"هيوستن" المنكوبة.. إعصار "هارفي" يدمرها واللصوص ينهبونها
تفشي حالات السطو في المحال التجارية والبنوك في هيوستن تزامنا مع إعصار هارفي
"الأمر مؤلم لأنك ترى الناس يعملون طوال حياتهم لبناء شيء ما، وفي ليلة واحدة يذهب غالبيته".. هكذا لخص أحد الناجين من إعصار "هارفي" الذي يضرب ولاية تكساس، وسط جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية، الأوضاع الكارثية في مدينة هيوستن التي تقع ضمن مقاطعة هاريس وتعد الأكثر تضرراً حتى الآن.
فالإعصار الذي أودى بحياة 18 شخصا، وأدى لتشريد 35 ألفا آخرين، لازالت تداعياته مستمرة، لتعلن السلطات البلدية في هيوستن حظر التجول بالشوارع الغارقة في مياه الفيضانات والأنقاض، في محاولة للسيطرة على الفوضى التي اجتاحت المدينة، عقب تفشي حالات السطو في المحال التجارية والبنوك من قبل الخارجين على القانون، في إعصار موازٍ تعمل قوات الشرطة على مجابهته من على زوارق الإنقاذ بتشكيل دوريات حراسة على المراكز التجارية ومحال المجوهرات والبنوك، التي شهدت أكثر من حالة نهب منذ الليلة الماضية.
وقال سيلفستر تورنر رئيس بلدية هيوستن، إن حظر التجول يبدأ عند العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي ويستمر حتى الخامسة صباحا، مشيراً إلى أن البلدية ستعزز قواتها بعناصر إضافية من الشرطة للسيطرة على حالات السرقة باستعمال الأسلحة النارية.
ولم تقتصر فوضى العاصفة الاستوائية على عمليات النهب في المدينة العائمة، بل انتقلت للفضاء الإفتراضي، حسب تحذيرات وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، من استغلال جماعات الإرهاب الإلكتروني للأوضاع، لشن هجمات إلكترونية في الأيام المقبلة على عدد من أجهزة الدولة الحساسة بعدد من الولايات الأمريكية.
وبينما تستمر الأمطار في "هيوستن" وضواحيها، حتى اليوم ما ينذر بتزايد الفيضانات من بحيرة هيوستن التي تبعد نحو 24 كيلومتراً عن مركز المدينة، تعاني المدينة من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب جراء اختلاط المياه وتلوثها، وتستقبل إمدادات مائية من المدن المجاورة، في الوقت الذي تواصل فيه فرق الإنقاذ عملها لتصل حصيلة الناجين من الغرق حتى الآن إلى أكثر من 4 آلاف ومئتي شخص حتى الآن.
وفي مدينة دالاس القريبة يتوزع ما يربو على الـ35 أف شخص من ضحايا "هارفي"، على ملاجئ مؤقتة، في المراكز الرياضية والمدارس، والتي تم تجهيزها لاستقبال ضحايا العاصفة عقب إعلان الرئيس الأمريكي حالة الطوارئ بالولاية.
ويعد "هارفي" أقوى إعصار يضرب الولايات المتحدة منذ 12 عاما، أي منذ أن اجتاح الإعصار كاترينا الولايات المتحدة في 2005 مسببا إغراق مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا بمياه فيضانه ومصرع 1800 شخص.
وعلى بعد 40 كلم جنوب شرق هيوستن، حيث منطقتا لابورت وشوريكريس، تسود حالة من الهلع المشوب بالترقب، عقب تحذير السلطات المحلية من تسريب كيميائي جراء الإعصار، حيث يقبع الجميع داخل منازلهم دون تشغيل مكيفات الهواء منذ مساء الإثنين.
وبلغ الهلع أوجه اليوم، في "كروسبي" التي تبلغ 40 كيلومترا شمال شرقي هيوستون، عقب إجلاء جميع السكان في محيط 2.4 كيلومتر من مصنع للكيماويات في جنوب شرق تكساس "كإجراء احترازي" بسبب الخطر المتزايد من حدوث انفجار.
ومع استمرار العاصفة المدارية هارفي، لازال الوضع مرشحاً للأسواء حسب مراكز الأرصاد، وبحسب الإحصاءات الرسمية دمر الإعصار نحو 500 ألف منزل، و توقع أعضاء في الكونغرس الأمريكي أن يهز "هارفي" تكساس، اقتصاد الولايات المتحدة، بوصفه أكثر الكوارث الطبيعية إحداثا للخسائر في الولايات المتحدة، بتقديرات تمضي نحو عشرات المليارات من الدولارات، عقب خفض إنتاج النفط في خليج المكسيك بنحو الربع، وتراجعت قدرة المصفاة بنسبة 5%، مرشحة للزيادة.
تجسد العاصفة التي فقد فيها الكثيرون كل شئ، المقولة الشهيرة "كل شيء ذهب أدراج الرياح" بحسب أحد الناجين، الذي أشار إلى أن مهمة كبيرة تنتظر السلطات الأمريكية، عقب انجلاء العاصفة، والتي تتمثل في مهمة إعادة إدماج الناجين من "هارفي" من جديد عقب فقدانهم لحيوات كاملة طمرتها المياه وتكفلت عصابات النهب المسلح بمحو ما تبقى من ملامحها.