصن الحصين للدولة الليبية من عبث العابثين وكل الجهات التي تحاول استغلال الوضع في ليبيا لتحقيق مصالح شخصية.
ونوه الخبير السياسي الليبي إلى أن تأكيد القائد العام للجيش على ضرورة التوزيع العادل لعائدات النفط، هو مطلب كافة الليبيين وليس فئة دون أخرى، كما بعث برسالة أخرى أن الليبيين وحدهم هم القادرون على حل مشاكلهم، وهي عبارة تعني أن أي حوار يحدث يجب أن يكون ليبيًّا ليبيًّا، دون تدخل أطراف خارجية من دول تسعى لإفشال التوافقات بين الأطراف.
وشدد الأوجلي على أن القيادة العامة تدعم المصالحة، والحل وهو ما اتضح في كلمة المشير التي طالب فيها بإصلاح الخطاب الديني والإعلامي والتسامح ونبذ العنف، وهي دعوة لا تعني الساسة فقط بحوار ليبي ليبي، بل القوى الوطنية والمثقفين والأحزاب والفنانين والأدباء وكافة أطياف الشعب بإنشاء مؤتمر جامع وتأسيسي للاتفاق، وهو ما سيقطع الطريق على الساسة الذين يريديون تدوير الأزمة.
وأوضح أن رسالة المشير خليفة حفتر حول المواطن بوعجيلة المريمي الذي تم تسليمه مؤخرا لواشنطن، وأنها لن تتركه، هي إشارة واضحة إلى أن القيادة العامة هي الحامي والحصن المنيع لليبيين من التصرفات غير المسؤولة، وسعي البعض لتحقيق صفقات على حساب المواطنين.
واحتفل آلاف الليبيين في مدينة بنغازي بالذكرى الـ71 لاستقلال البلاد، الذي يصادف يوم 24 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، والذي جاء بعد عقود طويلة منذ النضال ضد المستعمر الإيطالي.
aXA6IDMuMTQ5LjI1My43MyA=
جزيرة ام اند امز