ثقافة
زاهي حواس لـ"العين الإخبارية": كل الأفلام المصرية الجديدة عن الفراعنة "هابطة" (حوار)
يحظى وزير الآثار المصري الأسبق زاهي حواس بشهرة واسعة في كل دول العالم، لشغفه بالاكتشافات الآثرية، وحديثه الشيق عن مجد الفراعنة القدماء.
تدرج "حواس" في العديد من المناصب، إذ شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار خلال فترة مهمة من حياته، وعندما أصبح وزيرا للآثار، قدم العديد من الإنجازات والأفكار التي تساهم في الارتقاء بالوعي الأثري لدى المواطنين.
نال حواس عبر مسيرته المهنية الحافلة بالعطاء العديد من الجوائز والتكريمات، وكان آخرها اختياره من قبل إيطاليا، مؤخرا، ضمن 40 شخصية مؤثرة حول العالم في الجانب الثقافي والمعرفي.
"العين الإخبارية" التقت بالدكتور زاهي حواس للحوار معه حول الجينات التي تربط الأجيال المعاصرة بالمصريين القدماء، وعلاقته بنجوم هوليوود، وتفاصيل الأيام الأخيرة في حياة صديق عمره الفنان عمر الشريف.
في رأيك ما الذي تبقى للمصريين من مجد الفراعنة القدماء؟
لا يجب ظلم العصر الفرعوني ومقارنته بالعصر الحالي. في ذلك العصر كان هناك هدف كبير، وهو بناء الهرم أو المقبرة. تقدر تقول كان هناك مشروعا قوميا، يشغل بالهم. الفرعون حتى يتحول إلى إله كان ينبغي عليه بناء هرم، وانتهت هذه الفكرة مع وجود الأديان.
ولكن توجد خطوط تماس كبيرة بين المصري المعاصر والفراعنة، ويظهر ذلك بوضوح في الملامح، الحياة في الريف، طريقة تناول الطعام على الطبلية. وربما حدثت فجوة كبيرة بين المصريين القدماء والأجيال الجديدة بسبب ربط الإنسان بالدولة، وهذا المناخ جعل الإنسان غير قادر على الإبداع.
عندما تحول المواطن إلى موظف، مات خياله، وأصبح يعتمد على الدولة في كل شيء، وهذا عكس ما كان موجودا في العصر الفرعوني، لذا ورثت مصر حضارة عريقة، تزداد قيمتها بمرور الأيام وتعاقب السنوات.
هل تمتد فعلا الجينات الفرعونية منذ 7 آلاف عام حتى الأجيال المعاصرة؟
بالطبع، الجينات الفرعونية موجودة، ولا أبالغ إذا قلت إن حياتنا كلها فرعونية، وأهلنا في صعيد مصر أكبر دليل على ذلك، الصور الموجودة في المعابد تحمل تفاصيل كثيرة بين الفراعنة القدماء والناس في الصعيد، تقريبا نفس الملامح.
البعض يتهمك بالانحياز للحضارة الفرعونية وتجاهل الإسلامية؟
ليس لي علاقة بالحضارة الإسلامية، أنا متخصص في الحضارة الفرعونية، لم أدرس الآثار الإسلامية، ومن الخطأ الحديث عن شىء لم أجتهد في دراسته، ولكن عندما كنت أمينا عاما للمجلس الأعلى للآثار وعندما كنت وزيرا، كنت أهتم بصورة كبيرة بترميم الآثار الإسلامية، أكبر مشروعات تم ترميمها كانت تنتمي إلى الآثار الإسلامية.
من واقع الصداقة التي تربطك بعدد كبير من نجوم هوليوود من منهم مغرم بالحضارة الفرعونية؟
كل نجوم هوليوود يعشقون الآثار الفرعونية ولديهم رغبة في معرفة كل شىء عنها، وأبرزهم ويل سميث، والمخرج العالمي ستيفن سبيلبرج، ومايكل بي، وجاكلين بيست، وكيرت راسل، وداني جلوفر، وكاتي بيري. ومنذ فترة قصيرة التقيت المغني العالمي فاريل، وكان يضع ماسك الملك توت عنخ آمون على وجهه.
وأيضا نجوم كرة القدم مثل ميسي، يعشقون الحضارة الفرعونية، فهي تحظى بمكانة عظيمة.
هل ترى أن أجزاء التاريخ الفرعوني التي يدرسها الطلاب في مدارس مصر كافية لمن هم في مثل سنهم؟
لست راضيا عن طريقة تدريس التاريخ الفرعوني، لا في المدارس ولا الجامعات، كنت أتمنى أن يدرس تلاميد المدارس اللغة الهيروغيلفية، وأن يدرس طلاب الهندسة والطب تاريخ الفراعنة.
