العقل السليم في القلب السليم.. السر بـ«المادة البيضاء»
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في المعاهد الوطنية للصحة عن وجود ارتباط قوي بين اللياقة القلبية التنفسية وسلامة المادة البيضاء في الدماغ، وخاصة مع تقدم الناس في السن.
وتشير الدراسة التي نُشرت في "بروسيدنجز أوف ذانناشونال أكاديمي أوف ساينس"، إلى أن الحفاظ على اللياقة القلبية التنفسية قد يلعب دورا حاسما في حماية صحة الدماغ ومكافحة الاضطرابات العصبية المرتبطة بالعمر، والسر في هذه العلاقة هو المادة البيضاء في الدماغ.
والمادة البيضاء في الدماغ، المكونة من محاور عصبية مغلفة بالميالين، ضرورية لنقل الإشارات العصبية.
ومع ذلك، فإن فقدان الميالين، وهي حالة تُرى في الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر وباركنسون والتصلب المتعدد، يصبح أكثر احتمالية مع تقدم الناس في السن.
وسعت هذه الدراسة إلى استكشاف العلاقة بين اللياقة القلبية التنفسية وسلامة هذه المادة.
وجنّد الباحثون 125 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 22 إلى 94 عاما، وقاسوا لياقتهم القلبية الوعائية باستخدام (VO2max)، وهو الحد الأقصى لمعدل استهلاك الأكسجين، وقيموا محتوى الميالين باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي المتقدمة التي تقيس الميالين على وجه التحديد، مما يوفر رؤى أكثر دقة من الطرق التقليدية.
وكشفت النتائج أن اللياقة القلبية التنفسية الأعلى كانت مرتبطة بقوة بسلامة الميالين الأكبر، وخاصة في مناطق الدماغ المعرضة للتنكس المبكر، مثل الفصوص الأمامية ومسارات المادة البيضاء.
تشير هذه النتائج إلى أن اللياقة البدنية مدى الحياة قد تكون وقائية لهذه المناطق الحساسة من الدماغ.
وبينما تثبت الدراسة وجود ارتباط وليس سببية، يؤكد الباحثون على إمكانات اللياقة القلبية التنفسية كمؤشر قيم للصحة العامة وهدف للتدخلات التي تهدف إلى تعزيز صحة الدماغ.
كما يسلطون الضوء على دور التمارين الهوائية في دعم التكيفات العصبية الوقائية، مثل زيادة تنظيم النيوروترفينات وتعزيز وظيفة الميتوكوندريا في الدماغ.
ويضع هذا البحث الرائد الأساس للدراسات المستقبلية لاستكشاف العلاقة بين اللياقة البدنية وصحة الدماغ وسلامة الميالين بشكل أكبر، بهدف تعزيز شيخوخة الدماغ الصحية ومنع الاضطرابات العصبية.