هاواي أرخبيل الجنة والنار.. آخر الولايات الأمريكية "تحترق"
تتميز هاواي - آخر ولاية انضمت إلى الولايات المتحدة – بموقعها الجغرافي الفريد وطبيعتها الخلابة التي جلعت منها أكثر الولايات الأمريكية جذبا للسياح، لكنها مع ذلك تحتضن 6 براكين نشطة، ما يجعلها أرضا للجنة والجحيم معا.
وتواجه هاواي منذ 3 أيام حريقا هائلا في جزيرة ماوي الرئيسية وجزيرة بيغ آيلاند (هاواي) ما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا، وإجبار الآلاف من السكان والسياح على الإخلاء، في الجزيرة التي جذبت أكثر من 9 ملايين سائح في 2022.
- حريق هاواي.. دليل السياح للتعامل مع "الجحيم المفاجئ" في شهر العسل
- نصف سكان العالم.. كيف يشكل الشباب محرك التنمية الأهم للاقتصادات الطموحة؟
كما دمر الحريق مدينة لاهاينا السياحية التاريخية.
هاواي.. تاريخ محفور في ذاكرة العالم
وهاواي التي هي أرخبيل من الجزر بالمحيط الهادئ، تلقب بولاية "المحبة والسلام" وقد كانت أحد أسباب دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية بعد تعرض ميناء بيرل هاربر لهجوم ياباني.
وتقع هاواي على بعد حوالي 2000 ميل (3200 كم) غرب البر الرئيسي للولايات المتحدة. وتتكون من 137 جزيرة بركانية و8 جزر رئيسية مأهولة، بما في ذلك هاواي، والمعروفة باسم الجزيرة الكبيرة (بيغ آيلاند).
ومن بين الولايات الأمريكية الخمسين، تعد هاواي ثامن أصغر ولاية من حيث مساحة الأرض والـ 11 من حيث عدد السكان (1.4 مليون نسمة)، لكنها تحتل المرتبة 13 من حيث الكثافة السكانية.
وساحل المحيط في هاواي هو رابع أطول خط ساحلي في الولايات المتحدة، حيث يبلغ طوله حوالي 750 ميلاً (1210 كم).
ويعيش ثلثا سكان هاواي في جزيرة أوهاو التي تحتض العاصمة "هونولولو".
وكانت هاواي مملكة موحدة ومعترف بها دوليًا منذ عام 1810، وظلت مستقلة حتى أطاح رجال الأعمال الأمريكيون والأوروبيون بالنظام الملكي في عام 1893؛ وأدى هذا إلى ضمها من قبل الولايات المتحدة في عام 1898 ثم صارت أحدث ولاية تنضم إلى الاتحاد الفيدرالي الأمريكي في 21 أغسطس/ آب 1959.
وباعتبارها منطقة أمريكية ذات قيمة استراتيجية، تعرضت هاواي لهجوم من اليابان في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1941، مما جعلها ذات أهمية عالمية وتاريخية، وساهمت في دخول أمريكا بشكل حاسم في الحرب العالمية الثانية.
يذكر أنه في عام 1993، اعتذرت حكومة الولايات المتحدة رسميًا عن دورها في الإطاحة بحكومة هاواي.
لغتان رسميتان لأول مرة في أمريكا
وهاواي هي الولاية الأمريكية الوحيدة التي بها لغتان رسميتان، وهما اللغة الإنجليزية ولغة هاواي (الهاوائية).
وهاواي أيضا هي واحدة من ولايتين فقط في الولايات المتحدة يمنع فيهما تماما جميع أشكال المقامرة.
وهي أيضا الولاية الأمريكية الوحيدة خارج قارة أمريكا الشمالية، والوحيدة على شكل أرخبيل، والوحيدة في المناطق الاستوائية.
أقلية مسلمة
تعد هاواي من بين الولايات الأكثر تنوعًا في البلاد، نظرًا لموقعها المركزي في المحيط الهادئ وتعرضها لأكثر من قرنين إلى الهجرات المختلفة.
ويوجد في هاواي 5000 مسلم أو نحو ذلك - أقل من 1 في المائة من سكان الولاية، وفقا لأسوشيتد برس.
ويعود تاريخ أوائل المسلمين في هاواي إلى القرن التاسع عشر. واليوم، يرتبط مسلمو هاواي بـ46 دولة، بما في ذلك الدول الآسيوية والعربية.
لكن حوالي 30% من مسلمي هاواي هم من مواليد أمريكا واعتنقوا الإسلام.
كما تضم مجتمعا بوذيا ضخما وعددا كبيرا من الأعراق الآسيوية.
اقتصاد زراعي وسياحي
ولا تزال هاواي، التي هيمن عليها اقتصاد المزارع تاريخيًا، مصدرًا زراعيًا رئيسيًا بسبب تربتها الخصبة ومناخها الاستوائي الفريد.
