النظام الإيراني منذ ثورة الخميني يحلم بإفساد الحج، لأن الغاية من إفساده غاية سياسية ولم ولن تتحقق له، وسيشعر بالنقص دائما إذا لم يقم بهذا الفساد
انتهى موسم الحج ولله الحمد على نعمائه ظاهرة وباطنة. والشكر المستحق لكل الأفراد والجهات المدنية والعسكرية التي تحملت عبء التنظيم المتقن، وكانوا كلهم مثلا عاليا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يشرف سنويا بنفسه على تنقلات الحجيج وسلامتهم.
إنه شرف عظيم ومسؤولية ضخمة يتحملها السعوديون وحدهم أمام الله تعالى، وأمام العالم كل عام بوعي واقتدار لا نظير له.
نشعر بالأسف ألا يجد مسلم الفرصة للحج وقد توفرت له أسبابها، خصوصا حين يقف نظام بلاده بينه وبين تحقيق حلمه في أداء الحج كما فعل النظام الإيراني مع الحجاج الإيرانيين.
النظام الإيراني منذ ثورة الخميني يحلم بإفساد الحج، وسيمارس النظام الإيراني مهمته في محاولة إفساد الحج حتى لو كان في أي بلد آخر غير بلادنا، حتى لو كانت مكة في الصين فسوف يمارس هوايته في محاولة الفساد والإفساد، لأن الغاية من إفساده غاية سياسية ولم ولن تتحقق له، وسيشعر بالنقص دائما إذا لم يقم بهذه المهمات الدنيئة.
الحج أمان لكل الناس، أشهر حُرُمٌ وبلد أمين، لا رفث فيه ولا فسوق ولا جدال، لا يسمح بأي غايات أخرى سوى ذكر اسم الله تعالى وشهود منافع للناس.
كل الآيات المتعلقة بالحج في القرآن الكريم توجه خطابها للناس؛ الناس جميعا، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، تبدأ سورة الحج بـ"يا أيها الناس اتقوا ربكم.." وكان كل أتباع الديانات الإبراهيمية يحجون إلى مكة تلبية لنداء أبي الأنبياء إبراهيم، ولا أعلم متى انقطعوا عن ذلك وتحت أي ظرف. وذلك يحتاج إلى دراسة من المتخصصين.
في أوائل سورة الحج يقول الله تعالى: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" فاختلاف الأديان واختلاف أفهام الناس لها سوف يبت الله تعالى فيه يوم القيامة، أما الحياة الدنيا فهي لنحيا جميعا في سلام، وليس أدلّ على إمكانية هذا السلام من أيام الحج.
فالغاية من الحج هي أن يشهد الناس جميعا "مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ*ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ".
ولأن المكان حرام والزمان حرام يؤكد الله تعالى أن "مَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ"، وأن كل من قصد الحج هم "حُنَفَاء لِلهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ".
وكل أهل دين شملهم نداء إبراهيم لهم شعائرهم المختلفة، وهذا لا يضر بالحج ما دامت غايته ذكر اسم الله وأداء الشعائر، يؤكد الله تعالى ذلك مرتين في سورة الحج يقول: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ" ويقول في الثانية: "لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ".
فالغاية هي اجتماع الناس وأداء النسك وذكر اسم الله ووفاء النذور، ويجب أن يكون كل هذا مضبوطا بتعظيم الحرمات والشعائر واحترام حرمة الزمان والمكان، وتوفير السلام للجميع رغم اختلاف المناسك، وعدم السماح بتنازع الغايات لاختلاف السياسات والمطامع، وكبح كل رغبة فردية تؤذي الناس، فالمكان خالص لله والزمان خالص لله، والناس هنا جاؤوا مخلصين لله، فالحج سلام، والله يأمر بالسلام وهو السلام ومنه السلام.
بارك الله لكل حاج في عمله، وأعاده علينا وعليهم بأمنه وسلامه ورضاه.
*- نقلاً عن صجيفة "الوطن أون لاين"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة