بطل واقعة إنقاذ الكلبة المسمومة في مصر: اعتذرت لها عن وحشية البشر
أعاد طلاب مدرسة دولية بمصر، الاهتمام بواقعة إنقاذ شاب مصري لكلبة مسمومة، بعد اكتشافهم أن الشاب بطل الواقعة، هو مدرس اللغة الإنجليزية، حسن ياسر.
وانتشرت في أبريل/نيسان الماضي، صور لياسر وهو يساعد زميلة له في استدعاء طبيب بيطري، لمحاولة إنقاذ كلبة مسمومة كانت تتلوى من الألم في الشارع، وظهر في الصورة بجوار الكلبة في أثناء تزويدها بمحاليل طبية منقذة للحياة.
وأصبحت هذه الصور مادة لعدة تقارير كتبتها المواقع الصحفية، غير أن طلاب المدرسة التي يعمل فيها حاليا بعد تخرجه في كلية الألسن، استعادوا هذه الصور عبر صفحاتهم على موقع "فيس بوك"، عندما اكتشف أحدهم مصادفة أن بطل الصور التي انتشرت قبل شهور، هو مدرس اللغة الإنجليزية في المدرسة.
ويقول ياسر لـ"العين الإخبارية": "سعيد باهتمام طلاب المدرسة المصرية الدولية الحكومية بالشيخ زايد بهذه الصور، وتقديرهم لما فعلت، لأن ذلك يعكس نجاحنا في توصيل رسالة نظام البكالوريا الدولية (المعروف اختصارًا بالـ IB) في تعزيز اهتمام الطالب بمجتمعه ومسؤوليته تجاه الكائنات التي تشاركنا الحياة على كوكب الأرض".
وإذا كانت هذه الصور مناسبة لياسر كي يعيد التأكيد من خلال الحديث مع طلابه على رسالة نظام البكالوريا الدولية بممارسة عملية، وذلك قبل حتى أن ينضم لفريق عمل المدرسة، فإنه أيضا، أبدى سعادته باهتمام "العين الإخبارية" بهذه الصور مجددا، كي يرد على بعض التعليقات التي قرأها على المواقع الإخبارية التي كتبت عن هذه الصور.
يقول، وارتسمت على وجهه مسحة من الحزن: "البعض علق ساخرا بأن الأولى هو توجيه الجهد الذي بذله في إنقاذ الكلبة المسمومة لإنقاذ حياه إنسان مريض، ولهؤلاء أقول (الإنسانية ليست انتقائية)، فلو قابلت إنسانا في أزمة، سأسعى لمساعدته وتقديم كل الدعم له، كما فعلت مع الكلبة، لأن رسولنا الكريم يقول (في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ)".
وصمت لوهلة ودمعت عيناه حتى كاد يبكي، قبل أن يضيف: "لو لم أفعل ما فعلت لم أكن سأقوى على النوم، وكان مشهد الكلبة وهي تتلوى من الألم سيطاردني، فما فعلته معها كان اعتذارا بسيطا لها عن وحشية البشر".
قابلت حديثه بابتسامة، فرد معاتبا: "من المؤكد أنك تسخر الآن من مشاعري، ولكن يعلم الله أن ما أقوله هو ما شعرت به بالفعل".
أكدت له أن ابتسامتي ما هي إلا تعبير عن الإعجاب بإنسانيته الراقية، فلم يقنعه حديثي، وقال: "أنت معذور لأنك لم تهتم بهذا العالم، فلهذا العالم لغة جسد أفهمها جيدا، لأنني منذ صغري أهتم بهذه الحيوانات، وأعطف عليهم، حتى أن كل الكلاب الموجودة في محيط سكني تعرفني جيدا، فأنا صديقهم، وهذا أمر يسعدني ويخرج أي طاقة سلبية أشعر بها".
ويصمت لوهلة، قبل أن يضيف: "تخيل أن ملامح وجه الكلبة تبدلت بعد أن تم إسعافها بالمحاليل، فبعد أن كانت مضطربة وخائفة، فتحت عينها للحظات، ثم نامت في اطمئنان، وبالمناسبة نحن لا نعرف إن كنا نجحنا في إبقائها على قيد الحياة أم لا".
وأمضى ياسر وزميلته هدى، التي رافقته في تلك المهمة، قبل أن يصبحا زوجين فيما بعد، فترة طويلة امتدت لـ9 ساعات منذ أن شاهدا الكلبة وهي تتلوى من الألم، وحتى استدعاء طبيب بيطري، وشراء محاليل لإسعافها، ثم نقلها إلى أحد الملاجىء الخاصة بجمعيات الرفق بالحيوان.
ويقول: "عندما نقلناها كانت على قيد الحياة، ولا نعرف ان كانت هذه المحاليل قد نجحت في إنقاذ حياتها أم لا، ولكن على الأقل، فإن ما فعلناه جعلها ترى في نهاية حياتها شيء إيجابي، نعتذر به عن وحشية البشر، التي لا أرى لا مبررا".
ويضيف: " كلاب الشوارع ليست مؤذية، لأنها تعيش في تجمعات، بينما الكلاب التي يخشى منها وهي (المسعورة) لا تعيش في جماعة، وتنبذها الكلاب الأخرى، ويكفى أن تضع يدك على الكلب برفق ليصير صديقا لك، فالكلاب كائنات عشرية جدا".
وتشير بيانات وزارة الزراعة المصرية إلى وجود نحو 15 مليون كلب ضال يجوبون الشوارع المصرية، بينما يقتضي التوازن البيئى في مصر أن يكون العدد من 6 إلى 7 ملايين، وفق تصريحات سابقة للدكتور خالد سليم، نقيب الأطباء البيطريين، وهو ما كان يدفع مسؤولو الإدارة المحلية في مصر، إلى إجراء عمليات تسميم لحيوانات الشوارع بِناءً على شكاوى بعض السكان، من تعرضهم أو ذوييهم للعقر.
وكانت عمليات تسميم كلاب الشوارع تثير خلافا بين الجهات الحكومية، وجمعيات الرفق بالحيوان، الذي يرون أن عمليات تسميم وقتل الحيوانات الضالة أمر يتنافى مع القيم الإنسانية والدينية، فضلاً عما تسببه من أضرار صحية وبيئية، حيث إن سم "الاستروكين"، الذي كان يستخدم في قتل الحيوانات الضالة يسبب ضررا للحيوانات الأخرى ولأي شخص يتعامل مع الحيوان المسموم أو جثته بعد الموت، كما أن تحلل جثته يسبب أضراراً للبيئة.
ومؤخرا أعلنت الحكومة المصرية انتهاجها لحل وسط لهذه المشكلة، يبقي على حياة كلاب الشوارع، ولكن بعد تطعيمها ضد السعار، وخلال جلسة لمجلس النواب المصري في مايو/آيار الماضي، قال السيد القصير، وزير الزراعة المصري، إن الحكومة دشنت مطلع العام الماضي مبادرة رئاسية بعنوان "مصر بلا سُعار 2030".
وتهدف هذه المبادرة إلى التوسع في حملات تطعيم حيوانات الشوارع ضد مرض السُعار مع وضع علامات في أذن الحيوانات التي يتم تطعيمها للتأكيد على أنها لم تعد مصدرا للخطر أو القلق.
وخصصت هيئة الطب البيطري التي تتبع وزارة الزراعة خطاً هاتفياً ساخناً لتلقي الشكاوى الخاصة بالحيوانات الضالة، فضلا عن تسيير بعض الفرق الميدانية للتعامل مع الشكاوى والحالات الطارئة.
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg جزيرة ام اند امز