إسرائيل تقطع شريان حماس بغزة.. رواتب متوقفة ونفوذ يتآكل

تواجه حركة حماس أخطر أزمة مالية منذ سنوات، حيث بدأت أذرعها العسكرية والسياسية تعاني من شلل شبه كامل في قدرتها على دفع الرواتب وتمويل العمليات.
هذا ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها طالعته "العين الإخبارية"، مشيرة إلى أزمة سيولة غير مسبوقة تواجهها حركة حماس وتعجز معها عن دفع رواتب مقاتليها وموظفيها المدنيين.
والشهر الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات السلع الإنسانية عن قطاع غزة، التي كانت حماس تستولي على بعضها وتبيعها لجمع الأموال، وفقا لمسؤولين عرب وإسرائيليين وغربيين تحدثوا للصحيفة.
وقال مسؤولون استخباراتيون إن الهجوم الإسرائيلي المتجدد بعد انهيار الهدنة، في مارس/آذار الماضي، استهدف وقتل مسؤولين في حماس لعبوا أدوارا مهمة في توزيع الأموال على كوادرها، وأُجبر آخرين على الاختباء.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل صرّافا كان له دور رئيسي في تمويل حماس، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين السياسيين.
أزمة مالية تتزامن أيضا مع تجدد المظاهرات المناهضة لحركة حماس، في مناطق متفرقة من قطاع غزة، لا سيما الشمال، وللمطالبة بوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبعد توقفها لأيام، انطلقت مظاهرات بمشاركة آلاف الفلسطينيين في بيت لاهيا المدمرة شمال غزة، مطالبة بإنهاء هذه الحرب، وإنهاء نظام حماس، وخروج الحركة من المشهد.
ووصف شهود عيان لـ"العين الإخبارية" هذه المظاهرات بأنها الأكبر منذ بداية الحرب، ولم تخلُ من انتقادات شديدة لحركة حماس، التي حمّلها المتظاهرون مسؤولية استمرار مأساتهم التي لم يشهد قطاع غزة مثيلا لها من قبل.
ضغط منهك ورواتب مقطوعة
ووفق مصادر الصحيفة الأمريكية، فإن دفع رواتب العديد من موظفي الحكومة التابعة لحماس في غزة قد توقف.
بينما "بدأ العديد من كبار مقاتلي حماس والموظفين السياسيين في تلقي نحو نصف رواتبهم فقط في منتصف رمضان الشهر الماضي".
وذكروا أن رواتب مقاتلي حماس العاديين كانت تتراوح في المتوسط بين 200 و300 دولار شهريا.
وقال إيال عوفر، الباحث في اقتصاد غزة: "حتى لو كانوا (في إشارة لحماس) يمتلكون مبالغ كبيرة من النقد، فإن قدرتهم على توزيعها ستكون محدودة للغاية في الوقت الحالي".
وأوضح عوفر أن طرق الدفع المعتادة لحماس كانت "أن يحمل ساعي الأموال نقدا أو أن ينشئ نقطة صرف، وأي منهما قد يشكل أهدافا للقوات الإسرائيلية". مضيفا: "هذان الأمران من شأنهما أن يلفتا الانتباه".
خزينة حماس قبل الحرب
وقبل الحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع مع أكتوبر/تشرين الأول 2023، جمعت الحركة أموالا من أماكن تشمل غرب أفريقيا وجنوب آسيا وبريطانيا، مما أدى إلى تكوين مخزون يبلغ نحو 500 مليون دولار، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مصادر.
وبمجرد بدء الحرب، فرضت إسرائيل قيودا صارمة على نقل الأموال النقدية إلى غزة، مما أجبر حماس، التي صنفتها الولايات المتحدة جماعة "إرهابية"، على إيجاد طرق للالتفاف على القيود.
وكشف مسؤولون فلسطينيون حاليون وسابقون، للصحيفة، عن أن الحركة تورطت في وقت مبكر، في الاستيلاء على 180 مليون دولار من فروع بنك فلسطين ومؤسسات أخرى.
طرق أخرى لنهب المال
كما استغلت حماس تدفق السلع الإنسانية والتجارية لبناء مصادر دخل جديدة، وفقا لمسؤولين عرب وإسرائيليين وغربيين. وشمل ذلك فرض ضرائب على التجار، وجمع الجمارك على الشاحنات عند نقاط التفتيش، والاستيلاء على البضائع لإعادة بيعها.
وقال المسؤولون إن حماس استخدمت أيضا النقد الأجنبي لشراء سلع إنسانية تُباع بعد ذلك في غزة وتُعاد إلى نقود.
وحتى مع هذه الحلول البديلة -تقول الصحيفة- إن حماس كانت تقترب من أزمة سيولة قبل أن يجلب وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي، تدفقا للمساعدات إلى غزة، مما أتاح للحركة فرصة لإعادة ملء خزائنها، وفقا للمسؤولين الإسرائيليين والغربيين.
وقد أُغلقت هذه المسارات عندما أغلقت إسرائيل حدود غزة أمام الإمدادات الإنسانية في مارس/آذار الماضي.
وقال مؤمن الناطور، وهو محام فلسطيني من مخيم الشاطئ للاجئين في وسط غزة: "هناك أزمة كبيرة في حماس من حيث الحصول على الأموال".
وأضاف الناطور، الذي كان جزءا من حركة معارضة لحكم حماس، إن الأخيرة تكافح لدفع رواتب موظفي الحكومة التابعين لها".
وأشار إلى أن الحركة كانت تعتمد بشكل رئيسي "على المساعدات الإنسانية التي تُباع نقدا في السوق السوداء".
وانتقدت منظمات الإغاثة قطع المساعدات، معتبرة أنه يهدد بإعادة الجوع الشديد إلى سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة.
والأحد الماضي، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن منع المساعدات يُقوض سيطرة حماس، وقال إن بلاده تعمل على خطة جديدة لتوزيع المساعدات من خلال شركاء مدنيين.
aXA6IDMuMTMzLjExNS4xNzgg جزيرة ام اند امز