«حارة حريك» حصن حزب الله و«مقبرته».. حرب مُدمرة مرت من هنا
المربع الأمني الأكثر تحصينا في "حارة حريك" في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت بات كما لو أن الأرض قد انشقت وابتلعت بناياته.
رائحة البرود تفوح من جنباته، ركام الهدم يتراكم في شوارعه، دخان الحرائق ما زال يتصاعد من حفر طُمرت في داخلها بنايات كانت شاهدة على نفوذ حزب الله في المنطقة.
الحارة الواقعة في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت لم تكد تتعافى من الدمار الذي لحق بها في حرب يوليو/تموز من عام 2006، حتى أتاها دمار أشد وقصف إسرائيلي أعنف.
هي مركز الضاحية الجنوبية التجاري، إلى جوار مسجدها الكبير تقبع المارونية، تُعد الحاضنة الشعبية لحزب الله، أبرز فصيل شيعي في لبنان، ويرأس بلديتها مسيحي، في دلالة على الغالبية المسيحية التي كانت سمة لتلك الحارة، لكنها تلاشت مع مرور الزمن وإن حافظ المسيحيون على وجود فيها.
الحارة البالغ مساحتها 1.83 كيلومتر تضم المربع الأمني لحزب الله، في قلبها كان يقع مقر الحزب الرئيسي، النقطة الأكثر تحصينا في الضاحية الجنوبية، التي يتولى عناصر الحزب مسؤولية تأمينه، عبر أحزمة أمنية تمتد حتى خارج الحارة نفسها.
تضم إلى جانب المقر الرئيسي للحزب، الذي طُمر ببناياته الست تحت الأرض جراء القصف الإسرائيلي الأخير، مقر "كتلة الوفاء للمقاومة"، كتلة حزب الله في مجلس النواب، ومقر مجلس شورى الحزب، ومقرات الجمعيات الخيرية التابعة للحزب، ومنازل ومكاتب غالبية قيادات الحزب ونوابه في البرلمان.
وظلت الحارة على مدى سنوات تحت مجهر الرصد الإسرائيلي، كونها مركز إدارة حزب الله، وهي أول ما يُقصف في أية حرب بين إسرائيل والحزب.
ظلت على مدى سنوات معقل الحزب وحصنه المنيع، لكنها تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى مقبرته، ففيها قُتل غالبية قادة حزب الله، وأبرزهم أمينه العام حسن نصر الله، في غارة ألقت خلالها المقاتلات الإسرائيلية على المقر الرئيسي للحزب أكثر من 80 قنبلة تزن الواحدة منها طنا، لتصيب مقر اجتماع قادة الحزب أسفل الأرض بـ14 طابقا، حسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
بنايات المقر لم يعد لها وجود على سطح الأرض من شدة القصف، ابتلعتها أرضها، وظلت نيرانها مشتعلة لعدة ساعات، لم تتمكن خلالها فرق الإنقاذ من ممارسة مهمتها.
وقبل مقتل نصر الله، ومن برفقته من قادة الحزب بينهم قائد جبهة الجنوب علي كركي، قتلت إسرائيل فؤاد شكر رئيس المنظومة الاستراتيجية لحزب الله، في قصف استهدف بناية في الحارة، تضم منزله ومكتبه، في يوليو/تموز الماضي.
وقرب حارة حريك قُتل إبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان في حزب الله، ومحمد سرور قائد الوحدة الصاروخية، وآخرون من قادة الصفين الأول والثاني في هرم القيادة العسكرية لحزب الله، الذين لم يتبق منهم سوى أبوعلي رضا قائد "وحدة بدر"، الذي قالت إسرائيل إنها استهدفته في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن الحزب سارع إلى النفي.