الحج.. قاطرة اقتصادية تدفع عجلة رؤية السعودية 2030

بينما تتجه الأنظار إلى الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة، تتجه الأرقام الاقتصادية لتسلط الضوء على مليارات الدولارات التي يضخها الحجاج في شرايين الاقتصاد السعودي، ويسهمون في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
الحج قاطرة للاقتصاد السعودي
يُعد الحج ثاني أكبر مصدر دخل للمملكة العربية السعودية بعد النفط، بعائدات تُقدر بأكثر من 15 مليارات دولار سنويًا، ومن المتوقع أن تنمو هذه الإيرادات لتصل إلى أكثر من 150 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وأن توفر أكثر من 100 ألف وظيفة دائمة، وفقا لدراسات سعودية منشورة.
ووفقًا لـFuture Market Insights (FMI)، كان من المتوقع أن يحقق سوق سياحة الحج والعمرة إيرادات بقيمة 150 مليار دولار في عام 2022 ومن المرجح أن يتجاوز 350 مليار دولار في عام 2032.
وتُظهر الأرقام أن ما بين 25% و30% من دخل القطاع الخاص في مكة المكرمة والمدينة المنورة يأتي من هذا الموسم، وتتجه المملكة نحو استثمارات ضخمة في البنية التحتية للحج، حيث من المتوقع أن تصل هذه الاستثمارات إلى 112 مليار ريال (29.9 مليار دولار) بحلول عام 2025، لتشمل تطوير الطرق ووسائل النقل لتسهيل وصول الحجاج، ففي عام 2019، استخدم نحو 86.5 ألف حاج طريق جدة-مكة السريع وحده للوصول إلى المشاعر المقدسة.
أرقام ومؤشرات دالة
ووفقا لتصريحات سعودية سابقة كشف مدير عام المديرية العامة للجوازات السعودية، اللواء الدكتور صالح المربع، أن الحجاج القادمين من الخارج بلغ عددهم أكثر من 1.47 مليون حاج حتي بداية الشهر الماضي ، مشيراً إلى أن عدد الدول المستفيدة من مبادرة طريق مكة ارتفع إلى 8 دول عبر 12 محطة.
يُعد قطاع الضيافة والفندقة وتجارة التجزئة المستفيد الأكبر من موسم الحج والعمرة، وتُخصص نسبة كبيرة من ميزانية الحاج للسكن والطعام، حيث ينفق الحجاج الأجانب أكثر من المحليين.
وتسهم مواسم الحج والعمرة في رفع مبيعات محلات التجزئة التقليدية في كل من مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، بنسب لا تقل عن 30%، رغم منافسة الأسواق الإلكترونية، بحسب مستثمرون في قطاع التجزئة في تقرير نشرته صحف سعودية
وقال عبدالله القحطاني المستثمر في قطاع الذهب إن مبيعات القطاع في مكة والمدينة وجدة ترتفع سنويًا وبنسب ثابتة لا تقل عن 30% في موسم الحج لاسيما أن الحجاج يولون اهتماما كبير بالمجوهرات الذهبية عيار 21 و 22 من باب الزينة والاستثمار، بينما يُفضل زوار أوروبا الألماس
مياه زمزم
تحتل مياه زمزم مكانة خاصة لدى الحجاج، حيث يتم استهلاك ما يقرب من مليار لتر مكعب من المياه سنويًا في المشاعر المقدسة. وقد نفذت المملكة 6 مشاريع لتوفير وصيانة مصدر المياه بتكلفة تصل إلى 3.1 تريليون ريال (826.7 مليار دولار)، بالإضافة إلى توفير 40 ألف مبرد لمياه زمزم للحجاج.
يترك الحج آثارًا اقتصادية كبيرة على صعيد الإنفاق الكلي، حيث يشكل الدخل للشركات والمؤسسات من الحجاج طلبًا متزايدًا يساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويتمركز الإنفاق على قطاع السكن والعقارات، حيث تُشير بعض الدراسات إلى أن ما بين 30% و40% من ميزانية الحاج تُخصص للسكن.
- من الأضاحي إلى الملابس.. الغلاء يسرق فرحة العيد في اليمن
- عطلة عيد الأضحى 2025 في العراق.. عدد أيام الإجازة وموعد العودة للعمل
التوظيف والتجزئة
وينعكس زيارة الحجاج إلى السعودية لأداء مناسك الحج على قطاعات التوظيف والنقل والمواصلات والمواد التموينية والكماليات، مثل الهدايا التذكارية التي يحرص الحجاج على شرائها. ويُعتبر المصريون من أكبر المنفقين بين الحجاج الأجانب، حيث يمكن أن ينفق الحاج الواحد ما يصل إلى 700 دولار على الهدايا والمنتجات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يُساهم الحج في تعزيز الاحتياطيات الأجنبية للمملكة، حيث يُنشئ قدوم الحجاج طلبًا ملحوظًا على الريال السعودي لتغطية نفقاتهم
ويتوقع اقتصاديين أن تتجاوز إيرادات الحج والعمرة العام الحالي ما قيمته 40 مليار ريال سنوياً، أي ما يعادل 10.7 مليار دولار تقريباً، مشيرين إلى أن هذه الإيرادات تصبُّ في صالح القطاع الخاص وليس في خزينة الدولة، ولا تمثل من الناتج المحلي أكثر من 4%، بينما يتوقع أن تتجاوز الإيرادات 50 مليار ريال بحلول 2030 أي ما يعادل 13.3 مليار دولار.
وتحرص المملكة على إدارة مشروع الهدي والأضاحي بكفاءة، حيث يتم ذبح 1.2 مليون رأس من الأضاحي سنويًا، وتُوزع اللحوم على المحتاجين في 27 دولة إسلامية.
وتُقام 100 ألف خيمة مكيفة في منى لاستضافة الحجاج، وتُلقى 14 مليون جمرة خلال المناسك، وبعد انتهاء الموسم، تُنفذ المملكة أكبر عملية إنفاق بيئي لتنظيف وصيانة المشاعر المقدسة، بتكلفة تتجاوز 530 مليون دولار.