هجمات الحوثي وفصيل عراقي.. التداعيات والسيناريوهات المستقبلية
رغم نفي الجيش الإسرائيلي هجوما شنه الحوثيون حوثيا بالمشاركة مع فصائل عراقية على ميناء حيفا، إلا أن تلك العملية، تعكس اندماجًا في الأذرع الإيرانية، لتصعيد أكثر في المنطقة.
وأعلنت مليشيات الحوثي، الخميس، تنفيذ أول هجوم مشترك مع ما يسمى «المقاومة الإسلامية في العراق»، وهي واجهة أعلن تدشينها مؤخرا لجميع الفصائل الموالية لإيران في العراق، ضد سفينة تحمل معدات عسكرية في ميناء حيفا الذي يبعد جوا عن بغداد بأكثر من 880 كيلو مترا.
فماذا يعني ذلك التطور؟
ذلك التطور، قالت عنه مصادر يمنية لـ«العين الإخبارية»، إنه يأتي نتيجة تشكيل الحوثي غرفة عمليات مشتركة مع فصائل عراقية عقب أيام من انفجار حرب غزة، مشيرة إلى أن المليشيات انتدبت رئيس بعثتها في العراق أحمد الشرفي المكنى «أبو إدريس» واثنين آخرين للعمل كضباط ارتباط للتنسيق مع الفصائل العراقية ضمن غرفة موحدة يديرها ضباط من فيلق القدس وحزب الله اللبناني.
ويشير ذلك، وفقا لمراقبين، إلى استثمار ما يسمى «محور المقاومة» لحرب غزة في دمج جبهات أذرعه لاسيما جبهتي الحوثي والفصائل العراقية للعمل حتى بعد الحرب في فلسطين للتأثير السلبي على الوضع الأمني بالمنطقة.
لكن لماذا انتقل الحوثي للهجمات المشتركة؟
يقول مراقبون، إن الحوثيين وجدوا أنفسهم غير قادرين على تنفيذ هجماتهم نحو السفن في البحر الأبيض المتوسط في سياق ما يسمى بـ«المرحلة الرابعة من التصعيد»، الأمر الذي دفعهم للشراكة مع فصائل عراقية للإضفاء على هجماتهم طابعا إقليميا.
ورغم أن مليشيات الحوثي تبنت هذه الأسبوع تنفيذ 11 هجوما بـ36 صاروخاً باليستياً وطائرة مسيرة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وباتجاه إيلات في اسرائيل، إلا أن تأثير هذه الهجمات التي لم تصب أهدافها بدقة ظل محدودا للغاية.
ودرج الحوثيون على إكساب هجماتهم زخما إعلاميا آخر من باب الدعاية كاستهداف المدمرة الأمريكية «آيزنهاور»، والادعاء على إجبارها على الابتعاد من 400 كيلومتر من قبالة اليمن إلى 880 كيلومتر قبالة السعودية، فضلا عن مزاعم الجماعة إدخال خط المعركة صاروخا باليستيا جديدا أسمته «فلسطين»، ومؤخرا الهجمات المشتركة.
وبالنظر للرد الأمريكي البريطاني على أهداف مليشيات الحوثي والتي بلغت 487 ضربة بالإضافة لضربتين نفذت اليوم الخميس، على مواقع حوثية في اللحية شمالي الحديدة، فإنها تعكس فشل استراتيجية الردع الأمريكية في حماية الملاحة ومنع توسع نطاق الحرب، وفقا لخبراء.
تحشيد إيراني
يرى خبراء يمنيون إن التعاون المعلن بين الحوثي وفصائل عراقية يأتي في إطار تحشيد الحرس الثوري ضد إسرائيل وأمريكا بما في ذلك عسكرياً.
ووفقا للخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في اليمن المقدم أحمد العاقل، فإن هذا التعاون المعلن يكشف عن توجه إيران نحو دمج أكثر من جبهة لتعزيز التنسيق بين أذرعها، وتوسيع نطاق التصعيد العسكري؛ لخلق مزيد من التحديات الأمنية في المنطقة، لكنها لن تتحول إلى حرب مفتوحة.
وفي حديثه لـ«العين الإخبارية»، قال العاقل إن الهجمات المشتركة الحوثية مع فصائل عراقية سيكون لها تأثيرات على الملاحة في البحر الأبيض المتوسط؛ لكن هذا «التصعيد العسكري لازال يجري ضمن قواعد اشتباك مسموح بها، ولم يؤد لأي خسائر لدى الجانب الأمريكي أو الإسرائيلي».
وأشار الخبير اليمني إلى أن التعاون المعلن بين الأذرع المرتبطة بـ«محور المقاومة» الذي يقوده فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، سيعطي إسرائيل مشروعية أكثر لحشد الغرب والحصول على مزيد من الدعم العسكري.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة ستعمل على تقديم المزيد من الدعم الاضافي لإسرائيل في مجال الدفاع عن موانئها وبنيتها التحتية الحيوية في مواجهة الهجمات المشتركة للأذرع التي تستغلها إيران لخوض حربها بالمنطقة.
ما قاله العاقل، أتى عليه رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري، الذي اعتبر التعاون بين مليشيات الحوثي وفصائل عراقية هي جزء من هجمات منسقة ويديرها الحرس الثوري الإيراني عبر أذرعه بالمنطقة.
هل خفت الردع الأمريكي؟
وبشأن الردع الأمريكي، يرى الشميري في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أنه سيكون ثابتا كون معظم «الهجمات المعلنة بالصواريخ الباليستية على سفن الشحن لا تصيب أهدافها، وقد يستمر الوضع ربما حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية ومجيء إدارة أمريكية جديدة يمكن أن تغير من الرؤية وعملية المواجهة مع أذرع إيران خاصة مليشيات الحوثي».
وأشار الباحث السياسي اليمني إلى أن الهجمات التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني عبر أذرعه الحوثيين «ليس لها أفق زمني محدود لكنها على أي حال ستكون وسيلة إيرانية للابتزاز الدائم حتى وإن توقفت الحرب في غزة».
وعن تقييم العمل الأمريكي البريطاني ضد أهداف الحوثي، يؤكد أنه «ليس فشلا كاملا، لكن يمكن القول إنه ليس بالمستوى المطلوب؛ لأن أمريكا وبريطانيا لا تريدان إنفاق أكثر من ذلك، وتريد تشغيل القوة العاملة بنفقاتها التشغيلية الشهرية المعتادة».
كما أن «الهجمات الحوثية في البحر تقدم من ناحية أخرى مصالح للأمريكان في إضعاف الاقتصاد الصيني البالغ أكثر من 360 مليار في البحر الأحمر كصادرات وواردات، فهي رغم مفاقمتها للمخاطر إلا أن لها عديد المكاسب».
و«من الواضح أن الولايات المتحدة ترغب في إدارة هذا الصراع مع الإمساك بخيوطه وليس العمل على إنهائه بشكل كلي»، وفقا للباحث الشميري.
قواعد اشتباك ثابتة
في السياق، يعتقد المحلل السياسي اليمني باسم الحكيمي أن المواجهات بين الأذرع الإيرانية بما فيها الحوثي والفصائل العراقية لن تخرج «عن قواعد الاشتباك المتسامَح معها، وتكتفي بمواجهات محدودة لرفع الحرج عن محور المقاومة فيما يتعلق بحرب غزة والضغط سياسياً على واشنطن».
وأكد الحكيمي في تصريح لـ«العين الإخبارية»، أن الرد الأمريكي حتى اللحظة على كل هجمات أذرع إيران في المنطقة يندرج تحت «الاستجابة الناعمة، لكنه قد يرقى إلى الرد الخشن، عندما يتم تجاوز الخطوط الحمراء لاسيما من قبل مليشيات الحوثي التي تتصدر هذه المعركة».
أما الخبير العسكري اليمني العقيد محسن ناجي فيرى تبني الحوثيين هجمات بالشراكة مع فصائل إيرانية «تطورا جديدا وتصعيدا خطيرا يديره الحرس الثوري الإيراني، ويهدد بتوسيع رقعة الحرب في المنطقة».
وقال الضابط اليمني لـ«العين الإخبارية»، إن «الحرب في أعالي البحار هي إيرانية وتتم بأسلحة إيرانية تتنوع من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، وتجرى وفقا لقواعد الاشتباك التي ترسم خطوطها إيران عبر خبرائها العسكريين المتواجدين باليمن والعراق».
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xNjYg
جزيرة ام اند امز