"تصعيد" أثينا وطرابلس.. هل يحرك ركود الأزمة الليبية؟
ارتفعت وتيرة التصعيد الدبلوماسي بين اليونان وحكومة طرابلس بالغرب الليبي مؤخرا، بعد رفض وزير خارجية أثينا لقاء نظيرته نجلاء المنقوش.
هذا التصعيد، والذي وصل إلى استدعاء طرابلس لبعثتها في أثينا وكذلك القائم بالأعمال اليوناني، يراه مراقبون بداية لموقف دولي مختلف قد يحرك المياه السياسية الراكدة في ليبيا، وبداية اتجاه يدفع لاتجاه تشكيل حكومة جديدة منتخبة، وتقود البلاد إلى الانتخابات.
وفي أحدث تطورات للأزمة بين أثينا وطرابلس، دعا البرلمان الأوروبي، الأربعاء، السلطات الليبية إلى "إلغاء مذكرة التفاهم مع تركيا عام 2019"، وفق بيانه الذي شدد على "ضرورة سحب فوري للمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ودعوة كافة الأطراف الخارجية لوقف تدخلها بالشأن الليبي".
والأسبوع الماضي زار وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، العاصمة طرابلس للقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لكنه فوجئ بنجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بالحكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تترأس وفد استقباله ما اضطره للمغادرة باتجاه شرق ليبيا.
الموقف اليوناني رفضته حكومة عبدالحميد الدبيبة بالعاصمة طرابلس، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة التي تحفظ لدولة ليبيا هيبتها وسيادتها، وفقا لبيان الحكومة، حيث استدعت البعثة الليبية في أثينا للتشاور كما استدعت القائم بالأعمال اليوناني لتفسير ما حدث.
الأمن الأوروبي
ومعلقا يقول الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية الليبي والمتخصص بالأمن القومي في دول المتوسط، إن هذا الخلاف سيؤثر حتما على الملف الليبي ويسهم في تغيير الموقف الأوروبي تجاه الأوضاع في ليبيا ويدفع باتجاه تشكيل حكومة جديدة تنظم الانتخابات.
وأضاف في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن اليونان حين تتحدث عن حدودها المائية فإنها تتحدث عن حدود الاتحاد الأوروبي ومصالحه وأمنه، وهذه الإشكالية ممتدة منذ أحداث بحر إيجة وأزمة قبرص اليونانية والتركية، ولذلك فمن الصعب أن يتغير الموقف اليوناني في حين أن تهدئة الأوضاع قد يقصد بها الضغط على الحكومة الليبية باعتبارها الضلع الأضعف.
وتابع أن:" اليونان ستجد سبلا واسعة لدعمها خاصة أن حكومة طرابلس ليس من حقها وفقا للاتفاق السياسي توقيع اتفاقيات تمس السيادة وحدود الدولة خاصة بعد أن تحولت لحكومة تسيير أعمال، وعدم موافقة مجلس النواب على هذه المذكرات".
وأشار إلى أن الموقف الأوروبي واضح ضمن السياق الدولي وهو داعم السير في اتجاه الانتخابات وهو أمر أصبح شبه حتمي مع الانقسام السياسي الحاصل، واستجابة لرغبة 3 ملايين ليبي سجلوا بياناتهم للتصويت في الاستحقاق المؤجل.
تصفية الأزمة
أما المحلل السياسي الليبي سالم سويري، فيقول إن "الخلافات بين الحكومة المنتهية في طرابلس واليونان ستؤثر بشكل كبير على الموقف الدولي تجاه ليبيا وهذه الحكومة، متوقعا أن" يدفع ذلك باتجاه المقترح القائم بالفعل بتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى الانتخابات وتيسر مفاوضات حقيقية لترسيم الحدود وهي أصل الأزمة بين البلدين".
وأشار لـ"العين الإخبارية" أن الاتحاد الأوربي أن بعض الأطراف الدولية المعروفة خاصة تركيا تسعى لدعم أطراف داخلية بعينة للبقاء في السلطة لأنها مستفيدة منها في ضمان مصالحها في البحر المتوسط، ولذلك ستكون هنالك محاولات دولية لتصفية هذه الأزمة إذا ما رأت اليونان التصعيد الدبلوماسي تجاه هذه المساعي.
وأضاف أن المجتمع الدولي والضغوط المحلية والقبلية تدفع باتجاه تشكيل حكومة جديدة للوصول إلى الانتخابات المؤجلة لأجل غير مسمى وقد يتم بناء على الأزمة السياسية الحالية بين الدولتين لتحريك ملف السلطة التنفيذية وإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد في هذه المهمة.
ونوه إلى أن "المجتمع الدولي مؤخرا يتجه إلى تصفية الخلافات الإقليمية خاصة مع تركيا مع الأزمات الدولية المتلاحقة والتي آخرها لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظيره التركي، وقد يكون هنالك توجه لحل أزمة الحدود البحرية عبر المفاوضات وبالتالي حل الخلاف بين أنقرة وأثينا وطرابلس على الحدود المائية"، وفق تقديراته.
حكومة جديدة
كما يرى الخبير السياسي والحقوقي الليبي محمد صالح جبريل اللافي، أن "ليبيا دولة خاضعة للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولذلك فإن كثيرا من شؤونها يتم التأثير فيها عبر الموقف الدولي".
وتابع في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن العديد من الدول الإقليمية والأوروبية تتفق في الرؤى مع أثينا حول مجمل القضايا في المنطقة وسبق واعترضت على الاتفاقيات البحرية بين طرابلس وتركيا بشكلها الحالي ولذلك فإنه من غير المستبعد أن تؤثر الأزمة الحالية في تحريك العديد من محاولات الدبلوماسية التي ستؤدي في النهاية لتشكيل حكومة ليبية موحدة وإنهاء الانقسام الحالي.
وأوضح السياسي الليبي أن :"التصعيد الدبلوماسي لا بد أن يكون له هدف وغاية وليس للتصعيد في حد ذاته، وبالتالي فإن الإشكالية الأخيرة بين أثينا وطرابلس لابد من حلها عبر التفاوض وترسيم الحدود المائية"، وهو ما أعلن عنه وزيرة خارجية اليونان لكنه حدد شرطه لذلك وهو أن يكون التفاوض مع الحكومة الجديدة المشكلة بعد الانتخابات.
وأشار إلى أن القاهرة أكثر العواصم المرشحة لتلعب دورا كبيرا بالتفاوض لعدة اعتبارات من بينها أنها مؤسسة منتدى غاز سرق المتوسط وعملية المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان وكذلك أنها وسيط مقبول من كافة أطراف التفاوض.
وأردف أن : "مصر دولة صديقة لليونان وكذلك بدأت تتحسن علاقاتها مع أنقرة الطرف في الأزمة وكذلك هي دولة شقيقة لليبيا، كما ليس من حق الحكومة التوقيع على هكذا اتفاقيات ولذلك قد يكون الطريق الأفضل هو تشكيل حكومة جديدة عبر الانتخابات وتتولى عملية التفاوض".
aXA6IDMuMTM4LjY5LjM5IA== جزيرة ام اند امز