الأسطورة العربية هداية ملاك توضح لـ"العين الرياضية".. كيف يصنع البطل الأولمبي؟
كشفت البطلة الأولمبية العربية هداية ملاك، نجمة التايكوندو المصرية، عن أبرز عوامل صناعة بطل أولمبي قادر على المنافسة بقوة في المحافل الدولية.
ونجح الأبطال الرياضيون المصريون في أولمبياد طوكيو 2020 في تحقيق 6 ميداليات، منها 4 برونزيات وواحدة فضية وأخرى ذهبية، وكان للبطلات بقيادة هداية ملاك حضور بارز.
وكانت بطلة التايكوندو المصرية أحد أهم الأمثلة التي تألقت في الرياضة المصرية خلال الأولمبياد الذي أقيم العام الماضي، بتحقيق الميدالية البرونزية في وزن 67 كيلوجراما، عن جدارة واستحقاق، لتصبح إحدى الأساطير العربية في تاريخ الألعاب الأولمبية.
وانفردت هداية ملاك عن نظرائها من الأبطال المصريين الفائزين بالميداليات في طوكيو 2020 بأنها الوحيدة التي حققت ميدالية أولمبية للمرة الثانية على التوالي، بعد فوزها ببرونزية وزن 57 كيلوجراما في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016.
"العين الرياضية" أجرت حوارا حصريا مع البطلة المصرية هداية ملاك، التي كشفت عن أبرز عوامل صناعة البطل الأولمبي ليكون قادرا على المنافسة بقوة على الصعيد العالمي.
كما تحدثت عن رحلتها في لعبة التايكوندو منذ كانت طفلة وحتى باتت بطلة أولمبية، والمراحل التي تجاوزتها، وكيف تحولت أجزاء من حياتها إلى عمل درامي ورأيها في فكرة التجنيس، ومتابعتها لكرة القدم المصرية عبر مواطنها محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي، وأمور أخرى كثيرة في السطور التالية.
كيف يحافظ البطل الأولمبي على نجاحه؟
أكدت هداية ملاك في حوارها مع "العين الرياضية" أن هناك عدة عوامل يجب أن يتحلى بها البطل الأولمبي لتحقيق النجاح، موضحة: "العوامل الأساسية التي تمنح مقومات تحقيق أي بطولة هي الاستقرار الذهني والنفسي والفني للاعب، وكذلك لكل المنظومة التي حوله".
وأكملت: "يجب كذلك الحصول على الدعم المنتظم على أعلى مستوى، وبالطبع تجديد الدوافع لديه والرغبة في التطور الدائم، ومتابعة المنافسين بصورة دقيقة، وليس انتهاء بالشغف والإخلاص والتركيز وبذل الجهد والتضحية".
وعن دور الدولة في دعم الأبطال الأولمبيين ودور الأبطال أنفسهم في العمل على رفع مستوياتهم تقول: "البطل الأولمبي يجب أن ينظر لنفسه أولاً، وما يجب أن يقدمه، لكن بالتوازى هو يحتاج إلى الدعم بنسبة ١٠٠% من أي جهة (ليس بالضرورة الدولة)".
وأكملت البطلة المصرية: "يجب توفير الأجهزة الفنية عالية المستوى والأدوات المناسبة الحديثة والقدرة على السفر والمشاركة في أحداث دولية سواء بطولات أو معسكرات أو مواجهة منافسين على نفس المستوى العالمي أو الأولمبي".
كيف تصنع من الطفل بطلاً أولمبياً؟
هداية ملاك بدأت مسيرتها الرياضية من سن الطفولة مثلها مثل أي طفلة تمارس لعبة إلى جوار دراستها وفي أوقات الفراغ، وهو ما يفعله الكثير من الأطفال الذين يمارسون بشغف رياضات مثل التايكوندو وكرة القدم والتنس والكرة الطائرة وغيرها.
وعن بدايتها مع الرياضة حتى تحولت لبطلة أولمبية تحدثت: "بدايتي كانت عن طريق مشاهدة أخي الأكبر بطل الجمهورية في مراحل الناشئين ثم الانضمام للعبة وتكوين صداقات فيها ضمن فريق النادي، ثم حب اللعبة والرغبة في تعلمها والتميز فيها والتطور محليا وإقليميا ثم عالميا سواء مع النادي أو المنتخب".