كما أنني لست راضيا عن تناول الصحافة والإعلام للتاريخ الفرعوني، وعندما تتأمل برامج التلفزيون لا نجد بينها برنامجا واحدا يتحدث عن الآثار، وعظمة الحضارة الفرعونية القديمة التي أبهرت كل شعوب العالم.
وما رأيك في الأعمال السينمائية التي تتناول التاريخ الفرعوني؟
كلها أعمال هابطة لا تليق بالعصر الفرعوني، وأكبر دليل على ذلك مسلسل "أحمس" بطولة عمرو يوسف، الذي تم إيقاف عرضه، لأن فريق العمل لم يفكر في الاستعانة بفريق متخصص في العصر الفرعوني.
الفيلم الوحيد الذي اقترب من مجد الفراعنة بشكل رائع هو فيلم "المومياء" للمخرج الكبير شادي عبد السلام، ودخل هذا الفيلم كل بيت مصري، وتم إنتاج هذا الفيلم منذ 50 عاما تقريبا.
هل هناك عملا مصريا عن الفراعنة نال إعجابك وصفقت لصناعه؟
بصراحة شديدة لا يوجد، واعتبر فيلم "المومياء" قديم جدا فقد مر على إنتاجه وقت طويل. هل يعقل أن السينما المصرية بكل تاريخها الكبير لا تحتفي بالعصر الفرعوني؟ علما بأنني مؤمن بأن الأعمال الفنية التي تتناول هذا العصر العظيم قد تكون طريقا نحو العالمية.
بعد كل ما قيل عن لعنة الفراعنة والقصص الكثيرة التي سمعناها، ألا تريد أن تقول أمرا لم تذكره من قبل؟
لا يوجد شىء اسمه لعنه الفراعنة، وكل الحوادث التي تم تناولها وقعت بالصدفة. يجب الإشارة إلى أمر مهم وهو إذا تم وضع مومياء في غرفة مغلقة 3 آلاف عام، فإن هذه المومياء ينتج عنها جراثيم خطيرة، وعندما يدخل المكتشف الغرفة تصيبه الجراثيم وربما تنهي حياته، لكن إذا تم فتح المقبرة وتهويتها لن يحدث أي شىء.
ولكن تردد أن حجر وقع فوق رأسك وأن أزمة قلبية أصابت وزير الثقافة المصري الأسبق بسبب هذه اللعنة؟
كما فلت في موضع سابق، كلها أشياء تحدث بالصدفة فقط، بالفعل في أثناء الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون قامت زوبعة غريبة، وهرول المصورون، كما أصيب وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بأزمة قلبية، وأخبرتني شقيقتي في اليوم نفسه أن زوجها توفي. لعنة الفراعنة كذبة ولا أساس لها.
شاركت خلال رمضان الماضي في مسلسل «دايما عامر»، كيف جاءت الفكرة؟
الدكتور خالد عناني وزير الآثار اتصل بي تلفونيا، وأخبرني بأن الفنان مصطفى شعبان يصور مسلسل "دايما عامر" ويريد أن أظهر معه، لا سيما وأن العمل يتناول في إحدى حلقاته الحديث عن عظمة الآثار المصرية، وطلب منى الظهور معهم بشكل حقيقي، وافقت على الفكرة، وكنت سعيدا بالتجربة جدا.
وهل هناك أعمالا أخرى في المستقبل؟
لا يوجد، ولكن هناك احتفاء قوي من جانب القنوات الأجنبية بمناسبة مرور 100 سنة على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وسيعرض لي على شبكة نتفلكس فيلما كاملا مدته ساعة، وعلى ناشيونال جيوجرافيك، وقناة ديسكفري وذلك في 4 نوفمبر المقبل.
الشىء المؤسف عدم وجود أي احتفاء في مصر بهذا الحدث الكبير.
أشدت من قبل بالفنان محمد رمضان، هل هناك ممثلين آخرين ينالون إعجابك؟
محمد رمضان فنان ناجح، ويقدم لون شعبي رائع والناس بتحبه، ويعجبني في مصر أيضا ليلى علوي، ويسرا، وحسين فهمي، وسمية الخشاب، وإلهام شاهين.
يعلم الجميع حجم الصداقة بينك والراحل عمر الشريف، كيف كانت أيامه الأخيرة؟
كانت أياما صعبة جدا، أصيب عمر الشريف بمرض ألزهايمر وكان ينسى كل شىء، والغريب أنه كان يتذكرني فقط، وينسى كل من حوله، وبقدر استطاعتي حاولت الوقوف بجانبه، وكنت أذهب إليه وأخرج معه على العشاء حتى لا يشعر بالمرارة.
وقبل رحيله امتنع عن تناول الطعام لمدة 5 أيام، وعندما تلقيت الخبر شعرت بحزن غريب، كان فنانا عالميا وإنسانا رائعا، وصورته موجودة في بيتي وعلى جدران مكتبي.