واقع جديد.. خبراء يرسمون سيناريوهات مستقبل صراع حزب الله وإسرائيل
يمثل الهجوم السيبراني الذي تعرض له حزب الله نقطة تحول في الصراع الإقليمي، فبالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي لحقت به، فقد فتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل المنطقة والصراع بين الحزب وإسرائيل وتأثيره على نفوذ إيران.
وللإجابة عن هذه التساؤلات، توافق خبراء عسكريون تحدثت معهم "العين الإخبارية" على أن "الهجمات السيبرانية"، الثلاثاء والأربعاء، تفرض واقعا جديدا على مسار الصراع بين حزب الله وإسرائيل، بعد تعرض الحزب لـ"ثغرة كبيرة" هزت أركانه.
- صدى تفجيرات حزب الله يرتد في العراق.. «الحشد الشعبي» يتخلص من «بيجر»
- فوضى وشكوك.. «الشحنات الملغومة» تشوش «ذبذبات» حزب الله
تداعيات التفجيرات
وفي قراءتهم لتداعيات التفجيرات على حزب الله، واحتمالات اتساع نطاق الحرب، قال خبراء عسكريون إن "التفجيرات أصابت عصب اتصالات الحزب اللبناني الداخلية، وأدت إلى فقدان السيطرة والتواصل بين القيادة والميدان".
إضافة إلى "كشفت هوية أعضائه، مع تحييد المئات من عناصر وقيادات الحزب خارج الحرب في الوقت الحالي".
واستبعد قسم من هؤلاء الخبراء "إقدام إسرائيل على شن عملية توغل بري في الجنوب اللبناني منعا لوقوع خسائر بشرية بصفوفها، في ظل التفوق الميداني لعناصر الحزب".
لكن آخرين قالوا إن "تل أبيب ستستغل تفجيرات الثلاثاء والأربعاء، للقيام بعمليات عسكرية نوعية تضعف من قدرات الحزب التسليحية، مع توغل بري محدود يستهدف إبعاد الحزب لما بعد نهر الليطاني".
شل «عصب الاتصالات»
وقال العميد ناجي ملاعب، الخبير العسكري والاستراتيجي، لـ"العين الإخبارية" إن حزب الله يتعرض لضربة كبيرة جدا، ولا أحد يعلم بدقة كيف سيتم استدراكها في المستقبل، حيث إنه إضافة للخسائر البشرية والإصابات العديدة في صفوف الحزب، فإن الأخطر هو شل عصب الاتصالات الميدانية وفقدان التواصل بين القيادة والعناصر".
وإذ ينبه إلى أن استعدادات حزب الله التسليحية في أرقى حالاتها للرد على أي عدوان، تساءل الخبير العسكري اللبناني، عن كيفية استدراك الحزب ما جرى من شل عصب اتصالاته؟ وهل ستعوض الشبكة الأرضية التي مدها منذ عام 2008 ؟، خاصة أنها من خارج الشبكة الهاتفية الرسمية للدولة، وأعتقد أن العودة إليها ممكن".
وبحسب تقرير لموقع "إيه بي سي نيوز" الأمريكي، فإن تفجير أجهزة النداء (بيجر) عن بُعد، والتي كان يحملها عناصر حزب الله في لبنان لم يعطل فقط عنصرًا رئيسيًا من اتصالات المجموعة المسلحة، بل كشف عن هوية الأعضاء، وقتل وجرح العديد منهم.
سيناريوهات الصراع
وعن سيناريوهات الصراع الحالي بين حزب الله وإسرائيل، في ظل الحرب السيبرانية الحالية ضده، استبعد الخبير العسكري اللبناني اتساع نطاق الحرب، وعدم قيام إسرائيل بحرب غير محسوبة العواقب والنتائج على الجبهة الشمالية.
وهذا وفقا – بحسب ملاعب – لما يرد من الإعلام الإسرائيلي، وضباط كبار سابقين، والخلافات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي، وما طرح من أهداف في العملية البرية الهجومية في غزة من أهداف عالية المستوى لم يتحقق منها سوى الدمار والقتل والإبادة.
لكن الخبير العسكري لا يستبعد في الوقت ذاته قيام إسرائيل بشن بعملية نوعية كبيرة في الجنوب وربما في العمق اللبناني، في ظل الحكومة اليمينية الحالية التي تنعم بدعم أمريكي غير مسبوق.
بيد أنه قال إن "رد حزب الله سيكون كبيرا؛ لأنه في الواقع ما زال يختزن أسلحته وصواريخه المتوسطة وبعيدة المدى والتي تتسم بدقة التصويب، إضافة إلى بنك أهداف كبير في العمق الإسرائيلي".
وتقول إسرائيل إنها وافقت على خطط عملياتية لغزو جنوب لبنان لدفع حزب الله بعيدًا عن منطقة الحدود إذا لم يتراجع، وفشلت محاولات الولايات المتحدة للتوصل إلى حل دبلوماسي.
يأتي هذا في وقت، صرح حزب الله أنه لن يتوقف عن إطلاق النار على إسرائيل حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأكد أن التفجيرات لن تردعه.
صدمة كبيرة
ويتفق مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن اللبناني خالد حمادة، مع ما ذهب إليه العميد ناجي ملاعب، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "تفجيرات بيجر واللاسلكي هزت أركان حزب الله بعد أحدثت صدمة كبيرة للحزب في ظل ضخامة الإصابات".
وأوضح: "الهجوم السيبراني الإسرائيلي يفرض واقعا جديدا على إمكانات حزب الله"، مفسرا: "هناك منظومة قيادة واتصال وسيطرة تعرضت لثغرة كبيرة ليس من السهل ترميمها".
وأضاف: "بالتالي كل ما يمت إلى العمليات الأمنية أو قيادة العمليات الأمنية أو الميدانية قد أصيب بنكسة كبيرة"، مردفا: "تحييد أيضا أكثر من 3 آلاف عنصر من حزب الله أمس فقط، يضع مستوى أمني معين أو مستوى عملياتي معين خارج المعركة".
خيارات حزب الله
وحول خيارات حزب الله، يشدد "حمادة" على أن "خيارات الحزب اللبناني لن تكون بمعزل عن الخيارات الإيرانية والسقوف التي تضعها طهران والمقيدة بعدد من الاعتبارات مرتبطة برغبة طهران في عدم اتساع نطاق الحرب من أجل إتمام الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة".
وزاد: "مع خيارات الحزب المحدودة، فإن رده سيكون ضمن جملة صواريخه المعتادة والتقليدية من نوع الكاتيوشا والتي لا تحقق مستوى التوازن المطلوب مع إسرائيل".
في هذا السياق، استبعد الخبير العسكري اللبناني، لجوء إسرائيل للتوغل البري في الجنوب اللبناني، وهو ما عزاه إلى أن تل أبيب لن تمنح لحزب الله فرصة لتسجيل نقاط عليها في ظل التفوق الميداني لعناصر الحزب وهو ما تبين في حرب 2006، إضافة إلى الرفض الأمريكي لهذه الخطوة.
توغل نوعي
وفي توصيفه لواقع حزب الله بعد التفجيرات، قال اللواء سمير فرج الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "حزب الله تعرض لخسائر فادحة بعد إصابة قادة وكوادر الحزب بجروح شديدة، علاوة على سقوط شبكة اتصالاته، وهي عوامل ستضعف بقوة من كفاءته القتالية".
وإزاء ضعف كفاءة حزب الله، توقع فرج استغلال إسرائيل هذا الوضع عبر شن عملية عسكرية واسعة تستهدف إضعاف قدراته التسليحية، والقيام بعملية توغل نوعي، بهدف إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، من أجل العودة إلى القرار 1701.
لكن هذا السيناريو، والحديث للخبير العسكري المصري، سيتوقف على "نجاح إسرائيل في الحصول على ضوء أخضر أمريكي".
ويشير فرج إلى أن "حزب الله بحاجة لفترة من الوقت حتى يستطيع ترتيب أوارقه، باستكمال عناصره واستعادة شبكة اتصالاته".
وفي وقت سابق، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن نتنياهو يدفع باتجاه عملية في لبنان، وإن كانت "أكثر محدودية".
سلسلة انفجارات
وبعد يوم من تفجيرات أجهزة بيجر، الثلاثاء، وقعت، الأربعاء سلسلة انفجارات جديدة بأجهزة لاسلكي يحملها عناصر تابعون لحزب الله، في عدد من المناطق اللبنانية لا سيما الضاحية الجنوبية وصور والنبطية أدت إلى سقوط قتلى ومئات المصابين، بحسب مركز الطوارئ في وزارة الصحة اللبنانية.
والثلاثاء، قُتل ما لا يقل عن 9 أشخاص وأصيب قرابة 4 آلاف شخص، بمن فيهم السفير الإيراني لدى لبنان، عندما انفجرت أجهزة النداء اللاسلكية "بيجر" التي يمتلكها حزب الله، في سائر أنحاء لبنان، في هجوم غير مسبوق حمّلت الدولة اللبنانية وحزب الله إسرائيل المسؤولية عنه.
aXA6IDM0LjIzOS4xNTAuMTY3IA== جزيرة ام اند امز