اغتيال الطويل والعاروري.. «ثقوب في جدار حزب الله»؟
مربع كان يعتبر حرما آمنا لقيادات "حزب الله" و"حماس" وغيرهما، توعد حسن نصر الله برد قوي على أي اعتداء فيه، لكنه تلقى ضربات أظهرت عمق الاختراق في جداره، وانكشافه أمام إسرائيل تماما.
وجاء مقتل القائد الميداني بحزب الله وسام الطويل فيه ضربة موجعة ومفاجئة لحزب الله تثير كثيراً من التكهنات بشأن تعرض الحزب لاختراق أمني كبير، كونه أحد القيادات الميدانية في الجنوب اللبناني، وبعد أيام فقط من اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية الجنوبية ببيروت معقل الحزب.
ويجمع خبراء على أن هذه النوعية من العمليات بشكل أو بآخر تعبر عن "خرق كبير" لمعاقل حزب الله، وكذلك فإنها تكشف "عودة إسرائيل لاستراتيجية الاغتيالات بشكل مكثف"، كما أنها بلا شك وضعت حزب الله أمام حرج كبير، وتشكل اختباراً بشأن الردود التي قال إنه سيفعلها خلال خطابه الأخير.
اختراق أمني كبير
"حزب الله تعرض لاختراق أمني كبير".. بتلك الكلمات علق فادي عاكوم الكاتب الصحفي اللبناني على مقتل "الطويل" ومن قبل "العاروري"، قائلاً إن "وصول إسرائيل إلى أهداف حقيقية أو بارزة سواء تابعة لحزب الله أو لحركة حماس يعتبر خرقاً أمنياً كبيراً، إن كان من قبل الشاباك أو الموساد".
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "عملية اغتيال العاروري ما كانت ستتم لولا وجود هذا الاختراق الأمني الكبير، فمن المستحيل أن تنجح تل أبيب بمثل هذه العملية وهي تتكل فقط على الأجهزة التقنية وأجهزة التجسس الخاصة بالاتصالات".
ويرى "عاكوم" أن "نفس الأمر ينطبق على مقتل وسام الطويل خاصة أن حزب الله يمتلك وسائل اتصال خاصة به بعيداً عن وسائل الاتصال العادية، فتوجد شبكة اتصالات خاصة به مشفرة، خصوصاً لدى قيادات الصف الأول".
وأوضح أن "استهدافه بهذه السهولة يعتبر سقوطاً كبيراً ومدويا لأمن حزب الله الذي لطالما تشدق بأنه محصن أمنياً، وأنه يستطيع اختراق إسرائيل، وغيره من الشعارات الإعلامية التي تزول يوماً بعد يوم، أو على الأقل تظهر حقيقتها".
استراتيجية جديدة
وعن الاعتماد الإسرائيلي على آلية الاغتيالات، يقول الكاتب الصحفي اللبناني إنه "يبدو أن إسرائيل ومنذ فترة، نحو سنتين، قررت اللجوء إلى طريقة التحالف الدولي في التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي بالتركيز على استهداف قيادات الصف الأول".
واستطرد: "قبل سقوط التنظيم تم استهداف قادته والأمراء والمسؤولين حتى الصفين الثاني والثالث مما هز الهرمية القيادية لدى التنظيم بشكل كبير، وأدى بالتالي إلى تسهيل العمليات العسكرية ضده".
وأعرب "عاكوم" عن اعتقاده بأن "إسرائيل تحاول القيام بنفس الأمر بدءا من المشاركة في اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، ومروراً بسلسلة الاغتيالات التي حدثت في سوريا ولا تزال تستهدف عناصر وضباط حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وها هو الآن الأمر ينتقل إلى الجانب اللبناني".
ورغم ذلك يقول "عاكوم" إن "حزب الله يعلم أن إسرائيل لم تخترق قواعد الاشتباك منذ عام 2006 تقريباً والتي نصت على أن يكتفي الجانبان إذا كان إسرائيل أو حزب الله باستهداف المواقع العسكرية والنقاط العسكرية الأساسية وليس المدنيين، وبالتالي فإن ما يجري في الجنوب من قبل الطرفين لا يخرج عن قواعد الاشتباك، ولهذا تصر تل أبيب على هذه الطريقة".
وبيّن أن "اتباع نهج التحالف الدولي فيما يتعلق باستهداف القيادات قد ينجح مع حماس كون العاروري كان شخصية مميزة كونه الوحيد الذي استطاع تجميع الفصائل العسكرية في غزة بطريقة منظمة، وهو ما لم يستطع القيام به أي قيادي آخر في، وبالتالي فإن اغتياله قد نرى له انعكاسات سلبية خلال الفترة المقبلة".
تأثير مختلف
لكن "عاكوم" يرى أن "الأمر قد يختلف تأثيره بالنسبة لحزب الله، إذ يمتلك الحزب سلسلة قيادية هرمية لكن كل مركز يوجد فيه ثنائي، أي أن اغتيال وسام الطويل لن يؤثر هرمياً على فصيل الرضوان المميز فهناك شخص آخر له نفس الوضع الأمني والقيادي، ولهذا سنرى مزيداً من الاغتيالات لقيادات الحزب وحماس سواء في لبنان أو سوريا".
وقد وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، رسالة تحمل قدراً كبيراً من التحدي إلى حزب الله بشكل مباشر حين قال إن "الحزب قد أخطأ التقدير في 2006، وها هو يخطئ التقدير مجدداً"، مؤكداً أن "دولته ستقوم بما يلزم لحماية الحدود الشمالية"، داعياً الحزب إلى "التعلم مما حدث مع حماس خلال الأشهر الماضية".
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما هاجمت حركة حماس مستوطنات غلاف قطاع غزة، فقد حزب الله أكثر من 130 من عناصره جراء الضربات الإسرائيلية على جنوب لبنان، إلا أن وسام الطويل هو الرتبة الأعلى التي تطالها نيران إسرائيل حتى أن حسن نصر الله حين نعاه وصفه بـ"القائد".
ومنذ عام 2008 قامت إسرائيل بأكثر من اغتيال لقيادات بحزب الله مثل عماد مغنية، وسمير القنطار، وحسان اللقيس، وجهاد مغنية، نجل عماد مغنية، لكن عدة تقارير لم ترصد رداً ملحوظاً من الحزب على أي من تلك الاغتيالات التي كان بعضها موجعا.
رسالة لإيران
"رسائل إلى إيران".. هكذا يرى محمد القزاز المتخصص في الشأن اللبناني، الضربات الإسرائيلية، موضحا أن "تل أبيب تريد فقط أن تقول لطهران إنها قادرة على فعل أي شيء بما في ذلك فتح جبهة جديدة".
لكنه استدرك أن "إسرائيل لا تقدر حاليا على الدخول في مواجهة شاملة على الحدود اللبنانية، وكذلك حزب الله يخشى جر لبنان إلى الحرب مع إسرائيل، كما أن المجتمع الدولي لا يريد توسيع المواجهة".
وأضاف "القزاز"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "إسرائيل تتحدى أيضاً حسن نصر الله، ولكن يبقى الأمر كله في إطار قواعد الاشتباك المتفق عليها".
"إلا أن هذا لا يعني أن سيناريو الحرب الواسعة مستبعد تماماً، ففي العالم الذي نعيشه كل شيء وارد بدليل أننا كنا نستبعد في وقت من الأوقات تدخل روسيا عسكرياً في أوكرانيا لكن استيقظنا فجراً على هذه الحرب".. بحسب القزاز.
وعندما تم اغتيال القيادي بحماس صالح العاروري انتشر على نطاق واسع مقطع مصور يقول فيه حسن نصر الله في تصريحات سابقة إن "أي اغتيال يقع على الأراضي اللبنانية يطول لبنانياً، أو فلسطينياً، أو إيرانياً، أو سورياً، سيكون هناك رد قوي عليه لا يمكن تحمله"، أي أنه بات مطالباً بالرد.