توحيد البنك المركزي الليبي في خطر.. "الصديق الكبير" يستفز "الحبري"
وصلت مهمة توحيد البنك المركزي الليبي إلى طريق مسدود، بعد إعلان الصديق الكبير رئيس البنك في طرابلس غرب، تعليق التوحيد مع فرع بنغازي.
ومنذ أعوام تعيش ليبيا أزمات اقتصادية جراء انقسام مؤسسات البلاد الاقتصادية وسط جهود ترعاها الأمم المتحدة لتوحيد تلك المؤسسات على رأسها البنك المركزي المنقسم إلى فرعين أحدهما في طرابلس غرب بإدارة الصديق الكبير المتهم بدعم المليشيات المسلحة هناك والثاني في بنغازي شرق برئاسة علي الحبري.
واستمرت جهود توحيد فرعي البنك المركزي الليبي بين الغرب والشرق لسنوات تفاءل الليبيون فيها خيرًا وصلت مؤخرا لطريق مسدود بل توقفت تماما والسبب كشف عنه محافظ البنك المركزي بنغازي علي الحبري قائلا إن "الصديق الكبير علّق مسار توحيد المصرف المركزي المنقسم من طرف واحد دون سبب أو مبرر".
وفي حين كان ذلك التصريح للحبري في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلا أن الصديق الكبير على ما يبدو يواصل عرقلته لتوحيد المؤسسة، كان بينها " تقديم شكوى لدي النائب العام الليبي أمس الخميس ضد مركزي بنغازي لما قال إنه اكتشف عملة ليبية مزورة من فئة 50 ديناراً تحمل توقيع علي الحبري غير مطابقة للتي طبعها البنك المركزي فرع بنغازي في روسيا قبل أعوام بتوقيع الحبري أيضا.
"تهييج للرأي العام"
والجمعة رد مركزي بنغازي متهما الصديق الكبير في بيان أنه يقوم "بتهييج الرأي العام".
وخلال بيانه الذي وصل "العين الإخبارية " نسخة منه، قال مركزي بنغازي إن "اكتشاف العملات المزورة هو عمل اعتيادي للمصرف المركزي"، مؤكدا أن "الحديث عنه في الإعلام لا يكون مبررا إلا في حالة ضخامة عدد الأوراق المزورة وتهديدها للوضع الاقتصادي".
وعاب المركزي بنغازي في بيانه على المصرف المركزي في طرابلس بقيادة الصديق الكبير، لعدم الاكتفاء بإبلاغ الجهات الأمنية دون خلق حالة هلع في السوق.
واعتبر المصرف المركزي في بنغازي أن اكتشاف حالة التزوير هذه يثبت أن مواصفات العملة المطبوعة في روسيا ذات جودة فنية ومواصفات أمنية عالية جدا بما يصعب تزويرها.
وتساءل مركزي بنغازي في بيانه بالقول "على حد علمنا فإن مركزي طرابلس لا يستقبل العملة فئة الـ20 والـ50 دينارا سواء المطبوعة في بريطانيا أو روسيا فما مصدر هذه الأوراق المستلمة؟ وهل جرى تتبع مصدرها وفق سياسة المصرف المركزي المعمول بها؟"، وذلك في إشارة منه لكون مركزي طرابلس بقيادة الصديق الكبير يرفض التعامل مع العملة التي طبعها مركزي بنغازي قبل أعوام لمعالجة أزمة السيولة النقدية في البلاد.
وأكد مركزي بنغازي أن "الغرض من النشر في ملف العملات المزورة - بقصد بيان مركزي طرابلس أمس بخصوص العملة المزورة - ليس لتنبيه المواطنين وإنما لتهييج الرأي العام ضد العملة المطبوعة في روسيا".
