تأخر إعلان حماس مقتل السنوار.. خبراء يشرحون الأسباب
ساعات طويلة فصلت بين إعلان إسرائيل مقتل زعيم حماس يحيى السنوار، أمس، وخروج الحركة ببيان يؤكد الأمر، اليوم الجمعة.
هذا الفاصل الزمني الكبير بين مقتل السنوار الأربعاء الماضي وإعلان تل أبيب الخميس وتأكيد الحركة الجمعة، إذا وضع في سياق الاهتمام الإعلامي الضخم بالحادث يثير كثيرا من الأسئلة، يجيب عنها خبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية".
ومساء الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل السنوار الذي تعده الدولة العبرية مهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد مطاردة استمرت أكثر من عام.
ولم تخرج حماس ببيان قبل عصر اليوم الجمعة، حين أعلن خليل الحية نائب رئيس الحركة في كلمة متلفزة، أكد فيها مقتل السنوار، وقال "لن يزيدنا إلا قوة وصلابة".
هذا التأخر جديد على حماس في ضوء التجارب السابقة، سواء بعد مقتل زعيمها السابق إسماعيل هنية بهجوم في طهران في 31 يوليو/تموز الماضي، أو نائبه صالح العاروري بضربة إسرائيلية استهدفت مقرا للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية ببيروت في يناير/كانون الثاني الماضي، إذ سارعت الحركة إلى إصدار بيانات تؤكد اغتيال الرجلين.
"تفكك"
وفي تفسيره لموقف حركة حماس وأسبابه، يقول الدكتور هشام النجار، الخبير السياسي المصري، إن "حركة حماس تعاني بشكل كبير بسبب تفكيك بنيتها العسكرية، وهيكلها التنظيمي، ووجود شبه فراغ قيادي في الميدان وتشتت، والافتقار للتنسيق والتواصل".
هذا جعل -الحديث للنجار- ردود الفعل للحركة على أحداث بهذه الضخامة خاصة حدث يتعلق بمقتل زعيمها "بطيء جدا".
كما أشار الكاتب المصري إلى أن حماس "لا بد أنها تمر بمرحلة تنازع وتحول، أو ربما وقوف وانتظار وكمون وإعادة نظر في ممارسات وقرارات القيادة السابقة للخروج بقيادة بديلة بتصور مختلف".
وقدر الخبير السياسي المصري أن المرحلة الحالية من عمر الحركة "ستكون إعادة بناء ومعنى، هذا ليس فقط تصعيد قائد بديل، إنما بناء منظومة جديدة، وطرح منهج وفكر جديد يستطيع التعاطي مع أزمة وجودية بهذا الحجم، وهذا كله يتطلب وقتا طويلا".
وفي رأي الدكتور ألبير فرحات، الخبير الاستراتيجي المقيم في فرنسا، فإن تأخر إعلان حماس يمكن تفسيره بـ"ترتيب إجراءات داخلية بالحركة، حيث إن الجانب العسكري بالحركة في هذه اللحظة يتحكم في إدارة كافة الأمور، وهو ما يطغى على السياسي، وهذا ما أبطأ قليلا" إعلان الحركة الفلسطينية".
فرحات أكد في الوقت نفسه أنه "لا صراع معلن أو غير معلن داخل حماس الآن، حيث إن الجناح العسكري للحركة هو الذي يدير كل المفاوضات، وهو الذي يدير كافة التعاملات الداخلية فيما يتعلق بقطاع غزة حاليا".
وأوضح أن "حركة حماس لديها آلياتها الداخلية التي تتعامل من خلالها والموضوع (الإعلان عن مقتل السنوار) كان فقط مسألة وقت".
بديل سريع؟
لكن الخبير الاستراتيجي تحدث عن "صعوبة إيجاد بديل سريع ليحيى السنوار، بسبب تعقد عملية الاتصال بين أعضاء مكتب حماس السياسي، فهناك 3 أعضاء من الداخل، ونحو 7 موجودين في دول متفرقة، لكن لا يوجد خلاف داخل الحركة على من سيخلف الزعيم الراحل".
وينبه إلى أن بعض الجهات "تتداول حاليا اسم خالد مشعل ليكون بديلا عن السنوار، لكن ليس من المؤكد أن يكون الأخير هو الذي سيدير زمام الحركة، وفي كل الأحوال هناك معطيات خارجية وداخلية هي التي ستقرر كيف وأين ومتى يتم الإعلان عن البديل والتغييرات بالحركة".
وعزا الباحث في الشأن الفلسطيني الدكتور محمود علوش تأخر حماس في إعلان مقتل السنوار، واختيار البديل، إلى "محاولة ترتيب البيت الداخلي لمرحلة ما بعد السنوار، خصوصا على مستوى زعامة الحركة، وإعادة التشكيل التنظيمي السياسي للحركة على المستوى القيادي".
"قدرة على التكيف"
ونبه المحلل السياسي التركي إلى أن "الحركة الفلسطينية خسرت الكثير من القادة الكبار في هذه الحرب وحتى منذ تأسيسها، لكنها قادرة على التكيف مع هذه الخسائر من خلال إعادة إنتاج قيادة جديدة".
وينوه في هذا الصدد إلى أن "المهمة الأساسية اليوم التي تنتظر حركة حماس تتمثل في تعيين أو إعادة تشكيل المستوى التنظيمي القيادي للحركة في حقبة ما بعد السنوار".
علوش أكد أن مقتل السنوار "يشكل ضربة كبيرة لحركة حماس، لا سيما على المستوى التنظيمي، بسبب دوره المهم في الإشراف على إدارة هذه الحرب".
ورغم ذلك لا يعتقد الباحث السياسي أن "هناك صراعا داخليا بالحركة حول خلافة السنوار، لأن هذا لم يظهر عقب اغتيال إسماعيل هنية بإيران، إضافة إلى أن الحركة لا تمتلك رفاهية للدخول في صراع على خلافة السنوار، وسيتعين عليها ترتيب بيتها الداخلي بشكل سريع للتعامل مع المرحلة الجديدة والمهمة والمفصلية من هذه الحرب".
ووفق مراقبين آخرين هناك أسباب أخرى كنت تكون قد أسهمت في تأخر إعلان حماس مقتل السنوار، أبرزها صعوبة التواصل مع زعيم الحركة بالأساس في ظل تنقله دون وسائل اتصال، كذلك عدم وجود جثة بين يدي الحركة يمكن التأكد من خلالها.
وكانت إسرائيل أعلنت أنها نقلت جثة السنوار لفحصها وتأكيد هويته بعد الاشتباه في أنها قتلت بطريق الصدفة زعيم الحركة والمطلوب الأول لها.
كما أن الخطر الذي يحيط بقيادة حركة حماس في السياق الحالي، خاصة بعد مقتل اثنين من زعمائها في أقل من شهرين، يجعل مهمة أي زعيم جديد محفوفة بالمخاطر، ويجعل المنصب "أقل بريقا"، و"أقل تحريكا للتناحر"، وفق المراقبين.
aXA6IDMuMTQ3Ljc2LjE4MyA= جزيرة ام اند امز