قبرص.. هل تجر الجزيرة الصغيرة أوروبا لحرب غزة؟
هدد أمين عام "حزب الله" اللبناني، حسن نصرالله، باستهداف قبرص إذا ساعدت إسرائيل في حرب محتملة بين جماعته وإسرائيل لكن ما هي فرص حدوث ذلك؟
وكان نصرالله قد قال في خطاب تلفزيوني الأسبوع الجاري، إن "قبرص ستكون جزءا من هذه الحرب أيضا" إذا فتحت مطاراتها وقواعدها أمام القوات الإسرائيلية، بعد يوم من تحذير إسرائيل من أن "الحرب الشاملة تقترب جدا"، وفقا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ويرى الخبراء أن تهديد قبرص يضيف بعدا جديدا للصراع بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة، فهو يخاطر بجر إحدى دول الاتحاد الأوروبي إلى الحرب، ودافع الاتحاد الأوروبي يوم الخميس عن قبرص، قائلاً إنه بما أن الجزيرة "دولة عضو في الاتحاد، فإن هذا يعني أنه هو (الاتحاد) قبرص وقبرص هي الاتحاد الأوروبي".
ما أهمية موقع قبرص؟
تقع جزيرة قبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط على خط الصدع الجيوسياسي بين الشرق الأوسط وجنوب أوروبا، وهي أقرب جغرافيًا إلى الصراعات في الشرق الأوسط منها إلى مراكز القوى الأوروبية.
وتبلغ مساحة الجزيرة ضعف مساحة ولاية ديلاوير الأمريكية، وهي مقسمة إلى قسمين: جزء جنوبي ناطق باليونانية يُعرف باسم جمهورية قبرص، ومنطقة ناطقة بالتركية تُعرف باسم جمهورية شمال قبرص التركية (لا تعترف بها سوى تركيا).
جمهورية قبرص عضو في الاتحاد الأوروبي، ولكنها ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن بعضها بعضا في حالة الهجوم.
ما مدى الصلة بين قبرص وإسرائيل؟
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين قبرص وإسرائيل في عام 1960، بعد استقلال الجزيرة عن الحكم الاستعماري البريطاني، لكنها لم تفتح سفارة في تل أبيب حتى 1994.
وتوترت العلاقات في الثمانينيات والتسعينيات بسبب قضايا من بينها علاقات إسرائيل الوثيقة مع تركيا والصراع العربي الإسرائيلي، إذ وقفت قبرص إلى جانب الدول العربية ودعمت إنشاء دولة فلسطينية.
وازدهرت العلاقات بين الجانبين مرة أخرى في أواخر التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إذ بدأت إسرائيل تتجه نحو شرق البحر الأبيض المتوسط لإقامة شراكات اقتصادية، خاصة بعد اكتشاف الغاز الطبيعي في المنطقة.
ويشير الخبراء إلى أن إسرائيل تنظر أيضًا إلى قبرص كشريك لإحباط التهديدات الإقليمية، خاصة من تركيا والجماعات المرتبطة بإيران.
واستخدمت إسرائيل في السنوات الأخيرة الأراضي القبرصية لتدريب قواتها على الحرب المحتملة مع "حزب الله".
وقال الجيش الإسرائيلي، بحسب وسائل إعلام محلية، إن تضاريس قبرص مماثلة لتلك الموجودة في لبنان.
وفي 2022، أجرى الجيش الإسرائيلي مناورة عسكرية مشتركة مع القوات القبرصية.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بعض التدريبات المشتركة ركزت القتال على جبهات متعددة، في حين جرى أيضا التدريب على حرب ضد حزب الله، وكانت آخر هذه التدريبات في مايو/أيار 2023.
لكن الرئاسة القبرصية أكدت على حسابها بمنصة "إكس"، أن البلاد "لم ولن تسهل مطلقا أي عمل عدواني أو هجوم ضد أي دولة".
ما هو دور قبرص في حرب غزة؟
وحرصت قبرص على إبعاد أي شبهات حول تورطها في حرب غزة، مشيرة إلى جهودها الإنسانية التي ساعدت في إدخال بعض المساعدات إلى القطاع.
ففي مارس/آذار، بدأت قبرص السماح لسفن المساعدات بالإبحار من موانئها كجزء من الجهود الدولية لإنشاء طريق مساعدات إنسانية عبر البحر باتجاه غزة.
وحملت الشحنة البحرية الأولى إلى غزة 200 طن من المواد الغذائية، أي ما يعادل 500 ألف وجبة، كما تم إنشاء مركز لوجستي للاتحاد الأوروبي في قبرص لتسهيل تدفق المساعدات إلى غزة.
وانتقدت نيقوسيا أيضا الإجراءات الإسرائيلية في غزة، خاصة تلك التي أعاقت إيصال المساعدات الإنسانية.
وفي أبريل/نيسان، أصدرت بيانا مشتركا مع الإمارات العربية المتحدة، أدانت فيه الهجوم الإسرائيلي على منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية الذي أدى إلى مقتل 7 أشخاص.
ما هو احتمال تورط قبرص بشكل أعمق؟
وقعت الجزيرة في السابق في مرمى نيران الصراعات الإقليمية، ففي 2019، انفجر صاروخ يعتقد أنه روسي الصنع فوق منطقة شمال قبرص.
وذكر المسؤولون القبارصة أن الصاروخ مرتبط بالعمليات العسكرية في سوريا، قائلين إنه سقط شمال العاصمة نيقوسيا.
وكتب المحلل الإيراني محمد علي شعباني، رئيس تحرير موقع "أمواج ميديا"، عبر منصة "إكس"، أن السيناريو الذي تستخدم فيه إسرائيل القواعد القبرصية لقواتها العسكرية، الذي حذر منه "حزب الله"، من شأنه أن "يوسع فعليا حرب غزة إلى الاتحاد الأوروبي".
وهذا يعني أن إحدى دول الاتحاد الأوروبي تشارك، للمرة الأولى، بشكل مباشر في حرب موسعة على غزة.
ويقول بعض الخبراء، إن احتمال تحول الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" إلى حرب شاملة أمر غير مرجح، إذ لا يرغب الطرفان في مثل هذا التصعيد.
وقالت الزميلة المشاركة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" البحثي في لندن، لينا الخطيب، لشبكة "سي إن إن"، في إشارة إلى فيديو نشره "حزب الله"، الثلاثاء، يظهر مواقع مدنية وعسكرية في مدينة حيفا الإسرائيلية وما حولها: "من الطبيعي أن يكون لدى إسرائيل وحزب الله خطط عسكرية جاهزة للتعامل مع أي تصعيد محتمل، لكن في ظل الوضع الحالي، لا إسرائيل ولا حزب الله يستفيدان من حرب شاملة".
وتابعت أن "حزب الله يعلم أن الحرب مع إسرائيل ستكون مدمرة للبنان، وأنه لا توجد شهية شعبية لمثل هذا السيناريو في البلاد".
وأضافت أنه "من غير المرجح أيضا أن تسمح إدارة جو بايدن لإسرائيل بخوض حرب على جبهتين بمفردها"، وذكرت أن التدخل الأمريكي قد يجذب "جهات فاعلة أخرى مدعومة من إيران بالإضافة إلى احتمال استهداف إيران نفسها".
وتابعت: "هذه تكلفة باهظة تريد إيران تجنب دفعها، كما أن الولايات المتحدة لا تريد أن تجد نفسها في مستنقع آخر في الشرق الأوسط، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية".
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز