الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام والعيد السنوي للمسلمين، ما يجعله من كبرى المناسبات الدينية، التي تسلط عليها الأضواء ويكون التخطيط له مسبقاً.
وذلك بداية من المهارات التنظيمية، التي تتطلب الابتكار والإبداع لخطط جديدة ومناسبة، وجهوداً متميزة تظل ماثلة في أذهان المشاركين والحجاج لفترة طويلة، بما يضمن تنظيماً مشهوداً له دولياً بالنجاح، فحج هذا العام قام وفق ضوابط الوقاية المعمول بها عالمياً، بعدما أوضحت الحكومة السعودية أن هذه الشعيرة ستقتصر على أعداد محدودة.
وتجلى الواقع الصحي بما يلائم الإنسان في العالم اليوم، من خلال أوجه التأثير في زمن جائحة كورونا "كوفيد-19"، حيث أوردت التقارير أنها ترجح أن تكون هذه الأعداد في حدود 30 في المائة من "الكوتا"، التي تخصص للمواطنين والمقيمين داخل السعودية، بشكل سنوي، علماً بأن إقامة موسم الحج في مثل هذه الظروف لا تشكل خطراً صحياً داخلياً فقط، بل تنذر بتداعيات وخيمة في العالم برمته.
فليس المهم الحديث عن الوباء، وأن كثيراً من دول العالم لا أحد عليه بمسيطر، ولكن سنذكر العوامل الرئيسية التي أسهمت في الاستقرار الاجتماعي علاوة على الكفاءة الإدارية، بينما يلزم العالم التوقف طويلاً في هذه الفترة الزمنية، ويستخلص بدقة وكل وضوح ما قامت به حكومة المملكة من الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، والتدابير اللازمة التي اتسمت بالجدية الفائقة لمكافحة الوباء.
فقد سارعت المملكة إلى تنفيذ خطوات الإغلاق والتباعد الاجتماعي وتعليق الأنشطة الرسمية والمجتمعية، حيث فرضت حظراً كلياً أو جزئياً في جميع أنحاء البلاد، كما تم تعليق الدراسة في جميع مراحل التعليم، وكذلك تعليق العمل في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وفرض آلية الدراسة والعمل عن بُعد، وإغلاق المسارح ودور السينما والمراكز التجارية والمطاعم، ومنع التجمعات في الأماكن العامة، وعدم السماح بالخروج والعمل إلا للضرورة الحتمية، بالإضافة إلى وقف الرحلات الجوية المحلية والدولية، وفي الآن نفسه، أعلنت وزارة الحج والعمرة، عن ضوابط وآليات حج 1442هـ وفق التدابير الاحترازية لضمان سلامة الحجاج.
لذا، فإن قرار المملكة باقتصار حج هذا العام على عدد محدود من الحجاج يكفل إقامة الشعيرة على نحو آمن صحياً، ويحافظ على سلامة الجميع، وبانتهاء حج هذا العام، أعلن وزير الصحة السعودي، توفيق الربيعة، نجاح موسم الحج من الناحية الصحية، دون تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا، وبعد هذا النجاح الباهر لا بد من عرض شائق يعطي لهذ النجاح والإنجاز بعداً يستحق الإشادة ونشر كل الحقائق والاكتشافات الباهرة والتطورات التقنية المستحدثة، التي تميزت بها المملكة في تعزيز الخدمات وصدق البيانات والمعلومات الواردة في البيانات الصحافية.
من هذه الأمور المهمة إحدى المهارات الأساسية في إدارة الأزمات وتهدئة الانفعالات عند حدوث الكوارث، التي أثبتت المعطيات تفرّد حكومة خادم الحرمين الشريفين بها على أرض الواقع، بما يمكنها من التعامل مع الأزمات الطارئة من موقف قوة، وكان ذلك باتخاذ الخطوات الاحتياطية والوقائية الكفيلة بخفض معدلات انتشار الوباء، والاستعداد لحج هذا العام وفقاً لقوانين الاحترازات عبر منظومة متكاملة من المرافق الصحية في المشاعر المقدسة، حيث شملت مجموعة من المستشفيات والمراكز الصحية وسيارات إسعاف عالية التجهيز، وطواقم طبية وفنية وإدارية تضم كوادر مؤهلة ومدربة على العمل في موسم الحج أشرفت على المرافق الصحية، حيث تم تجهيز 1500 سرير طبي لخدمة الحجاج، كما أن للتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد فاعلية كبيرة وتأثيرات دائمة وإجراءات وقائية عالية المستوى، لذا من المهم للغاية ربط كل ذلك بمعايير تقييم مخرجاتها ونتائجها.
بعد إعلان السعودية نجاح موسم الحج صحياً، أشادت منظمة الصحة العالمية بالإجراءات التي اتخذتها المملكة في موسم الحج هذا العام، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وضمان سلامة الحجاج.
وتواصلت التهاني والإشادة بنجاح حج 1442هـ من الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة، كما أشاد الاتحاد الأوروبي بالتنظيم الرائع لموسم الحج هذا العام، الذي تمت إدارته بكفاءة عالية، ترتب عليها عدم تسجيل أي حالات إصابة بفيروس كورونا بين عامة الحجاج.
كما يجب ألا ننسى أنه في جانب حيوي من جوانب هذا العمل، الموقع المتميز للنساء، والذي وضعن فيه بصماتهن في تنظيم حج هذا العام، والذي مر وسط ظروف استثنائية فرضتها جائحة فيروس كورونا، فقد تميزت النساء هذا الموسم في الأعمال الأمنية، والتعامل مع مقتضيات السلامة والجوانب القانونية المناسبة التي اتخذتها المملكة لحماية الحجاج، وكل ما هو مطلوب لضمان أمن الحاج وصحته.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة