"لوكربي" ليبيا تعود من جديد بعد 34 عامًا.. صفقة سرية أم "ابتزاز"؟
رغم مرور 34 عاما على حدوثها و14 عاما على إغلاق الملف بدفع ليبيا مليارات الدولارات، إلا أن قضية "لوكربي" الشهيرة عادت إلى الواجهة من جديد.
وكشفت مصادر ليبية متطابقة عن "خطف" الضابط السابق بجهاز الأمن الخارجي الليبي العميد أبوعجيلة مسعود المريمي، الذي زعمت تقارير بريطانية وأمريكية في 2020 أنه ساعد في صنع القنبلة التي أسقطت الطائرة فوق بلدة لوكربي.
وأغلقت قضية لوكربي (اسم البلدة الاسكتلندية التي انفجرت فوقها طائرة الركاب الأمريكية عام 1988)، في عام 2008، بعد دفع ليبيا التي أدين مواطنها عبد الباسط المقرحي بالحادث، تعويضات مالية لأسر الضحايا بلغت أكثر من ملياري دولار.
وقالت مصادر لـ"العين الإخبارية" إن الضابط الليبي السابق أبوعجيلة، اختطف فجر الخميس من منزله في منطقة أبوسليم في العاصمة الليبية طرابلس من قبل مليشيات دعم الاستقرار بقيادة إغنيوة الككلي والاستخبارات العسكرية، التي أقلته في سيارات مصفحة بعد أن اقتحمت منزله واعتدت بالضرب على ابنه وابنته.
قوات أجنبية
المصادر أكدت أن الضابط السابق أبوعجيلة مسعود نقل تحت حماية قوات أجنبية -لم تحدد جنسيتها- من طرابلس إلى مدينة مصراتة، "لكي يتسن للأمريكيين والبريطانيين التحقيق معه من جديد وربما نقله إلى خارج البلاد".
ذلك الحادث أثار موجة غضب "كبيرة" في ليبيا، بحسب الدبلوماسي الليبي السابق جابر الزايدي الذي أكد أن الليبيين اعتبروا ما يجري بمثابة "حالة ابتزاز" من قبل أمريكا وبريطانيا للدولة الليبية.
وأوضح الدبلوماسي الليبي السابق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الملف أغلق قبل سنوات، بعد أن أعلنت ليبيا تحملها للمسؤولية المدنية نتيجة أفعال مواطنيها عام 2003، مشيرًا إلى أن بلاده دفعت أموالا طائلة عام 2008 جراء الحكم الدولي بإدانة ليبيا والضغط الذي مارسته أمريكا وبريطانيا قديما والحصار الذي فرض على البلاد –آنذاك-.
الدبلوماسي الليبي السابق الذي قال إنه كان معاصرا لتفاصيل القضية عن قرب أثناء تسويتها قديما، وصف فتح الملف في الوقت الحالي بـ"الابتزاز الأمريكي البريطاني"، للحصول على أموال إضافية ولوضع ليبيا تحت الوصاية الغربية.
ورجح الزايدي أن يكون "اختطاف العميد أبوعجيلة مسعود المريمي جاء بأوامر من حكومة الوحدة الوطنية الليبية منتهية الولاية، خاصة أن عملية القبض جاءت بعد عام من تصريحات لوزيرة خارجية تلك الحكومة نجلاء المنقوش لقناة "بي بي سي" البريطانية تحدثت فيها عن إمكانية تسليمه من قبل حكومتها للولايات المتحدة".
تفاصيل الصفقة
رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا أحمد حمزة وافق الزايدي في تصريحاته، مشيرًا إلى أن "محاولة تسليم مواطن ليبي لدولة أخرى وهو بريء تماما من هذه القضية "، يعد بمثابة "صفقة دنيئة".
وعبر الحقوقي الليبي عن أسفه لكون متصدري المشهد يعرضون خدماتهم التي وصفها بـ"الرخيصة" للبقاء، في إشارة إلى حكومة الدبيبة، التي قال عنها إنها "تخضع للابتزاز من الغرب مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بأمن ليبيا"، على حد قوله.
وأشار إلى أن هناك "صفقة سرية" تتمثل في تسليم بوعجيلة للغرب من أجل ضمان بقاء الدبيبة في السلطة"، على حد زعمه.
وأكد الحقوقي الليبي، أن ليبيا لم يعد لها علاقة بقضية لوكربي"، مشيرًا إلى أن أي محاولة "للتستر على أخطاء في التحقيق الأسكتلندي يعتبر عماله وجريمة مكتملة الأركان".
وكان مستشار الأمن القومي إبراهيم بوشناف أصدر بيانا قبل أيام، قال فيه إن "قضية لوكربي إن أثيرت من جديد وأصبحت موضوعا لتحقيق جنائي فستدخل ليبيا في عقود من الاستباحة"، داعيا "الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيدا عن الصراع السياسي في البلاد".
ماذا نعرف عن لوكربي؟
تعود القضية إلى 21 ديسمبر/كانون الأول 1988، بعد أن انفجرت الطائرة بوينج 747 التابعة للخطوط الجوية الأمريكية أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي بغرب إسكتلندا، مما أدى إلى مصرع جميع من كانوا على متن الطائرة والذين قدر عددهم بـ259 شخصا، بالإضافة إلى 11 شخصا من سكان القرية.
وبعد ذلك الحادث، انفجرت أزمة سياسية بين أمريكا والنظام الليبي السابق بقيادة الراحل معمر القذافي، إثر إصدار واشنطن ولندن أوامر في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1991، بالقبض على مواطنين ليبيين يشتبه في مسؤوليتهما عن تفجير الطائرة، وهما عبد الباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة العاملان في الخطوط الجوية الليبية، فيما رفضت السلطات الليبية تسليمهما.
ذلك الرفض أغضب الدولتين اللتين يتمتعان بعضوية في مجلس الأمن، مما دفع الأخير، لتوقيع عقوبات على ليبيا في 15 أبريل/نيسان 1992، بينها حظر الطيران من ليبيا وإليها، مما اضطر ليبيا إلى التوصل لصفقة، تتضمن عقد محاكمة للرجلين المطلوبين في بلد ثالث وهو هولندا.
وفي 31 يناير/كانون الثاني 2001، أدانت المحكمة المنعقدة لفترة طويلة المقرحي استنادا على قرائن ظرفية وبرأت الأمين فحيمة، مما دفع بريطانيا وأمريكا إلى الدخول في مفاوضات مع ليبيا أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها الأخيرة تعويضات إلى أسر الضحايا.
وفي أغسطس/آب 2008، بدأت صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد دفع ليبيا التعويضات، مما دفع الحكومة الأسكتلندية إلى الإفراج في 20 أغسطس/آب 2009 عن الليبي عبد الباسط المقرحي لأسباب إنسانية كونه مريض سرطان، قبل أن يتوفى في طرابلس في 20 مايو/أيار 2012، غير أن عائلته بعد خمس سنوات من وفاته تقدمت في 4 يوليو/تموز 2017 بمحاولة جديدة للاستئناف ضد إدانته متعهدة بالسعي لتبرئته.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020 عادت القضية من جديد، بعد أن قالت وسائل إعلام أمريكية إن وزارة العدل تعتزم توجيه اتهامات إلى ليبي مشتبها به في صناعة القنبلة التي فجرت طائرة الركاب فوق لوكربي وهو أبوعجيلة مسعود، مشيرة إلى أن الادعاء الأمريكي يتأهب للمطالبة بترحيله من ليبيا تمهيدا لمحاكمته في الولايات المتحدة.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuNjkg
جزيرة ام اند امز