أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة: الإمارات أكثر الدول العربية اهتماما بتراثها
الدكتور أحمد مرسي أستاذ الأدب الشعبي يقول في حوار مع "العين الإخبارية" إن المأثور الشعبي مقوم كبير من مقومات الاقتصاد
قال الدكتور أحمد مرسي أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة والخبير العالمي في دراسات الفلكور إن الإمارات العربية المتحدة أكثر الدول اهتماماً بحفظ الفلكور والتراث الشعبي، من خلال مشروعات ضخمة ومنشآت واعدة لحفظ التراث الثقافي غير المادي.
وأوضح "مرسي"، في حوار مع "العين الإخبارية"، أن مؤسسات الثقافة العربية لم تنتبه إلا في وقت متأخر إلى الدور الذي يلعبه التراث في حفظ الهوية، معربا عن أمله في إنشاء قاعدة بيانات علمية للمأثورات الشعبية في كل البلدان العربية تساعد في خلق قيم يمكن البناء عليها في تنمية المجتمعات العربية.
"العين الإخبارية" التقت الدكتور أحمد مرسي، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، ليجيب على مجموعة من الأسئلة، وجاء نص الحوار كالتالي:
كيف بدأت علاقتك بالأدب الشعبي؟
منذ كنت طالباً بجامعة القاهرة، عندما دُرّس لنا كمادة على يد الدكتور عبدالحميد يونس، كما أنني من أسرة ريفية، والريف به الكثير من العادات والتقاليد التي يتشارك فيها جميع أبناء القرية، مثل أغاني العمل والعودة من الحج وغيرها.
هل واجهت صعوبة في اختيار هذا التخصص الذي لم يكن مطروقاً في مصر والوطن العربي؟
نعم عانيت، وبالفعل لم يكن ذلك التخصص شائعاً في هذا الوقت، والكثير من أساتذتي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة حاولوا ثنيي عن قراري بالتخصص في ذلك المجال، إيماناً منهم بأني شاب على قدر كبير من التميز.
لكني كنت مقتنعاً تماماً بأن هذا العلم ليس كلاماً فارغاً، بل هو علم قادر على تعزيز الثقافة المصرية، والكشف عن رؤية هؤلاء الناس للعالم، ومعرفة فلسفتهم العميقة تجاه الحياة، وهو ما يعبرون عنه بأمثالهم وحواديتهم وعاداتهم وتقاليدهم، فيما يعرف بالأدب الشعبي.
ما نوع العقبات التي واجهتك في علمك الميداني؟
واجهتني كثير من العقبات، وكان أكبرها عدم وجود كتاب يكشف كيفية جمع الأدب الشعبي، سوى كتاب غير أكاديمي للأستاذ أحمد رشدي صالح جمع فيه بعض الأغاني الشعبية.
لذا أطروحتي للماجستير هي أول دراسة أكاديمية في الوطن العربي عن الأدب الشعبي المجموع ميدانياً من أفواه الناس، بعيداً عن الأدب الشعبي المدون، الذي درّسته الدكتورة سهير القلماوي في "ليلة من ألف ليلة"، والدكتور عبدالحميد يونس في "السيرة الهلالية" المدونة، وتعلمت أصول العمل الميداني من الشعب المصري نفسه، ومن خلال التجارب التي مررت بها أثناء الجمع.
كيف تعامل معك الناس وأنت تجمع الأغاني؟
قابلوني بكثير من الشك، فهناك من قال إنني من الإذاعة، والبعض اتهمني بالجاسوسية، لكن في النهاية استطعت أن أنال ثقة هؤلاء الناس، الذين لم يكونوا مقتنعين بجدوى تسجيل أغاني العمل الخاصة بهم، ظانين أنها كلام تافه وغير جدير بالدراسة، فكانوا يضعونني تحت اختبارات لا متناهية للتأكد من صدق كلامي.
