حتشبسوت "ترقص" على أنغام التكنو والهاوس.. لصالح الثقافة أم ضدها؟ (خاص)
ضجة واسعة صاحبت الحفل الموسيقي، الذي أقيم في البهو الخارجي للدير البحري بمعبد حتشبسوت بمصر، الإثنين الماضي، وحضره نحو 3000 فرد من مختلف أنحاء العالم.
الحفل نظمته شركة فرنسية، وأثارت مقاطع فيديو تم بثها بشكل مباشر من الحفل غضب قطاع عريض من الجمهور، بينما رحب فريق آخر ورأى أنها فكرة جيدة، من شأنها إنعاش السياحة الثقافية والترويج للحضارة الفرعونية، التي تحظى باحترام كل شعوب العالم.
ومن أبرز المعارضين للفكرة المخرج محمود رشاد، الذي نشر عبر حسابه على موقع "إنستجرام" مقطع فيديو للحفل من داخل معبد حتشبسوت، وأرفقه بتعليق: "هذا المنظر أصابني بالضيق.. معبد الدير البحري بالأقصر".
في الموضوع، تحدث الدكتور ناجح عمر، عميد كلية الآثار بجامعة الفيوم المصرية، لـ"العين الإخبارية" قائلا: "لا مانع من إقامة الحفلات الموسيقية في المواقع الأثرية، ولكن يجب عمل كل الاحتياطات لضمان عدم تأثير صدى الصوت على حالة الأثر.. هذا الأمر يساهم في الترويج للسياحة الثقافية".
وأضاف عمر: "من وجهة نطري، أرى ضرورة أن تقام الحفلات بعيدة عن المبنى الأثري بـ1000 متر، للحفاظ عليها وحمايتها من أي تأثيرات سلبية، وهنا يجب الإشارة إلى أن معبد حتشبسوت مقام على جبل يتحرك، وصدى الصوت والترددات لها آثار خطيرة على المباني الأثرية الثابتة.. لست ضد استغلال الآثار، ولكن دون الضرر بها، مصر في حاجة للعملة الصعبة، والترويج الثقافي، ولكن يجب ان تتم العملية الترويجية بضوابط، وقواعد مدروسة".
ويلتقط الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة قصور الثقافة بمصر، خيط الحديث، قائلا: "من ضمن المشروعات التي تقام بمصر لإنعاش السياحة الثقافية، إقامة احتفالية كبرى بمناسبة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس في أسوان، وتحضرها فرق هيئة قصور الثقافة، ويشارك فيها السائحون من كل مكان في العالم، لدرجة أن عددا كبيرا من السائحين يتغيب عن لحظة تعامد الشمس على وجه الملك بسبب انشغالهم بمشاهدة عروض الفرق الفنية.. لمست ذلك بنفسي أثناء تولي عملي بقصور الثقافة".
ويستكمل مجاهد حديثه، لـ"العين الإخبارية": "دول عديدة، اتجهت مؤخرا إلى (الاقتصاد البرتقالي)، وهو الاقتصاد القائم على الترويج الثقافي.. والكولومبيين أطلقوا هذا الاسم لأن البرتقالي هو لون الإبداع في الثقافة الفرعونية، ويحتوى هذا النوع من الاقتصاد على جوانب عديدة منها الكتب والفن التشكيلي والحرف التراثية.. لا أرى عيبا في إقامة حفلات موسيقية وعروض أزياء في الأماكن الأثرية، لأن القائمين على هذا الأمر يدركون قيمة الآثار، ويعملون على حمايتها، وقريبا سيتم افتتاح المتحف الكبير، وأطالب باستغلال الحدث بعمل حفلات ضخمة، للترويج للسياحة الثقافية".
وفي سياق الموضوع، أوضح علاء الدين ظاهر، رئيس تحرير مجموعة آثار مصر، لـ"العين الإخبارية"، إن إقامة احتفالات موسيقية في الأماكن الأثرية تقليد متعارف عليه وموجود في كل دول العالم، خاصة أن ذلك له مردود مادي متمثل في إيرادات مالية، وجانب معنوي متعلق بالترويج السياحي للمكان الذي تقام فيه الحفلات، وهو ما ينطبق على كثير من الأحداث والفعاليات التي تمت في مصر الفترة الماضية.
وأضاف ظاهر : "يجب أن يتم ذلك بضوابط محددة وصارمة حفاظا على الآثار وحمايتها من أي ضرر، لاسيما أن مثل هذه الحفلات تندرج تحت بند إعادة استخدام وتوظيف الأثر، وهو ما تنادي به وتدعمه منظمة اليونسكو، لكنها في نفس الوقت وضعت شروطا مهمة لذلك، أبرزها أن يكون النشاط المقام في الأثر مناسب لطبيعته، وثانيا ألا تحدث أي أضرار أو مخاطر للأثر من إعادة الاستخدام، وكثير من الأماكن الأثرية خاصة في القاهرة التاريخية مستخدمة كمقار للأنشطة الثقافية والفنية وتابعه في ذلك لوزارة الثقافة".
ويؤكد ظاهر أن الغاضبين من الحفل الأخير أغلبهم يشعر بالخوف على الآثار، وهناك من انتقد الحفل بحجة عدم تناسب الموسيقي مع القيمة التاريخية للمعبد، ولكن أي نشاط يقدم في مكان أثري يجب أن يراعي قيمة المكان التاريخية والأثرية، مضيفا: "بالتأكيد مثل هذه الفعاليات للفرق العالمية تحقق لمصر وآثارها دعاية ضخمة ورواجا كبيرا، وآخرها عرض الأزياء المبهر الذي أقامته مجموعة ديور العالمية للأزياء أمام الأهرامات وبهو المتحف المصري الكبير".