وتحدث المصرف المركزي بنغازي عن اكتشافه "47 ورقة عملة مزورة فئة 10 دنانير ضمن المبالغ التي تسلمها من مصرف ليبيا المركزي في طرابلس خلال فترة سابقة وإبلاغه عن ذلك بهدف تتبع مصدرها"، قائلا: "لا ندري إذا ما اتخذ البنك المركزي بطرابلس إجراءات بالخصوص مع النائب العام مثلما حدث مع فئة 50 دينارا".
وقال الخبير الاقتصادي الليبي مراد الصابري لـ"العين الإخبارية إن "بيان المصرف المركزي الليبي بمدينة بنغازي اليوم كان واقعيا جدا حيث إنه جرت العادة أن يتم الإبلاغ عن عمليات التزوير عندما يكون الأمر يخص كمية نقدية كبيرة تواجدت في السوق أما التزوير بكميات قليلة فهو أمر يتكرر وتتابعه السلطات الأمنية كجريمة جنائية".
وأضاف أن "ما فعله البنك المركزي برئاسة الصديق الكبير أثار ضجة كبيرة ونشر الخوف بين التجار وأحدث ربكة اقتصادية" مؤكدا أن "ذلك يأتي ضمن مساعي تخريب عمليات توحيد البنك المركزي كون الصديق الكبير يعلم جيدا أن العدد الأكبر من أعضاء مجلس الإدارة يتواجدون في شرق البلاد مع البنك المركزي بنغازي بالتالي فهو يخاف أن يطاح به بعد توحيد المصرف".
وبحسب الصابري فإن "بيان الصديق الكبير كان استفزازيا، كونه أقحم محافظ البنك المركزي ببنغازي علي الحبري في الأمر بقوله إن العملة المزورة المكتشفة عليها توقيع الحبري".
وتابع "هناك عملة شرعية متداولة عليها توقيع الحبري طبعت قبل سنوات في روسيا وبريطانيا فمن الطبيعي أن من زور العملة المكتشفة سيضع عليها توقيع الحبري وإلا فكيف سيخفي أنها مزورة بالتالي إقحام علي الحبري في بيان الصديق الكبير أمر له دلالات غير سوية".
وقال الخبير الاقتصادي الليبي إن ذلك يدل على "سعي الصديق الكبير لعرقلة توحيد البنك المركزي ودافعه في ذلك الانفراد بالقرار المالي في ليبيا".
انقسام ليبيا ومؤسساتها
وفي عام 2014 انقسمت ليبيا ومؤسساتها بعد رفض تنظيم الإخوان الاعتراف بالانتخابات الشعبية التي أفرزت مجلس النواب الحالي.
ذلك الانقسام شمل أيضا البنك المركزي الذي تمركز برئاسة علي الحبري في مدينة بنغازي شرقي البلاد بتبعيتة لمجلس النواب المنتخب (البرلمان) بينما تمركز الآخر برئاسة الصديق الكبير في العاصمة طرابلس تحت سلطة الأمر الواقع التي تأسست هناك بعد أن مدد المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) لنفسه قبل أن يتحول مرة أخرى ليصبح اسمه المجلس الأعلى للدولة (الحالي).
وبعد ذلك الانقسام ومنذ أعوام تقود البعثة الأممية لدى ليبيا محاولات لتوحيد البنك المركزي الليبي نجحت مؤخرا في ذلك إلا أن إصرار الصديق الكبير محافظ البنك المركزي في طرابلس لعدم الخضوع للسلطة التشريعية (مجلس النواب) حال دون استكمال باقي عملية توحيد المؤسسة.
ووصف عبد المنعم العرفي، عضو مجلس النواب الليبي، الصديق الكبير بأنه "الحاكم الفعلي لليبيا"، حيث يُعد من أكثر الشخصيات الجدلية في ليبيا، ويتهمه البعض بدعم المليشيات في غرب ليبيا للدفاع عنه وبقاءه على سدة حكم النظام المالي في البلاد.
البرلماني العرفي وفي تصريحه السابق لـ"العين الإخبارية " قال إن "هناك حديث عن الصديق الكبير أنه محاط بمجموعة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الذين يدعمون التشكيلات المسلحة والمليشيات".
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز