هاريس والمؤتمر الوطني الديمقراطي.. 3 دروس من التاريخ
طوال أيام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي المنعقد في مدينة شيكاغو الأمريكية، اعتلى المسرح أكثر من 100 متحدث بينهم رئيسان سابقان.
لكن الخطاب الأهم هو ذلك الذي من المقرر أن تلقيه الليلة، مرشحة الحزب للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس.
وهذه هي المرة الثانية فقط التي يقبل فيها نائب رئيس ديمقراطي حالي الترشيح في مؤتمر شهد كلمة لرئيسه حيث كانت المرة الأولى والأخيرة في عام 2000، عندما تسلم نائب الرئيس آل جور القيادة من الرئيس بيل كلينتون.
ومثل آل جور، يتعين على هاريس أن تتعامل مع 3 أشياء رئيسية وفقا لما ذكره كينيث باير الرئيس التنفيذي لشركة " Crosscut Strategies" والكاتب السابق لبعض خطابات آل جور في مقال رأي بصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
والأمور الثلاثة هي:
- علاقتها مع الرئيس الحالي جو بابدن
- تحديد هويتها
- طرح رؤيتها للبلاد وهي جوانب يمكنها أن تستفيد خلالها من التحديات التي واجهها آل جور.
وفي العام 2000، أمضى آل جور وهو صحافي سابق ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً، عدة أسابيع في تجهيز الخطاب حيث سلم مسودة من 12 ألف كلمة إلى كبار الاستراتيجيين وكاتب الخطابات الرئيسي لديه إيلي آتي ثم قاموا بصقلها بحيث لا يحتاج الخطاب إلى عدة ة فترات استراحة ووجبة خفيفة.
وأكثر ما يتذكره الناخبون من خطاب آل جور كان طريقة تعامله مع كلينتون الذي عمل على تأكيد استقلاله، خاصة بعدما أنفق الرئيس الأسبق جزءا كبيرا من ولايته الثانية في التعامل مع فضحية مونيكا بيلونسكي.
هذه الفضيحة التي تورط فيها كلينتون دفعت المرشح الجمهوري جورج بوش للتعهد بأنه "سيعيد الشرف والكرامة" إلى البيت الأبيض، كما دفعت مساعدو آل جور لأن يطلبوا من الرئيس السابق ألا يدعو الناخبين حتى للتصويت لصالح مرشحهم.
ولا يتعين على هاريس اليوم أن تتعامل مع هذه الديناميكيات؛ ففي افتتاح المؤتمر، ألقى الرئيس جو بايدن كلمة أمام المؤتمر وسط تصفيق حار وعمل على الترويج لما أنجزه هو ونائبته كامالا، معربا عن تأييده الكامل لها وهو الأمر الذي تجنبه كلينتون.
وفي حين يأتي تقدم هاريس الكبير في استطلاعات الرأي يرجع إلى أن غالبية الناخبين الديمقراطيين والمستقلين لا يريدون أن يترشح بايدن مرة أخرى، إلا أن كونها أصغر سنا أمر غير كاف لكامالا.
وعلى الرغم من قضاء سنوات أمام الجمهور إلا أن نواب الرئيس غير معروفين فعليا وينظر إليهم الناخبون في أحسن الأحوال، على أنهم امتداد للرئيس، وفي أسوأها على أنهم مجرد شخص من داخل السلطة.
وكان هذا الأمر هو ما دفع آل جور لاستغلال أشهر الحملة في حكاية قصة عائلته، وبالمثل قضت هاريس الأسابيع الأربعة لحملتها في رواية قصتها الخاصة باعتبارها نتاجا للطبقة المتوسطة وكيف ادخرت والدتها لشراء منزلهما الأول وكيف عملت هي في ماكدونالدز أثناء دراستها بالجامعة.
وتعد السيرة الذاتية أمراً أساسياً في أي خطاب يقدمه أي مرشح رئاسي، لعرض رؤيته للولايات المتحدة وشرح السبب في أنه مؤهل للفوز.
هذا التحدي خاضه آل جور في خطابه أمام المؤتمر من خلال إعادة صياغة سباق البيت الأبيض على أنه "الشعب في مواجهة الأقوياء".
وفي خطابه أمام المؤتمر، تناول آل جور هذا التحدي من خلال إعادة صياغة السباق على أنه "الشعب في مواجهة الأقوياء" وهي دعوة شعبوية اعتبرها المراقبون مناقضة لرسالته السابقة عن "التقدم" و"الازدهار" وهو ما أدى إلى أن تلاحقه الادعاءات بأنه غير حقيقي.
وفي ضوء صعودها السريع، تتمتع هاريس بميزة السجل النظيف ومع ذلك تبقى المخاطر أعلى بالنسبة لها ولحملتها خاصة وأنها لا تمتلك إلا فرصة واحدة خلال المؤتمر وإذا نجحت، في استغلالها فستتاح لها الفرصة لصنع التاريخ.