خبراء: زيارة حمدوك لدارفور مسعى لإنهاء أزمة استمرت 16 عاما
يعقد حمدوك خلال زيارته سلسلة لقاءات تشاورية بشأن عملية تحقيق السلام مع أصحاب المصلحة من قيادات النازحين واللاجئين والمسؤولين بدارفور
اعتبر خبراء سودانيون أن زيارة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك المرتقبة إلى إقليم دارفور غربي السودان ستسهم في مساعي إنهاء الحرب المشتعلة لأكثر من 16 عاماً ومعالجة أوضاع النازحين واللاجئين جذرياً.
ويبدأ رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك أول زيارة داخلية له إلى ولايات دارفور يوم الإثنين المقبل، لبحث عملية السلام والوقوف على أوضاع المتأثرين بالحرب من النازحين والمهجرين من مناطقهم الأصلية إلى المعسكرات بأطراف المدن.
ويشهد إقليم دارفور، منذ عام 2003، نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
وتبدأ الزيارة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور برفقة وزير رئاسة مجلس الوزراء السوداني عمر مينيس، ومسؤولين بمجلس السيادة، قبل أن تمتد إلى عدد من معسكرات النازحين بالإقليم المأزوم بالحرب منذ 13 عاماً.
ويعقد حمدوك خلال زيارته سلسلة لقاءات تشاورية بشأن عملية تحقيق السلام مع أصحاب المصلحة من قيادات النازحين واللاجئين بالمعسكرات والمسؤولين في ولايات دارفور.
وتسعى الحكومة الانتقالية السودانية بقيادة حمدوك إلى معالجة أزمة الحرب في دارفور من جذورها عبر إشراك أصحاب المصلحة وأخذ رؤاهم وتصوراتهم في عملية السلام.
وكانت أربع حركات مسلّحة سودانيّة بارزة تقود تمرداً في إقليم دارفور، قد أعلنت في بيان أصدرته نهاية أغسطس/آب الماضي، اتفاقها على الشروع بمفاوضات مع الحكومة السودانية المقبلة (قبل تشكيل حكومة حمدوك أوائل سبتمبر/أيلول الماضي).
ووّقع على البيان حينها رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم ورئيس حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي الهادي إدريس يحيى ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، وجميعهم مقيمون في جوبا عاصمة جنوب السودان.
توقيت مناسب
وقال الخبير والمحلل السياسي شوقي عبدالعظيم، لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة حمدوك تأتي في توقيت مناسب جداً لأنها تسبق انطلاقة الجولة الثانية من مفاوضات السلام وستكون مفيدة لتحقيق السلام ومعالجة آثار الحرب.
وأوضح أن الزيارة ستمكن رئيس الوزراء من الاستماع للنازحين مباشرة كما تمكنه من الوقوف يقف على قضاياهم ومشكلاتهم على الأرض لتتكون عنده صورة كاملة تساهم في فهم الحكومة لطبيعة الأزمة وتساعدها في إيجاد المعالجات اللازمة لها.
وأشار إلى أن معسكرات النازحين الموجودة في ولاية شمال دارفور التي يبدأ بها حمدوك زيارته تعد من أكبر المعسكرات في السودان للنازحين والمشردين.
وأضاف "الزيارة ستتيح لرئيس الوزراء فرصة كبيرة لمعرفة طبيعة المشكلات في الإقليم من خلال الاستماع للمواطنين واللجان المختصة بالمعسكرات بجانب بعثة حفظ السلام المشتركة "يوناميد" وذلك يسهم بشكل كبير في تقدم مفاوضات السلام المقبلة".
ويستبعد عبدالعظيم تخصيص منبر منفصل لمناقشة قضايا النازحين واللاجئين، ويرى أنه يساهم في تعقيد الأزمة أكثر من حلها لجهة أن تجزئية الحلول نهج اتبعه النظام البائد في معالجة القضية ولم يصل إلى سلام خلالها.
وتابع "من الأفضل أن يحافظ الجميع على الحركات المسلحة لأن لها وجودا حقيقيا وسط المعسكرات، وأن الاتفاق معها يفتح الباب للاتفاق مع النازحين واللاجئين في دارفور لأنهم بشكل كبير يمثلونهم".
ترحيب بالزيارة
ورحبت قيادات النازحين في دارفور بزيارة حمدوك التي تساعد في معالجة أوضاع المتضررين من الحرب وإعادة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية بعد معاناة نزوح امتدت لسنوات.
وقال عثمان أبكر، أحد قيادات معسكر "كلما" للنازحين، قرب مدينة نيالا بجنوب دارفور، لـ"العين الإخبارية" إن الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء ستمكن النازحين من إيصال صوتهم مباشرة للحكومة لأول مرة منذ بداية الحرب.
