"هيريرا" العصر الحديث يقتل" شاعرية" كرة القدم المصرية
هيكتور كوبر، المدرب الأرجنتيني لمنتخب مصر أحد المتسببين الرئيسيين في خسارة النهائي الأفريقي أمام الكاميرون
من المتعارف عليه أن منتخب مصر جلب الاحترام طوال السنوات الأخيرة بفضل تحقيقه لمعادلة صعبة في كرة القدم الحديثة تتمثل في الجمع بين الأداء الراقي والإنجازات الخارقة للعادة في البطولات الأفريقية.
لكن الأمور تغيرت بشكل كبير خلال دورة الجابون 2017 التي عجز الفراعنة عن الفوز بلقبها، إضافة إلى ترك انطباعات سيئة لدى العديد من الملاحظين، يتقدمهم "الساحر الأبيض" كلود لوروا، الذي انتقد طريقة لعب المنتخب المصري القائمة على الحذر الدفاعي المبالغ فيه.
ورغم انه من الجحود إنكار مساهمة المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر في عودة الروح لكرة القدم المصرية، فالفراعنة نجحوا، تحت قيادته، في تجديد العهد مع المسابقة الأفريقية بعد غياب غير مفهوم في الدورات الثلاثة الأخيرة، كما قطعوا خطوة كبيرة من أجل الترشح لكأس العالم روسيا 2018.
غير أنه من الجلي أن الفلسفة التكتيكية "للمنحوس" كوبر تتقاطع بشكل كلي مع الثقافة الكروية المصرية المبنية على اللعب الجميل والاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة.
المثل الفرنسي يقول "الأرقام فقط هي العنيدة" وأرقام المنتخب المصري في الدورة الأفريقية تثبت أنه لم يكن جديرا بحمل ثوب البطل.
فهل يعقل أن يعجز صاحب الرقم القياسي في عدد التتويجات القارية على تحقيق نسبة أفضل من منافسيه في امتلاك للكرة في جميع مبارياته، باستثناء المواجهة أمام مالي.
وهل من المعقول أن تكون نسبة استحواذه للكرة في حدود 39% و38% تباعا أمام بوركينا فاسو والكاميرون.
السبب الوحيد في تقديري وراء هذا "الفقر "الفني أن المدرب السابق لإنتر ميلان يفضل الاعتماد على كتلة دفاعية متأخرة يقوم فيها عبد الله السعيد بأدوار دفاعية كبرى إلى جانب طارق حامد ومحمد النني، مما يرهق السعيد ويمنعه من التركيز على عملية بناء الهجمة بطريقة مثلى.
الأمر أيضا ينطبق على محمود تريزيجيه وبدرجة أقل محمد صلاح المطالبين بالتغطية على ظهيري الجنب في صورة تقدم منافسيهما المباشرين لخط الهجوم.
في ظل هذا الاستنزاف البدني الكبير لجميع اللاعبين المكلفين بصنع اللعب، كان من المتوقع أن يعجز المنتخب المصري عن التدرج بالكرة بطريقة سليمة، مما جعل الحلول منعدمة، إلى الحد الذي دفع بعلي جبر وأحمد حجازي إلى اعتماد التمريرات الطويلة نحو "المسكين" عمرو وردة ومن قبله مروان محسن وكهربا، الذين يجدون أنفسهم دائما في مواجهة غير متكافئة مع عمالقة الدفاع المعتادين في المنتخبات الإفريقية.
اللعب على استثمار هفوات المنافس قد ينجح في مباراة أو اثنتين، غير أن الأمر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون فلسفة لعب، خاصة إذا ما تعلق الأمر بمنتخب مصري تعود طوال تاريخه على الاستحواذ على الكرة ووضع المنافس أمام حتمية بذل مجهود بدني كبير من أجل افتكاكها منه.
قد يكون هيكتور كوبر من المـتأثرين بمدرسة مواطنه هيلينيو هيريرا، الأب الروحي لطريقة مزلاج الباب (الكاتانتشيو)، التي تعتمد بشكل رئيسي على دفاع المنطقة ثم الهجمة الخاطفة، غير أنه ينبغي عليه اليوم أن يعي أن المنتخب الذي قهر جميع عمالقة القارة، لا يمكنه اليوم أن يلعب دور "الكومبارس" الرافض للمجازفة والمكتفي بالتأمين الدفاعي.