وقد تنوع اقتصادها تدريجيًا منذ منتصف القرن العشرين، حيث أصبحت السياحة والدفاع العسكري أكبر قطاعين.
وتجذب الولاية الزوار بمناظرها الطبيعية المتنوعة، والمناخ الاستوائي الدافئ ، والشواطئ العامة الوفيرة، والمحيط والبراكين النشطة، والسماء الصافية.
وتستضيف هاواي أسطول المحيط الهادئ الأمريكي، وهو أكبر قيادة بحرية في العالم، بالإضافة إلى 75000 موظف في وزارة الدفاع.
ومع ذلك، فإن هاواي تعد من أعلى تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة، وهي ثالث أغنى ولاية، ويتمتع السكان بأطول متوسط عمر متوقع في أي ولاية أمريكية عند 80.7 عام.
حقائق مدهشة
وفقا لموقع planetsurfcamps تم اختراع رياضة ركوب الأمواج في هاواي منذ مئات السنين.
كما أن هناك قدرا كبيرا من الأدلة على أن الرياضة الحديثة المتمثلة في ممارسة رياضة التجديف بالوقوف (SUP) ، والتي تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، نشأت أيضا في هاواي.
وتحتض هاواي جبل هاليكالا في ماوي وهو أكبر بركان خامد في العالم، وأعلى قمة في جزر الأرخبيل عند 10023 قدمًا، لكن معظم هذا الجبل يقع تحت المحيط.
ولدى كل جزيرة في هاواي لون وزهرة رسمية. واللون الرسمي لجزيرة ماوي هو اللون الوردي وزهرتها هي لوكيلاني (الملقب بالورد الدمشقي).
أما زهرة ولاية هاواي فهي الكركديه الأصفر.
حرائق سنوية
وتتأثر هاواي بحرائق الغابات كل عام، لكن علماء من جامعة هاواي وجدوا أن الحالات تضاعفت أربع مرات في العقود الأخيرة.
ويرجع السبب في ذلك إلى مزيج من الإجراءات البشرية، وفصول الصيف الأكثر جفافاً وسخونة، وأنواع من النباتات أكثر عرضة للحرائق.
وقد ساهمت درجات الحرارة القياسية هذا الصيف في اندلاع حرائق غابات شديدة بشكل غير عادي.
ورغم أن سبب الحرائق الحالية غير معروف حتى الآن، إلا أن مسؤولون قالو إن الرياح الناتجة عن إعصار دورا، على بعد مئات الأميال جنوب غرب جزر هاواي في المحيط الهادئ ، أشعل النيران في جميع أنحاء الولاية.
كما أن نظام الضغط المنخفض إلى الغرب بالقرب من اليابان يساهم أيضًا في استمرار الرياح العاتية. كما يعتبر الغطاء النباتي الجاف عاملاً مساهماً.
وأدى انتشار الأعشاب القابلة للاشتعال مثل عشب غينيا في مناطق الأراضي الزراعية والغابات السابقة إلى ظهور كميات كبيرة من المواد الصغيرة سهلة الاشتعال التي تزيد من مخاطر الحرائق وشدتها.
وتشكل هذه الأعشاب 26٪ من مساحة هاواي.
إلى أين وصلت الحرائق؟
تسببت الحرائق في دمار واسع النطاق في مدينة لاهاينا، وهي منتجع شاطئي يسكنه حوالي 13000 شخص في شمال غرب ماوي والتي كانت ذات يوم مركزًا لصيد الحيتان وعاصمة مملكة هاواي وتستقطب الآن مليوني سائح سنويًا.
واعتبارًا من مساء الخميس ، تم احتواء حريق لاهاينا بنسبة 80٪.
وقالت صحيفة "هونولولو ستار" أن نحو 271 مبنى دمرت أو تضررت.
ويسعى المسؤولون في هاواي إلى تحديد كيفية انتشار اللهب بهذه السرعة عبر المنتجع التاريخي دون تحذير يذكر.
وأصبحت الحرائق الكارثة الطبيعية الأكثر هلاكا في تاريخ الولاية بعد أن تخطت كارثة تسونامي التي أودت بحياة 61 شخصا على جزيرة هاواي الكبرى في عام 1960 بعد انضمام هاواي إلى الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون إن فرق البحث التي تستعين بكلاب مدربة على البحث عن الجثث قد تعثر على المزيد من ضحايا الحرائق التي أتت على ألف مبنى وشردت الآلاف، وهو ما يتطلب على الأرجح سنوات عديدة ومليارات الدولارات لإعادة البناء.
وبعد ثلاثة أيام من وقوع الكارثة، لم يتضح بعد ما إذا كان بعض السكان تلقوا أي تحذيرات قبل أن تلتهم النيران منازلهم.
وتحتوي الجزيرة على صفارات إنذار للتحذير من الكوارث الطبيعية والتهديدات الأخرى لكن يبدو أنها لم تنطلق أثناء الحريق.