ولفت إلى أن الزيارة سبقها اجتماع موسع للحكومة الانتقالية مع قيادات النازحين عقد في الخرطوم استمعت خلاله الحكومة لوجهات نظر المتأثرين بالحرب حول معالجة القضية وإحلال السلام في الإقليم.
وأكد أبكر أن "الوفد الذي جاء إلى الخرطوم مكون من 90 شخصاً يمثلون معسكرات النازحين بولايات الإقليم الخمس".
وأوضح أن "الوفد عقد سلسلة لقاءات مع مجلسي الوزراء والسيادي بشأن عملية تحقيق السلام، وأبلغ الحكومة الانتقالية مطالب النازحين ورؤيتهم لمعالجة قضيتهم، على رأسها فصل قضاياهم عن قضايا الحركات المسلحة في منبر التفاوض لأنهما تختلفان تماماً عن بعضها".
واستطرد أن "الحركات المسلحة لديها قضايا سياسية وأمنية متعلقة بالسلطة ومعالجة وضعية قواتها العسكرية عبر الترتيبات الأمنية، بينما قضايا النازحين متعلقة بالعودة الطوعية وتوفير الأمن وتقديم التعويضات ومحاكمة المتسببين في الانتهاكات التي لحقت بهم".
وذكر أبكر أن "الحكومة الانتقالية على المستوى السيادي والوزاري تفهمت مطالب النازحين ووعدت بالاستجابة لها"، معتبراً زيارة رئيس الوزراء المقبلة إلى إقليم دارفور امتداداً للقاء الذي جرى بالخرطوم مع قيادات النازحين.
أمر جيد
مدير مركز "سلام ميديا" الدكتور عباس التجاني وصف زيارة عبدالله حمدوك بالأمر الجيد لأنها الأولى له داخلياً ومن شأنها تسهيل أمور كثيرة كانت تعترض طريق السلام.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية": "إن رئيس الوزراء سيقف على حقيقة الأوضاع ميدانياً وسيرى بعينه ما فعلته الحرب بالسكان وهو ما سيكون دافعاً لإرادة الحكومة في تحقيق السلام وإنهاء الحرب ومظاهرها المتمثلة في معسكرات النازحين".
ولفت إلى أنه "رغم أن الزيارة أتت متأخرة لكنها ستسهم في تجاوز العديد من التعقيدات، فمعالجة قضايا النازحين واللاجئين هي التي تدفع المجتمع الدولي لدعم الحكومة الانتقالية بالسودان".
وأوضح أنه من المهم أن يجلس رئيس الوزراء مع جميع النازحين في مناطق النزاعات بخلاف دارفور مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق، وكذلك المتأثرين بسياسات النظام البائد، في شرق السودان وشمال السودان، ليحقق حصاد أكبر على المستوى الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن زيارة حمدوك جاءت عقب التقاء رئيس الوزراء قادة الحركات المسلحة سبتمبر/أيلول الماضي في جوبا وكذلك لقاء عبدالواحد نور في العاصمة الفرنسية باريس، مضيفاً "بعد هذه الزيارة التي يلتقي خلالها المتأثرين بالحرب ستكتمل الصورة لدى حمدوك حول عملية تحقيق السلام".
وذكر التجاني أن رئيس الوزراء يحتاج إلى زيارات أكثر لمعسكرات النازحين ومدن الإقليم لشرح وجهة نظر الحكومة في معالجة أزمة الحرب وإنهاء معاناة المتضررين منها، الأمر الذي يجعل الجميع يعملون لأجل السلام.
وتابع "ملف السلام في السودان يتطلب معالجة أوضاع كل المتأثرين بالحرب في السودان، هنالك من تأثروا ولم يستقروا في معسكرات كما الحال في دارفور، من المهم معالجة أوضاعهم".
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس الوزراء السوداني إلى دارفور منذ توليه سلطة الفترة الانتقالية عقب الإطاحة بنظام حكم عمر البشير.
وكان مجلس الوزراء أكد خلال اجتماعه الدوري الأسبوع الماضي ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين بمعسكرات النزوح في عملية التفاوض باعتبارهم المتضررين الأساسيين من الحرب.
وألمح إلى أنه "سيتم تشكيل آلية لإشراك النازحين واللاجئين في المفاوضات بجانب إشراك منظمات المجتمع المدني والمرأة في كل مراحل التفاوض".
وأعلن مجلس الوزراء السوداني أن مفاوضات السلام سيتم تقسيمها إلى 4 محاور، هي: "الترتيبات الأمنية، والتنمية الاقتصادية، ومحور القوانين، والسياسة والحكم وسيكون على رأس كل محور وزير مختص".
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA= جزيرة ام اند امز