ووجهت البطلة الأولمبية نصيحة للأطفال بأن يحاولوا تحقيق أحلامهم الرياضية وغيرها: "أنصح الأطفال دائما بأن يحاولوا تحقيق أحلامهم ويسألوا عن أي شيء يريدون معرفته، وألا يتوقفوا عن الحلم والسعي لتحقيق كل أحلامهم، على الأقل لكي لا يندموا لاحقا على أنهم لم يبذلوا أقصى جهد من أجل تحقيقها".
تمثيل فرنسا في كأس العالم
قامت هداية ملاك في كأس العالم للتايكوندو 2014 بالدفاع عن ألوان المنتخب الفرنسي في تجربة استثنائية وفريدة من نوعها للاعبة عربية، تنم عن إيمان المنتخب الأوروبي بإمكانيات البطلة المصرية.
وخسرت فرنسا بمشاركة ملاك وقتها في كأس العالم للتايكوندو للفرق أمام كوت ديفوار في نصف النهائي، حيث تسمح قوانين البطولة بمشاركة لاعبة أو اثنتين على الأكثر من خارج البلاد، بشرط ألا تكون بلادها مشاركة في البطولة، وهو ما فتح الباب أمام ملاك للمشاركة في البطولة.
وتشير ملاك إلى أن تلك الواقعة: "كانت فرصة هائلة لأن أشارك في حدث من أكبر الأحداث الرياضية وقتها، ومصر لم تكن مشاركة في البطولة، وكنت فى معسكر ممتد مع المنتخب الفرنسي، وفوزي معه بالمركز الثالث على مستوى العالم هو انتصار أعتز به حتى الآن كلاعبة مصرية".
وعن مسألة التجنيس استفاضت البطلة المصرية قائلة: "لا أحب التجنيس ولم أفكر فيه على مدار عمري، لكن أحياناً يمكن أن يتعرض لاعب لموقف مماثل بسبب ظروف خاصة أو وضع مختلف عن التقليدي، ولا يمكنني أن أحكم عليه".
الحجاب والتأثير على مسيرة هداية
نفت هداية ملاك أن تكون قد عانت من أي تأثيرات سلبية بسبب ارتدائها الحجاب على مدار مشوارها الرياضي، سواء داخلياً أو خارجياً، موضحة: "لم أشعر بأي تأثير سلبي، بل على العكس، دائما كان هناك دعم سواء بشكل رسمي من قبل الدولة أو من الدائرة المحيطة بي".
وواصلت: "لم يكن هناك أي عائق بسبب الحجاب، حتى حين سافرت وأقمت خارج مصر في معسكرات طويلة امتدت إلى شهور".
أبرز سيدة عربية في 2014
ترشحت هداية ملاك في عام 2014، الذي شهد إحرازها فضية بطولة أوكرانيا المفتوحة والحصول على برونزية كأس العالم للفرق مع فرنسا، للتواجد ضمن قائمة أهم 50 سيدة عربية من مجلة "سيدتي" الإلكترونية.
وعلقت ملاك على هذا الترشيح في تصريحاتها لـ"العين الرياضية" بقولها: "الحقيقة أنا أفتخر بكوني مصرية وعربية، ولا أرى نفسي أفضل من أي بنت مصرية أو عربية تبذل الجهد في أي مجال سواء كان رياضيا أم دراسيا أم غيرهما".
وواصلت: "أفتخر بالطبع بترشيحي لتلك الجائزة، أو أي جائزة أخرى، وأتمنى أن أكون دوماً عند حسن ظن أي شخص يعرفني".
هداية ملاك وكرة القدم ومحمد صلاح
لا تمتلك هداية ملاك علاقة قوية مع لعبة كرة القدم، فمتابعتها لها مقصورة على دعم المنتخب المصري ومشاهدة مبارياته، وكذلك متابعتها لمباريات النجم المصري محمد صلاح مع ليفربول.
وعن متابعتها لكرة القدم المصرية أو العالمية تقول: "للأسف لا أتابع كرة القدم على الإطلاق لكن هناك حالات نادرة حين يكون المنتخب المصري يلعب أو محمد صلاح يلعب مع ليفربول".
وظهرت ملاك من قبل في فيلم وثائقي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عن صلاح، حيث أكدت فخرها بالتواجد في عمل يحتفي بنجم الكرة المصرية والعالمية.
وعن إمكانية متابعتها لمباريات كأس العالم 2022 في قطر والمنتخبات التي ستشجعها علقت: "بالتأكيد أتمنى التوفيق لكل المنتخبات العربية، لكني لا أشجع منتخبا بعينه، وغير متأكدة على قدرتي من متابعة مباريات البطولة".
أول إجازة بعد 11 سنة
ابتعدت هداية ملاك في الفترة الأخيرة عن المنتخب المصري بسبب الحمل، حيث خرجت البطلة الأولمبية من قائمة المنتخب المصري التي أعلن عنها الاتحاد المصري للتايكوندو في أغسطس/آب الماضي.
وعن الابتعاد عن صفوف المنتخب المصري في أمر نادر عبر تاريخها تعلق ملاك: "على مدار ما يقرب من 11 سنة، كنت أتدرب بصورة متواصلة تماما لدرجة أنني لا أتذكر متى حصلت على إجازة أو جلست مع أسرتي أو أصدقائي".
وأكملت: "طوال الوقت كان لديّ ارتباط سواء بتدريب أو معسكر أو سفر أو بطولة أو إصابة أو عملية جراحية أو علاج طبيعي، بعد أولمبياد طوكيو كنت بحاجة لوقت لأمارس فيه حياتي بشكل طبيعي مع أسرتي".
الاهتمام الإعلامي ومسلسل "إلا أنا"
النجاح الذي حققته هداية ملاك ونظراؤها من الأبطال الأولمبيين جعل مسلسل "إلا أنا" المصري يلقي الضوء على الصعوبات التي يلاقيها الرياضيون في حياتهم.
وتحدثت هداية ملاك عن فكرة تجسيد شخصيتها في مسلسل "إلا أنا" ضمن حكاية "ثقلها ذهب"، وهو الدور الذي قامت به الممثلة سارة عبدالرحمن، حيث قالت: "هي في الحقيقة تجربة درامية ليست رياضية، تم فيها تناول مقتطفات من الأحداث التي دارت حول أكثر من رياضية مصرية".
وعن الهدف من العمل قالت: "بشكل عام العمل استهدف تعريف الناس بكفاح الرياضي بصفة عامة وبالصعوبات التي تواجهه، لكنها لم تعكس كل شيء وليس كل ما جاء في المعالجة الدرامية حدث في الواقع".
وواصلت: "القصة لم تكن عني وما تم تناوله ليس قصتي الحقيقية بالتفصيل، لكنها معالجة، أعتقد أنها نالت إعجاب مشاهدين كثيرين، وألقت الضوء على لقطات مهمة ونقاط كفاح كثيرة وكشفت سلبيات كثيرة لكنها ليست قصة حياتي".
ملاك، التي حققت الكثير من الإنجازات على مدار مسيرتها الرياضية التي تمتد لعشر سنوات وأكثر، لم تنل الاهتمام الإعلامي الذي تستحقه إلا بعد الإنجاز الأولمبي، لكن هل كان لهذا تأثير سلبي عليها؟
تؤكد البطلة المصرية أن غياب الاهتمام الإعلامي "كان دائما يزيل عني الضغوط.. لم أتأثر مطلقاً بالاهتمام الإعلامي، ولم أسعى إليه، وكان دائما شغفي باللعبة وحبي لها أبرز دوافعي للتدريب والمنافسة، وليس الأضواء والإعلام".
موقف نبيل
قررت هداية ملاك في عام 2016، أثناء إقامة بطولة بورسعيد في البارا تايكوندو أن تلعب ضد البطلة المغربية رجاء قرماش، التي لم تجد خصما لمواجهتها، وقررت أن تخسر أمامها.
وعن كواليس هذه التجربة الاستثنائية تحدثت ملاك: "كنت قد علمت وقتها أن اللاعبة المغربية قرماش قد تعود لبلادها بدون لعب في بطولة أفريقيا لعدم وجود منافسين في فئتها ووزنها".
وأكملت: "وقتها عرضت على الفور أن ألعب ضدها، وتشرفت بأنني خسرت منها وأنها حصلت على خبرة إيجابية من البطولة التي أقيمت في مصر وعادت لبلادها سعيدة وفائزة".