روشتة أمريكية لإسرائيل «بلا دماء».. «أسهل نهاية» لحماس
8 أشهر من الحرب في غزة، أغرقت عشرات الآلاف من المدنيين في الدماء، وفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، لكن البارود لم يكتب نهاية.
فالحرب لا تزال بلا نهاية في الأفق رغم محاولات الوسطاء دفع مبادرات لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، لكن تسود شكوك واضحة حول تحقيق الهدف الواضح للعمليات الإسرائيلية: "القضاء" على حماس.
وفي هذا السياق، تحدث الباحث أودري كورث كرونين، في مجلة فورين أفيرز الأمريكية، عن مسار "نهاية حركة حماس" دون دماء، من واقع نهايات سابقة لمنظمات مماثلة في حقب مختلفة بالعالم.
لماذا تفشل الجماعات؟
وكتب كرونين في التقرير الذي طالعته "العين الإخبارية": "تنتهي معظم الجماعات المسلحة، لأنها تفشل استراتيجيا، إما بانهيارها على نفسها أو بفقدانها الدعم".
وأضاف موضحا: "الجماعات التي تنهار من الداخل تنهار أحيانًا خلال تحولات الأجيال مثل جماعة (ويذر أندرغراوند) اليسارية المتطرفة في الولايات المتحدة من الستينيات إلى الثمانينيات، أو تتفكك إلى فصائل (مثل بقايا الجيش الجمهوري الإيرلندي بعد اتفاق الجمعة العظيمة)، أو تنهار بسبب خلافات عملياتية (جبهة تحرير كيبيك الكندية في أوائل السبعينيات)".
"كما يمكن أن تتفكك مثل هذه الجماعات بسبب خلافات أيديولوجية مثل الجيش الأحمر الياباني الشيوعي في عام 2001". وفق الباحث.
أو أن تلك الجماعات تفشل أيضًا لأنها "تفقد الدعم الشعبي. وفي بعض الأحيان، يرجع ذلك إلى أن الحكومات تقدم لأعضائها بديلاً أفضل، مثل العفو أو الوظائف"، وفق كرونين الذي استدرك قائلا "لكن أهم سبب لفشل الجماعات الإرهابية هو أنها تخطئ في حساباتها، خاصةً من خلال ارتكاب أخطاء في الاستهداف تثير النفور بين دوائر مهمة".
وللاستدلال على ذلك، استشهد "بالتفجير الذي قام به الجيش الجمهوري الإيرلندي الحقيقي في أغسطس (آب) 1998 في أوماغ، وهي بلدة صغيرة في إيرلندا الشمالية، وأدى إلى مقتل 29 شخصًا، من بينهم عدد من الأطفال".
ووفق كورث كرونين، "أدى الاشمئزاز واسع النطاق من الهجوم إلى توحيد أجزاء متباينة من المجتمع وتوطيد الدعم لاتفاق الجمعة العظيمة، على حساب منظمة الجيش الإيرلندي".
ثم تطرق لنموذج في مكان آخر "ارتكب الانفصاليون الشيشان خطأً مماثلاً في عام 2004 عندما استولوا على مدرسة في بيسلان بروسيا، مما أدى إلى مقتل أكثر من 300 شخص، بينهم ما يقرب من 200 طفل، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في دعم القضية الانفصالية داخل الشيشان وفي جميع أنحاء أوروبا".
"في العام التالي، هاجم انتحاريون ينتمون إلى تنظيم القاعدة في العراق، ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان، ما أسفر عن مقتل حوالي 60 شخصاً. وأظهرت استطلاعات الرأي في وقت لاحق أنه في أعقاب ذلك، غيّر 65 في المئة من الأردنيين نظرتهم إلى تنظيم القاعدة من إيجابية إلى سلبية"
تاريخياً، كان ثلث ضحايا تنظيم القاعدة على الأقل من المسلمين، وهذا هو السبب الرئيسي في أن التنظيم "لم يصبح الحركة الشعبية التي كان أسامة بن لادن يأمل أن تكون"، وفق التقرير ذاته.
حماس من التأييد للتراجع
الباحث عاد للحديث عن حماس بقوله "تمتلك الحركة كل مقومات الجماعة التي يمكن أن تفشل. ولعل أهم هذه المقومات هو حقيقة أنها لا تحظى بشعبية. فبعد فترة وجيزة من سيطرتها على غزة عام 2007، بدأ تأييد الفلسطينيين لها في التدهور".
ووفقاً لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث، كان لدى 62 في المئة من الناس في الأراضي الفلسطينية نظرة إيجابية تجاه حماس، عام 2007. وبحلول 2014، كان ثلثهم فقط يؤيد الحركة.
ويرى خليل الشقاقي، وهو محلل سياسي فلسطيني وخبير في استطلاعات الرأي، أن "التأييد لحماس يرتفع بشكل عام خلال المواجهات مع إسرائيل ولكنه يتبدد بعد ذلك عندما تفشل الحركة في إحداث تغيير إيجابي".
وتعاني حماس من "تصدعات قد تتسع، بل قد تؤدي إلى انهيارها"، بحسب كرونين.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، لم تكن قيادات حماس العسكرية والسياسية متناغمة دائماً: إذ أطلق القائد العسكري للحركة في غزة، يحيى السنوار، هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول مع عدد قليل من العسكريين، وأبقى رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، خارج الدائرة الضيقة للقرار.
وكشفت تقارير لوكالة رويترز أن بعض قادة حماس بدوا مصدومين من توقيت الهجمات وحجمها.
كما تواجه حركة حماس أيضاً ضغوطاً ومنافسة من حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهي حركة أصغر منها ولكنها أكثر قرباً من إيران.
ولكن الطريقة الأكثر ترجيحًا لفشل حماس هي "رد الفعل الشعبي العنيف. فالحركة تحكم غزة من خلال القمع، وتستخدم الاعتقالات والتعذيب لقمع المعارضة"، وفق فورين آفيرز.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أعرب العديد من الفلسطينيين عن "الغضب من حماس بسبب سوء تقديرها لعواقب الهجوم، وهو خطأ فادح في الاستهداف أدى بشكل غير مباشر إلى مقتل عشرات الآلاف من سكان غزة".
خطة بديلة.. فهل تهزم حماس نفسها؟
ومن أجل جر حماس للفشل، اقترح التقرير "أن تبذل كل ما في وسعها لإعطاء الفلسطينيين في غزة شعوراً بأن هناك بديلاً للحركة وأن هناك مستقبلاً أفضل".
ويوضح "بدلاً من تقييد المساعدات الإنسانية إلى حد ضئيل، يجب على إسرائيل أن تقدم المساعدات الإنسانية بكميات هائلة. وبدلاً من الاكتفاء بتدمير البنية التحتية والمنازل، ينبغي على أبيب أيضاً أن تشارك خططاً لإعادة بناء القطاع في مستقبل ما بعد حماس".
و"بدلاً من تنفيذ عقاب جماعي على أمل أن يلقي الفلسطينيون اللوم على حماس في نهاية المطاف، ينبغي لإسرائيل أن تميز بين عناصر حماس والغالبية العظمى من سكان غزة الذين لا علاقة لهم بالحركة وهم أنفسهم ضحايا حكمها"، وفق التقرير.
ويستنتج التقرير "بعد عقود من الصراع مع حماس وبعد أشهر من خوض حرب وحشية واسعة النطاق، لا يزال من غير المرجح أن تهزم إسرائيل الحركة. ولكن لا يزال بإمكانها الانتصار - من خلال مساعدة حماس على هزيمة نفسها".