تغيير "الحبري".. هل اقتربت نهاية "الكبير" في مصرف ليبيا المركزي؟
يترقب الليبيون منذ أيام قرار مجلس النواب بتغيير نائب محافظ البنك المركزي علي الحبري المكلف بمنصب المحافظ.
واختلفت آراء الليبيين بشأن القرار بين مرحب به كونه يسهم في تحريك ملف توحيد المصرف وإعادة تسمية المناصب السيادية، في حين رأى آخرون أن الخطوة قد تسهم في زيادة تعنت الكبير وتعقيد ملف المصرف.
خبير ليبي يكشف لـ"العين الإخبارية" أسباب الأزمة ويرسم خريطة الحل.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء خبراء اقتصاديين وسياسيين ليبيين بشأن القرار، والذين أكدوا أن العثرة ستكون في رد فعل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير على القرار، وهو ما سيحدد مدى إمكانية البناء عليه لتوحيد المصرف.
الانقسام والتوحيد
يرى الخبير الاقتصادي الليبي محمد الخفيفي أن القرار كان في غاية الأهمية والخطورة والتوقيت المناسب بهدف تحريك المياه الراكدة في الوضع الاقتصادي الليبي والسياسي وإجبار الجميع على الدخول في تنفيذ اتفاق تسمية شاغري المناصب السيادية.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أنه مع الوضع السياسي الليبي المنقسم والأزمة المالية والاقتصادية العالمية فإن أولى أولويات المصرف المركزي يجب أن تكون في المحافظة على المرونة المالية والاقتصادية الليبية وعدم الوصول إلى حد التصادم مع الشارع الذي يعاني بشكل كبير.
وأضاف أن الانقسام السياسي أجبر مجلس النواب على تصحيح إعادة ترتيب البيت الداخلي، ومراجعة أين تصرف الأموال بالنسبة للجهات التابعة له، خاصة مع عدم استطاعة المصرف المركزي صرف ميزانية للحكومة المنتخبة.
واختتم أن القرار سيضع الكبير في حيرة تنفيذه والاعتراف بالنائب الجديد والتعامل معه، وهنا يعترف بمجلس النواب وقراراته، وهذا سيسهل بشكل ما عملية توحيد وإعادة تسمية شاغلي المناصب السيادية، أو رفضه وبالتالي يظهر في صورة رافض توحيد المصرف والتعاون مع الأطراف المختلفة، والتي من حقها قانونا إصدار هذه القرارات وسيزيد الضغط عليه في اتجاه إعادة توحيد المصرف.
إصلاحات الجناح
ويرى الخبير الاقتصادي والمالي الليبي أنور ياسين أن قرار رئاسة مجلس النواب بتعيين مرعي البرعصي نائبا لمحافظ المصرف المركزي بديلا لسلفه علي الحبري، هو من باب الإصلاحات في الجناح الشرقي للدولة وتحقيقات في تهم الفساد أجرتها لجنة برلمانية.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هنالك احتمالية لرفض الصديق الكبير للاعتراف بهذا القرار والطعن في صحته لصدوره من النائب الأول لرئيس البرلمان، ما قد يتهم بالمخالفة للاتفاق السياسي ولائحة البرلمان وقانون رقم 1 وتعديلاته بشأن المصارف.
وأضاف أن المركزي في طرابلس لن ينفذ القرار، خاصة أنه نص على تكليف مرعي البرعصي نائبا للمحافظ ومحافظا مكلفا مؤقتا في نفس القرار، ولذلك فلن يقبل الكبير بالقرار ككل بشقيه لأن اعترافه بالقرار يضعه في مأزق قانوني، حيث لا يمكن تنفيذ جزء منه دون الجزء الآخر، وفي هذه الحالة يعتبر البرعصي محافظاً مكلفاً لمصرف ليبيا المركزي بطرابلس وهو ما لن يرضى به الكبير.
ويرى الخبير الاقتصادي الليبي أن هذا الإشكال يعمق الأزمة بين الشرق والغرب ويهدد كل الجهود في سبيل توحيد مصرف ليبيا المركزي، وهذا بدوره يعرقل كل المساعي في التوجه نحو توحيد المؤسسات وازدياد فجوة الانقسام السياسي.
منوها إلى أنه مع حفظ حق البرلمان في تغيير نائب المحافظ بناء على توصيات لجنة التحقيقات إلا أن صيغة القرار وآلية اتخاذه كان يمكن مراجعتها لتؤدي الغرض ويحصنها ضد الطعون.
ويتوقع المحلل الاقتصادي الليبي أن البرلمان أمامه خياران، إما إصدار قرار جديد باختيار نائب المحافظ وفق آلية صحيحة، ليتمكن من ممارسة مهامه دون طعون أو رفض، وإما المضي في القرار وتحميل الوضع السياسي والاقتصادي للبلاد ما لا يحتمل، ما سيفاقم أزمة السيولة وخلق دين عام جديد والمزيد من طباعة العملة بشكل موازٍ وارتفاع أسعار الدولار، وما يصاحبها من نتائج عكسية على المواطن والاقتصاد على حد سواء.
زيادة الانقسام
وعلى النقيض يرى الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية الليبي، أن إقالة الحبري لن تسهم إلا في مزيد من انقسام المصرف المركزي، حيث تمت إقالة الرجل الوحيد الذي يعترف به الصديق الكبير في عضوية المركزي كنائب له وإن لم يعترف به كبديل عنه.
وتابع في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن الكبير لا يعترف بمجلس النواب وقراراته، وبالتالي لن يعترف بالنائب المكلف الجديد، وبالتالي تعميق هوة الانقسام وتتحول الضغوط الدولية من فكرة توحيد المصرف المركزي إلى تثبيت النائب الجديد.
وأضاف أن أسباب الإقالة الحقيقية للحبري غير واضحة، وإن كانت الأسباب المعلنة أنه لم يستطع توفير التمويل للحكومة التابعة لمجلس النواب، وإن كانت هنالك تكهنات مختلفة في أوساط المحللين والأكاديميين، ولكن غالبها لا يستبشر بأن تؤدي إقالته لتوحيد المصرف.
وأشار إلى أن احتمالية أن تكون إقالة الحبري في مقابل إقالة الصديق الكبير في ضوء اتفاق سياسي بين الأطراف الداعمة للرجلين هي احتمالية ضعيفة، لأن الكبير مدعوم من قبل أطراف دولية كبرى ولا تريد إزاحته من هذا المنصب، بل تعزز من وجوده، وربما تكون قد هيأت الأسباب للإطاحة بالحبري ليستأثر بإدارة المركزي منفردا مع عدم اعترافه بالنائب الجديد.
العقبة في الكبير
ومن جانبه يرى المحلل السياسي والاقتصادي الليبي سالم محمد الغزال أن إقالة الحبري لن تكون ورقة ضغط على الصديق الكبير، رغم تعرضه لضغوطات تسليم السلطة لإدارة جديدة ضمن جهود توحيد المصرف المركزي وتسمية شاغلي المناصب السيادية.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن إقالة الحبري كانت بسبب مخالفته قرار مجلس النواب بعدم تمويل وصرف ميزانية الحكومة المنتخبة برئاسة فتحي باشاغا.
وأشار إلى أنه من المحتمل أن يتمكن النائب الجديد لمحافظ المركزي والمحافظ في المنطقة الشرقية مرعي البرعصي من تحقيق تقدمات مالية واقتصادية وإنجاح جهود توحيد المصرف، خاصة أنه شخصية مالية ليبية معروفة وشغل عددا من المناصب القيادية سابقا، كما أن اتفاق بوزنيقة على المناصب السيادية نص على أن يكون منصب المحافظ من حصة إقليم برقة شرق البلاد.
كما يرى أنه من المستبعد أن يتم توحيد المركزي قريبا خاصة مع وجود الدول التي لا تريد استقرار ليبيا وتستفيد من الوضع الحالي خاصة مع الانقسام في السلطة التنفيذية، والركود الاقتصادي العالمي، وأنه حتى إعادة تسمية المحافظ ضمن اتفاق المناصب السيادية لن يسهم في توحيد المصرف، لأن الكبير الذي قضى 11 عاما في منصبه لن يسلمه بسهولة.