الحريري بواشنطن.. دعم لحكومة لبنان وحزم ضد حزب الله
مصادر مطلعة على لقاءات الحريري في واشنطن وصفت الزيارة بـ"الناجحة بكل المقاييس"
تعكس المواقف والأجواء التي سادت لقاءات رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في واشنطن إيجابية على الأصعدة كافة.
ويعول المسؤولون اللبنانيون كثيرا على زيارة الحريري في المرحلة المقبلة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان، من دون أن يعني ذلك تراجعا في الموقف الأمريكي تجاه العقوبات المتواصلة على حزب الله، والتي من المتوقع أن تتوسع دائرتها في المرحلة المقبلة لتطول حلفاء له، وهو ما بدا واضحا من كلام وزير الخارجية مايك بومبيو.
كان سعد الحريري قد وصل إلى واشنطن الإثنين الماضي، وعقد لقاءات مع مسؤولين رفيعي المستوى شملت كلّاً من رئيس البنك الدولي دايفيد مالباس، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر، إضافة إلى مسؤولين في وزارة الخزانة بينهم مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغزلي، وتوج اللقاءات مع وزير الخارجية مايك بومبيو الذي عقد معه مؤتمرا صحفيا مشتركا.
زيارة ناجحة ورسالة دعم
وصفت مصادر مطلعة لقاءات الحريري في واشنطن الزيارة بـ"الناجحة بكل المقاييس"، واعتبرتها رسالة دعم واضحة للحكومة اللبنانية، وهو ما أعلنه صراحة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وذلك على خلاف كل المعلومات التي كانت قد استبقت الزيارة بشأن استياء أمريكي من الأداء الحكومي.
وأوضحت المصادر لـ"العين الاخبارية"، أن المباحثات أفضت إلى توافق على قضايا متعددة ودعم جديد من الإدارة الأمريكية للبنان سياسيا واقتصاديا وأمنيا عبر الجيش اللبناني، والحث على السير قدما في الإصلاحات؛ تمهيدا لتنفيذ مقررات "مؤتمر سيدر" الذي خصص للبنان مساعدات وقروض تقدر بنحو 12 مليار دولار أمريكي.
الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعه أكدت في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن اللقاءات التي عقدها الحريري بمستواها الرفيع هي تأكيد على اهتمام واشنطن بلبنان، خاصة وأنها شملت مواضيع شاملة من الاقتصاد إلى السياسة وغيرها.
وقالت بلعه إن هذه اللقاءات تعود إلى الاهتمام الأمريكي للحكومة اللبنانية المترافق مع رسائل جدية وحازمة تضع لبنان تحت المراقبة في الفترة المقبلة خاصة بعد مرحلة من الأداء غير المطمئن، ومنها إقرار موازنة خالية من الإصلاحات وعدم تنفيذ أهم المشاريع المطلوبة وأهمها تلك المرتبطة بقطاع الكهرباء.
العقوبات الأمريكية على حزب الله
ينظر اللبنانيون إلى مواقف الإدارة الأمريكية وما نقل عنها خلال زيارة الحريري إلى واشنطن بإيجابية حذرة، ففي الوقت الذي يتم فيه التأكيد على دعم لبنان بمختلف الأصعدة يبقى الترقب سيد الموقف حيال التعامل مع العقوبات على حزب الله والتعويل اللبناني الدائم على الاستمرار في الفصل بين الحزب والحكومة، وهي السياسة المتبعة منذ بدء فرض عقوبات على الحزب، خاصة أن الولايات المتحدة تعتبر أن مصرف لبنان والقطاع المصرفي اللبناني يلتزمان إلى حد كبير بموضوع العقوبات الأمريكية وبكثير من الشفافية.
وفي هذه القضية، لم تكن مواقف بومبيو في واشنطن مختلفة عن تلك التي أطلقها في بيروت خلال زيارته الأخيرة قبل خمسة أشهر، حين شنّ هجوماً عنيفاً على الحزب، وقال بعد لقائه الحريري إن "لبنان دولة مهددة من إيران وحزب الله"، فيما كان رد الحريري على الصحفيين بالقول: "لا نستطيع تغيير موقف الإدارة الأمريكية من العقوبات ضد حزب الله، ولكننا نعمل على تجنيب لبنان أي تبعات".
من هنا لم تنف المصادر المطلعة على زيارة الحريري أن البحث في العقوبات تجاه حزب الله لم يفض إلى نتائج في ظل تمسك الإدارة الأمريكية بموقفها وقرارها اتخاذ المزيد من الإجراءات لتطول هذه المرة شخصيات ورجال أعمال مقربين وحليفة لحزب الله، بعدما كانت قد طالت قبل ذلك نوابا له في البرلمان، مع التأكيد على الفصل بين الحزب والحكومة اللبنانية.
ويبدي سفير لبنان السابق لدى واشنطن رياض طبارة ارتياحه إلى حد كبيرة من السياسة الأمريكية حيال التعامل مع العقوبات على حزب الله، موضحا منذ الدفعة الأولى للعقوبات على الحزب وتتبع أمريكا سياسة الفصل بينه وبين الحكومة اللبنانية وهو ما يرجح استمراره نظرا لاهتمام الولايات المتحدة باستقرار لبنان كما أنها لن تقوم بأي خطوة تؤدي إلى زعزعته.
وقال طبارة في تصريح، لـ"العين الإخبارية"، إن المواقف الأمريكية التي أطلقت على لسان وزير الخارجية الأمريكي كتلك التي أعلن عنها رئيس الحكومة اللبنانية، تؤكد استمرار الدعم الأمريكي للبنان الذي لم يتوقف منذ عشرات السنين، وتحديدا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، فيما يبدو أن موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي ترعاه أمريكا بات اليوم أولوية وهو ما ظهر واضحا من خلال كلام الطرفين.
وأضاف طبارة أنه يبدو واضحا استمرار اهتمام أمريكا بلبنان وهي التي لطالما كانت تؤمن له الغطاء الأمني والسياسي والاقتصادي، لكن هذا الأمر من الواضح أنه بات يترافق مع تشديد على ضرورة الإصلاح وتحذير من انعكاس عدم السير بها ما يحتّم على لبنان وحكومته القيام بخطوات تنفيذية سريعة خاصة وأن الموازنة التي أقرت ليست أكثر من خطوة أولى في رحلة الألف ميل.
بومبيو والحريري
بعد الاجتماع الذي جمع الحريري مع بومبيو مساء الخميس الماضي، شكر رئيس حكومة لبنان الحكومة الأمريكية على دعمها المستمر ولا سيما للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، وأعاد التأكيد على الالتزام المشترك لمحاربة الإرهاب.
وشدد الحريري على الالتزام بمفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية، مؤكدا العمل عليها للتوصل إلى قرار نهائي بشأنها قد يكون في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
وأضاف أن هناك دعما مستمرا لمؤتمر "سيدر" وبرنامج الاستثمار الضروريين، لإعادة إحياء الاقتصاد اللبناني ومتابعة دعم هاتين المبادرتين اللتين ستعززان الاستقرار والأمن في لبنان والمنطقة.
من جهته، جدد الوزير بومبيو التأكيد على الاستمرار في دعم المؤسسات اللبنانية التي تتمتع بمصداقية داخل لبنان، وهي ضرورية للمحافظة على استقرار وأمن وسيادة لبنان.
وأضاف أن المنطقة مهددة من قبل إيران، والشعب اللبناني مهدد بما يقوم به نيابة عنها "حزب الله"، مؤكدا تقدير واشنطن الالتزام الشجاع لرئيس الحكومة لتحمل كامل المسؤولية في الدفاع عن لبنان والقيام بالإصلاحات الضرورية التي ستفتح المجال لتعزيز الاقتصاد اللبناني.
وأثنى بومبيو على دور لبنان في المساعدة باستضافة أكثر من مليون شخص من النازحين السوريين.
وحول ترسيم الحدود، قال الوزير الأمريكي: "كما أننا ممتنون أيضا لتصريح رئيس الوزراء فيما يتعلق بالالتزام بمتابعة النقاط المتبقية والمتعلقة بالخط الأزرق والحدود البحرية اللبنانية - الإسرائيلية، ونحن مستعدون للمشاركة كمسهلين ووسطاء أيضا، ونأمل أن نرى أيضا نتائج حسية لهذه المناقشات، وهو ما سيكون ذا فائدة كبيرة للبنان وللمنطقة ككل".
aXA6IDMuMTQ1LjUwLjcxIA== جزيرة ام اند امز