حزب الله في 2021.. رصاص بقلب لبنان
يستعد لبنان لتوديع 2021؛ العام المثقل بأحداث نبشت دفاتر حزب الله ووثقت رصاصه الموجّه إلى صدور اللبنانيين.
عام محمّل بأحداث متواترة طبعت مسارا متأزما لبلد يعاني تغلغل المليشيات في مفاصل الحكم فيه، وتبتز أمنه وتعرقل حل أزماته، في انسياب زمني فند شعارات يجترها أمين عام حزب الله حسن نصر الله، في كل إطلالة يحاول عبرها ذر الرماد في عيون سئمت المناورات.
ولطالما تبجحت المليشيات بأنها لا يمكن أن توجه سلاحها إلى اللبنانيين، قبل أن تكذبها إحداثيات على الأرض أكدت أن رصاص التنظيم يمكن أن يخترق أجساد المواطنين العزل في حال استدعى الأمر التخلي عن الشعارات وإظهار الوجه الحقيقي.
وفي هذا التقرير وضمن حصاد العام 2021، تسرد "العين الإخبارية"، وقائع وأحداثا وجه فيها حزب الله رصاصه لصدر لبنان، موقعا ضحاياه قتلى أو جرحى.
أحداث خلدة
في الأول من أغسطس/آب الماضي، وقع تبادل كثيف لإطلاق النار بين منتمين لحزب الله وشبان من عشائر عربية في خلدة جنوب العاصمة بيروت.
وحينها، قتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة عناصر من حزب الله، في اشتباك مسلّح خلال تشييع الشاب علي شبلي المنتمي للحزب، والذي قتل خلال عملية ثأرية فردية من قبل شاب ينتمي الى العشائر العربية يتهم شبلي بقتل شقيقه الأصغر قبل عام.
وأثناء التشييع، مر الموكب في منطقة خلدة حيث تقطن أكثرية العشائر، ووقع اشتباك مسلح بين الطرفين استمر لساعات واستعملت فيه الأسلحة المتوسطة وقذائف الـ"أر بي جي" قبل أن يتدخل الجيش ويحسم الأمر.
وفيما اعتبر "حزب الله" أن الموكب تعرض لكمين مسلح من قبل العشائر، طالب الأجهزة الأمنية والقضائية بالتدخل فوراً وإلقاء القبض على المتورطين.
وهدد حزب الله بـ"اجتثاث" العشائر في 3 دقائق لكنه ترك الأمر، واصفاً شبان المنطقة بـ"العصابات".
في المقابل، أبدت العشائر العربية في بيان، استعدادها لبث مقاطع مصورة تؤكد ترويع عناصر حزب الله لسكان منطقة خلدة بإطلاق الرصاص في الهواء خلال مرور موكب تشييع القيادي بالمليشيات علي شبلي.
وأوضحت أنه "بدل أن يسلك موكب تشييع شلبي طريقه مباشرة إلى الجنوب، عرج بشكل مفاجئ على منطقة خلدة، حيث أقدمت زمرة من المشيعين المدججين بالسلاح على إطلاق النار في الهواء بشكل استفزازي ومقصود، وأمطروا أهلنا ونساءنا وأولادنا بسباب وشتائم يندى لها الجبين، الأمر الذي روع أبناء العشائر العربية وأدى إلى تفلت زمام الأمور وخروج الوضع عن السيطرة، فحدث ما حدث".
وأبدى الساسة قلقهم من الواقعة التي ما زالت أبعادها تتكشف لتعكس التوتر في لبنان وسط مخاوف من تصاعد الأحداث وتحولها إلى كوارث في وقت يشهد فيه البلد فراغا سياسيا.
ولم تنته قضية خلدة عند ذلك الحد، ففي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدرت المحكمة قراراً بتجريم 21 شاباً من العشائر العربية، بتهم مختلفة منها حمل السلاح، والقتل العمد، وتشكيل عصابات مسلحة، وتهديد السلم الأهلي، دون إلقاء القبض أو محاكمة أي شخص من "حزب الله" ممن أطلقوا النار.
ورأت العشائر في ذلك ظلماً بحقها متوعدة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، كما هددت بإعادة إقفال الطريق الرابطة بين بيروت والجنوب، والذي يعتبر ممراً استراتيجياً للمليشيات.
ولا تزال محاولات الوساطة مستمرة بين "حزب الله" والعشائر، برعاية الجيش اللبناني لكنها لم تصل إلى نتيجة حتى الساعة.
أحداث شويا
بعد 5 أيام من حادثة خلدة، وتحديدا في 6 أغسطس/ آب الماضي، وفي ظاهرة تعتبر الأولى من نوعها، اعترض أهالي من بلدة شويا (درزية) في قضاء حاصبيا، شاحنة تحمل منصات صواريخ لحزب الله، وسيطروا عليها وأوقفوا المجموعة التي ترافقها.
