السعادة كما يراها أرسطو.. شجاعة وكرم ومودة
الفضيلة، كما يشرحها أرسطو، هي المتوسط الذهبي بين صفتين متناقضتين، والشخص الذي لديه هذه المهارة يستطيع التفريق بينهما جيداً.
يرى الفيلسوف أرسطو، أحد أعظم المفكرين، أنَّ الفضائل سمات شخصيّة وميل للتصرّف بطريقة معينة يكتسبها الإنسان عبر الممارسة أو من خلال الاقتداء بنماذج جيّدة.
موقع "big think" الذي يهتم بالكتب والقضايا الفكريّة أكد أنَّ أرسطو أشهر فلاسفة الإغريق وأكثرهم تأثيرًا وضع قواعد للأخلاق أو للفضيلة التي ما زالت تُدرَّس في الجامعات حتى الآن.
في كتابه "علم الأخلاق" والذي سُمِّي بـ"الأخلاق النيقوماخية" نسبة إلى ابنه "نيقوماخوس"، الذي أهدى إليه الكتاب، يقول أرسطو: "إنَّ البشر كائنات اجتماعيّة، عقلانيّة تتطلع للحياة السعيدة، ولتحقيق هذه الغاية وضع الفيلسوف الكبير نظامًا أو قواعد للوصول إلى الرخاء أو السعادة".
ويتطلب الوصول إلى هذه المرحلة كما يقول أرسطو بناء شخصيّة الفرد من خلال اكتساب بعض المهارات التي تمكنه من اتخاذ القرارات الصحيحة أو المناسبة.
الفضيلة، كما يشرحها أرسطو، هي المتوسط الذهبي بين صفتين متناقضتين، والشخص الذي لديه هذه المهارة يستطيع التفريق بينهما جيداً.
وقواعد الأخلاق حددها أرسطو في 11 صفة:
الشجاعة
هي الوسط بين الجبن والتهور، فالشخص الشجاع هو الذي يمضي في طريقه ولكنه يدرك جيداً حجم الخطر.
الاعتدال
النقطة الوسطى بين الإفراط وعدم الاكتراث، فالشخص الذي يخوض نفس التجربة مراراً وتكراراً يتساوى والذي لم يقدم عليها أبداً.
الكرم
أو فضيلة الصدقة، النقطة الوسطى بين البخل والإسراف.
البهاء
والتي يقصد بها العيش برفاهية، وتقع في منطقة وسطى بين البخل والسفه، فيقول أرسطو: لا يوجد سبب لأن يكون الفرد بخيلاً حد التقشف، كما يجب أن يكون حذراً من التبذير.
النبل
تتعلق هذه الفضيلة بالفخر، وهي منطقة وسطى بين عدم تقدير الذات وبين جنون العظمة.
الصبر
تعني هذه الفضيلة التحكم في أعصاب الفرد، فالشخص الصبور هو الذي لا يكون سريع الغضب، ولكنه في الوقت نفسه يغضب إذا كانت هناك حاجة لذلك.
الصدق
فضيلة الأمانة التي تقع في منطقة وسطى بين عادة الكذب الدائمة وبين كون الشخص لبقًا.
الكياسة
المنطقة الوسطى بين المزاح والفظاظة.
المودة
قد يرى البضع أن الصداقة ليست من ضمن الفضائل الأخلاقيّة، لكن أرسطو يرى أنَّها جزء من الحياة السعيدة التي نتطلع إليها، يقول إنَّ الفرد لا ينبغي له أن يكون فظًا غليظاً تجاه الآخرين ولا يكون منفتحاً على الجميع في الوقت ذاته.
الحياء
وهي الفضيلة التي تقع بين الخجل الشديد، وبين كون المرء وقحًا، الشخص الذي يتمتع بقدر من الحياء يلاحظ جيداً عند ارتكابه خطأ اجتماعياً أو اخلاقياً، لكنه لن يكون خائفاً إلى حد عدم الإقدام على فعل شيء ما.
الإنصاف
هي فضيلة التعامل بعدل مع الآخرين، وتقع في نقطة وسطى بين الأنانية والإيثار.
ووفق موقع "big think"، تعامل أرسطو مع الأخلاق كفن أكثر من كونها علم، وشرحه لهذه الفضائل يفتقد للتفصيل، "كأنه يقول لنا علينا التعلم كيف نتصرّف في المواقف المختلفة وهو أيضًا جانب أساسي من تنمية وتطوير الذات، كما أنَّها تعني أيضًا أن الفرد يمكنه كسر هذه القواعد، فكون الشخص صادقًا أو أمينًا على سبيل المثال لا يعني أنَّه لا يكذب أبداً خصوصاً إذا اقتضت الحاجة لذلك، وهو ما يجعل قواعده أكثر مرونة، شريطة أن يعي الفرد متى يغضب، متى يفخر بذاته وهكذا".
وبالرجوع إلى الزمن الذي عاش فيه أرسطو يقول الموقع إنَّ هذه القائمة أعدت ربما لتناسب الطبقات العليا من المجتمع، الرجل اليوناني الذي حظي بنسبة معقولة من التعليم وكذلك أتيحت له فرصة جيّدة للمعيشة.
ومن جانبها، تقول مارثا وسبام، أستاذة القانون والأخلاق بجامعة شيكاغو، إنَّ ما يفعله أرسطو في كل حالة من الحالات المذكورة، هو الفصل أو العزل بين مجالات الحياة والخبرة الإنسانية شديدة التداخل، وهو ما يمكننا الاستفادة منه في وقتنا الحالي.
وتضيف: "كلنا على سبيل المثال نواجه الخطر بشكل ما في حياتنا، جميعًا تتساءل كيف نكون شجعاناً وكيف نتعامل مع الآخرين، وجميعًا نغضب وفي الوقت نفسه نتطلع لأن نكون صبورين".
وتتابع: "أنَّ الحياة الجيّدة السعيدة ستظل موضوعاً ومثار حديث طويل وغير منتهِ بين الفلاسفة والمفكرين عبر العصور، ربما لم تعد بعض من قواعد أرسطو صالحة لنا في الوقت الحالي بعد مرور 2000 عام، على كتابتها، ولكنها في المجمل مفيدة".
وتختتم: "ربما لن يستطيع الشخص أن يصل أو يطبّق كل هذه القواعد، ولكن أليست المحاولة في حد ذاتها جيّدة؟".