على هامش الهدنة.. «سنوار جديد» يعيد بناء «حماس» في الظل
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرضت حماس لضربة شديدة عندما قتلت إسرائيل زعيم الحركة يحيى السنوار، في اشتباك قرب الحدود المصرية.
لكن، وبعد أشهر من هذه الواقعة، أصبح لدى حماس، سنوار آخر في السلطة، هو محمد الشقيق الأصغر ليحيى، والذي يعمل على إعادة بناء الحركة وتجنيد المزيد من العناصر، وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وبعد 15 شهرا من الحرب، تحول معقل حماس في غزة إلى أنقاض وخسرت الحركة الآلاف من مقاتليها ومعظم قياداتها.
كما أصبحت الكوادر المدربة والمسلحة ضعيفة للغاية، لكن العنف خلق جيلا جديدا من المجندين، وملأ غزة بالذخائر غير المنفجرة التي يمكن لعناصر حماس إعادة تشكيلها في قنابل بدائية الصنع.
والأسبوع الماضي، أبلغ الجيش الإسرائيلي عن مقتل 10 جنود في منطقة بيت حانون شمال غزة. فيما أطلقت حماس حوالي 20 صاروخًا على إسرائيل.
وتشكل حملة التجنيد والقتال المستمر تحت قيادة السنوار الجديد، تحديًا جديدًا لإسرائيل التي كان عليها طوال عدة أشهر، العودة إلى مناطق القتال التي سبق وأعلنت خلوها من عناصر حماس، لمواجهتهم مرة أخرى.
ووفق الصحيفة الأمريكية، فإن هذا الأمر قد يشير إلى صعوبة إنهاء الحرب التي استنفدت قوات إسرائيل، في حين لا يزال الرهائن في خطر.
إعادة بناء؟
وفي إشارة إلى القوات الإسرائيلية، قال أمير أفيفي، العميد الإسرائيلي المتقاعد: "نحن في وضع، حيث أصبحت وتيرة إعادة بناء حماس أعلى من وتيرة استئصال الجيش الإسرائيلي لعناصرها.. محمد السنوار يدير كل شيء".
ومحمد السنوار هو محور جهود إحياء حماس.
ورغم أن مسؤولي الحركة في قطر قرروا عقب اغتيال يحيى، تشكيل مجلس قيادي جماعي بدلا من تعيين رئيس جديد، إلا أن نشطاء حماس في غزة لم يوافقوا على ذلك ويعملون الآن بشكل مستقل تحت قيادة السنوار الأصغر سنا، وذلك وفقا لما ذكره وسطاء عرب شاركوا في محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
ويُعتقد أن محمد السنوار يبلغ من العمر حوالي 50 عاما، وكان يعتبر لفترة طويلة قريبا من شقيقه الذي كان يكبره بأكثر من 10 سنوات، انضم إلى حماس في سن مبكرة ومقرب من رئيس الجناح المسلح للحركة، محمد ضيف.
وعلى عكس شقيقه يحيى الذي قضى أكثر من عقدين من الزمان في سجن إسرائيلي، لم يقض محمد وقتا طويلا في سجون تل أبيب. لذلك، فالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تفهم عنه إلا القليل.
رجل الظل
وقال مسؤولون عرب إنه عمل إلى حد كبير خلف الكواليس، مما أكسبه لقب "الظل".
وقال مسؤول إسرائيلي كبير من القيادة الجنوبية التي تدير القتال في غزة: "نحن نعمل بجد للعثور عليه".
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، كان محمد السنوار أحد الأشخاص المسؤولين عن عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 2006 والتي أدت إلى إطلاق سراح شقيقه في صفقة تبادل بعد 5 سنوات.
وبعد مقتل يحيى السنوار ومحمد ضيف ونائبه، أصبح محمد السنوار الآن القائد الأعلى لحماس في غزة، إلى جانب عز الدين حداد، رئيس الأركان في شمال غزة.
وقبل الحرب، اعتقدت إسرائيل أن حماس لديها ما يصل إلى 30 ألف عنصر منظمين في 24 كتيبة في هيكل يشبه إلى حد كبير الجيش الحكومي.
وقالت القوات الإسرائيلية إنها دمرت هذا الهيكل المنظم وقتلت حوالي 17 ألف عنصر واعتقلت الآلاف خلال الحرب.
كيفية التجنيد
لكن الجيش الإسرائيلي قال إن حماس جندت عدة مئات من العناصر في الأشهر القليلة الماضية، مع التركيز على شمال غزة، وقد يصل عددهم إلى الآلاف.
ورغم قلة هؤلاء المجندين، فإنهم يشنون هجمات خاطفة في خلايا صغيرة تضم بضعة عناصر فقط، ويستخدمون البنادق والأسلحة المضادة للدبابات التي لا تتطلب تدريباً عسكرياً كبيرا.
وتقوم حماس بتجنيد العناصر الجديدة بوعود بتوفير المزيد من الطعام والمساعدات والرعاية الطبية للشباب وأسرهم. كما يستهدف مسلحو حماس الجنازات وتجمعات الصلاة للعثور على الشباب الفلسطينيين الغاضبين.
ووفق وول ستريت جورنال، أثبت محمد السنوار أنه عنيد مثل شقيقه الأكبر في الضغط من أجل وقف إطلاق نار دائم يضمن بقاء حماس.
وفي أواخر العام الماضي، كتب في رسالة إلى الوسطاء نشرتها "وول ستريت جورنال"، أن "حماس في وضع قوي للغاية لإملاء شروطها".
وكتب في رسالة أخرى: "إذا لم تكن صفقة شاملة تنهي معاناة جميع سكان غزة وتبرر دماءهم وتضحياتهم، فإن حماس ستواصل قتالها".
وتتناقض صعوبة إسرائيل في اقتلاع حماس مع نجاحها في قتل العديد من كبار قادة الحركة سواء في غزة أو في الخارج، وأيضا مع هزيمة حزب الله في لبنان.
aXA6IDE4LjExNi44MC42OCA= جزيرة ام اند امز