ما الفارق بين الأدب الشعبي والمأثور الشعبي؟
المأثور الشعبي أشمل من الأدب الشعبي، فالمأثور الشعبي هو الترجمة الصحيحة لكلمة فلكلور، فهناك الكثير من الأخطاء التي ارتكبت في ترجمة ذلك المصطلح للعربية، الذي ترجم في البداية على أنها "حكمة الشعب"، وهي ترجمة خاطئة، وما زاد الطين بلة فرقة الفنون الشعبية، التي أصبحت هي المرادف لها في العقل الجمعي المصري، كما ساعدت الصحافة والإعلام في حصر كلمة فلكلور في الرقص والغناء، مع أنه يشمل الحكم والأمثال والحواديت والحرف الشعبية.
كيف يمكن للدول الاستفادة من المأثور الشعبي؟
يشكل المأثور الشعبي (الفلكلور) مقوما كبيرا من مقومات الاقتصاد، ومصدرا من مصادر الدخل القومي، إذا أحسن استخدامه، ودليل ذلك الصين، التي تحصل مبالغ طائلة من وراء المعارف التقليدية من الأعشاب والمشروبات وطرق التداوي، وهذا موجود لدينا في الوطن العربي، ولكن لا يتم الترويج له بالشكل الصحيح، والاستفادة منه بما يخدم الدول العربية.
نجحتم في تسجيل "السيرة الهلالية" و"التحطيب" بقائمة التراث غير المادي لليونسكو.. هل هناك مشاريع قادمة؟
نعم، هناك مشروع "التلي" المقدم من الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، والتي أشرف برئاستها، وهو المشروع الـ3 الذي تقدمه الجمعية بعد السيرة والتحطيب.
وهو عبارة عن مشروع فني صغير، من أجل الحفاظ على التراث المصري، واستثماره كي يعود بالنفع على أصحابه، وقد دخل "التلي" إلى الموضات العالمية، بفضل جودة ومهنية المرأة المصرية في صنعه، ومن الجدير بالذكر أن هذا الفن كان يوشك على الانقراض، وسيتم إدراجه على قوائم اليونسكو الأولية.
ما أكثر الدول العربية اهتماماً بتسجيل تراثها غير المادي لليونسكو؟
الإمارات، وهنا لا بد من تحية القائمين على التراث الثقافي غير المادي في دولة الإمارات، ذلك لأنهم جادون جداً في هذا المجال، وقدموا أكثر من 8 موضوعات لليونسكو حتى الآن.
وهناك حماس لتقديم ملفات عربية مشتركة، تقدم على قوائم اليونسكو، تبرز العناصر المشتركة بين الدول العربية، فالشارقة تدخل بثقل في هذا المجال، كما أنها تدفع تكاليف الترجمة من وإلى العربية، ولم يكن ذلك يحدث في السابق إلا إذا تطوعت دولة بذلك، فاليونسكو عكس ما يتصور الكثيرون منظمة فقيرة، وتعتمد على الهبات من الدول التي لها اهتمام بالثقافة.
هل بذل العرب الجهد الكافي للحفاظ على فلكلورهم؟
للأسف هناك غفلة، دعنا نقل إنها غير مقصودة، لعدم إدراك العناصر المكونة للثقافة الشعبية التي تمثل هويتنا العربية، بما تشمله من عادات وتقاليد، ولم يبذل في إطار الثقافة العربية شيء إلا في وقت متأخر، فلو كان هناك عقل عربي واعٍ لكانت تحولت الكثير من ألعابنا العربية الشعبية إلى ألعاب إلكترونية، تحمل قيمنا العربية، بدلاً من الألعاب الأجنبية التي تشوه ثقافة أطفالنا.
وكان من الممكن تحويل حكايات الأطفال التي تحكيها المرأة الشعبية لأبنائها إلى أفلام كارتون، بدلاً من أفلام الكرتون الغربية التي لا تمثل القيم العربية في شيء.
ما التطلعات التي تحلم بأن تحققها على أرض الواقع في مجال الأدب الشعبي؟
أحلم بإنشاء قاعدة بيانات علمية للمأثورات الشعبية في كل البلدان العربية، لأن هناك الكثير من العناصر العربية المشتركة بين شعوبنا، والقيم الفنية الكثيرة التي يمكن البناء عليها في تنمية المجتمعات العربية.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA== جزيرة ام اند امز