وأبدى الأهالي اعتراضهم الشديد لاستعمال "حزب الله" أراضيهم وقراهم لإطلاق الصواريخ مع ما يمكن أن يستدعيه ذلك من رد إسرائيلي بقصف أماكن إطلاق الصواريخ، وبالتالي قصف منازلهم وقريتهم، رافضين استعمالهم كدروع بشرية للمليشيات.
حادث دفع "حزب الله" لتبني عملية القصف بشكل سريع بعد ما كان يعتمد أسلوب الغموض في عملياته ويترك الأمور مفتوحة على التكهنات، زاعما أنها رد على غارات قامت بها الطائرات الحربية الإسرائيلية على مناطق كفرشوبا.
وأطلق حزب الله 21 صاروخاًّ، اثنان سقطا في الأراضي اللبنانية، و12 تصدت لها القبة الحديد الإسرائيلية، و2 سقطا في إحدى قرى الجولان، و3 صواريخ سقطت في "مناطق مفتوحة بمزارع شبعا بمحيط المواقع الإسرائيلية.
وجاءت مصادرة الآلية والهجوم على المسلحين ترجمة لنوع من الاحتقان المحلي ضد أنشطة حزب الله في المناطق المختلطة.
وعمل الجيش على سحب فتيل التوتر؛ وإخراج عناصر حزب الله وشاحنة صواريخه وتسليمها له، إضافة إلى إطلاق سراح الموقوفين، بعدما أصدر الجيش بياناً أكد فيه توقيفهم.
وطالب حزب الله بمحاكمة من قام بتوقيف الشاحنة ومسلحيه، معتبرا نشر الحادثة على وسائل التواصل الاجتماعي "أمراً مشيناً".
ومن ارتدادات أحداث شويا طرد بعض مشايخ الدروز من بعض مناطق الجنوب، وتوترات على طريق البقاع، واعتداءات على عدد من سالكيها من أنصار "حزب الله".
"غزوة الطيونة"
في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحولت منطقة الطيّونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب المحقق العدلي طارق بيطار المكلف بالتحقيق في انفجار المرفأ، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية.
وحينها، تحولت المنطقة إلى ساحة حرب حقيقية، استعملت فيها جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأسفرت عن سقوط 7 قتلى وعدد غير محدد من الجرحى، وحوصر السكان في منازلهم والطلاب في المدارس، وعادت مشاهد الإجلاء تتصدر المشهد، ولم ينجح تدخل الجيش بعدد كبير من العناصر وإنذاراته بإطلاق النار على كل مسلح في كبح حدة المعركة.
وتدفق على المكان المئات من المسلحين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة، وخاضوا معركة لمدة 4 ساعات متتالية من دون توقف، وسط تساؤلات عن مصدر كل ذلك السلاح وسرعة تدفق المسلحين.
ولم يكد يهدأ صوت الرصاص قليلاً حتى أصدر "حزب الله" بياناً رفع فيه مسؤوليته عن الحوادث وأبدى مظلوميته، زاعما أنه تعرض لكمين من مجموعة مسلحين وقناصين تابعين لحزب "القوات اللبنانية"، وهو ما نفاه رئيس الحزب سمير جعجع.
وبدأت الاشتباكات عندما حولت مجموعة من أنصار "حزب الله" وحركة أمل مسارها من الطريق المؤدي إلى قصر العدل إلى أحد الأحياء الداخلية في عين الرمانة (أغلبية مسيحية) حيث قامت بتكسير السيارات وأبواب المباني، واشتبكت مع عدد من أهالي الحي.
ويكابد "حزب الله" من أجل إدخال سلاحه ضمن خانة المقاومة، زاعما أنه يتمتع بحاضنة شعبية من جميع الطوائف، لكن الأحداث أثبتت علاقته المتوترة مع الطوائف اللبنانية، بالإضافة إلى استعماله السلاح وفائض قوته عند أي حدث لحسمه، ليعود لاحقا لاجترار مقولة الدولة والقضاء لإظهار نفسه ضمن سقف المؤسسات الشرعية.
وفي حال لم يتخذ القضاء القرارات التي تناسب حزب الله، يشن عليه حملة تهديد وتخوين لتحقيق مآربه، وهذا ما يحدث في الوقت الراهن عبر أحداث الطيونة التي يصر على اتهام "حزب القوات اللبنانية" بالوقوف وراءها، فيما أظهرت مئات الصور والمقاطع المسجلة عناصره يستعملون السلاح ويقصفون المناطق السكنية.
aXA6IDMuMTQwLjE4Ni4xODkg جزيرة ام اند امز