خبير ليبي يكشف لـ "العين الإخبارية" أسباب الأزمة ويرسم خريطة الحل
ما زال الشعب الليبي ينتظر الانتخابات المؤجلة وسط معاناة من انقسام سياسي وآمال معلقة بوساطات ومفاوضات لإنهاء الأزمة المستمرة منذ 11 عاما
ويرى جمال شلوف، رئيس مؤسسة "سلفيوم" للأبحاث والدراسات الليبية،أن الوضع السياسي الليبي الحالي يمكن وصفه بـ"الجمود" الذي يعتبر أكثر من الانسداد.
وأوضح شلوف في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الوضع تم تجميده مؤقتا حتى تشكيل اتفاق وإرادة دولية محددة عن شكل الحل، في حين أن الانسداد لم يكن جديدا على الأزمة الليبية ويستمر عادة لسنوات، وحدث منذ 2015 حتى نهاية 2020، وقد بدأ هذا الوضع يتغير وتحريكه بسبب الحراك الأمني والعسكري، والذي دفع للذهاب إلى الحوار وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، والسعي للذهاب إلى الانتخابات.
وأضاف أن العملية العسكرية في طرابلس العام 2019 دفعت دول العالم للتحرك لإنهاء الحرب، ثم الذهاب لمؤتمر برلين وإقرار توافقات دولية حول الأزمة الليبية من بينها وقف إطلاق النار، وتشكيل الحكومة والمجلس الرئاسي الجديد.
المشكلة الأمنية
ويؤكد شلوف أن أساس المشكلة الليبية هي أمنية، وتقارير خبراء مجلس الأمن تتحدث دوما عن تحكم المليشيات في القرار السياسي والاقتصادي، وأي حديث عن حل سياسي فقط ولا يوازيه أو يسبقه حل أمني هو حديث للرفاهية والاستهلاك الإعلامي فقط.
وقال إنه ربما يكون هناك حراك أمني وعسكري آخر هو المحرك الجديد لإحداث تغيير حقيقي في الأزمة الليبية، لأنه هو ما سيحرك دول العالم التي تخشى على مصالحها، وهو ما يعيه أطراف الأزمة ويعتمدون عليه في تسويف الحل بأشكال مختلفة.
ويرى الخبير الليبي أن ما ينهي الانقسام السياسي لن يكون حكومة موحدة بل يجب أن يسبقها حل أمني شامل بحل المليشيات ونزع سلاحها وسيطرة القوات المسلحة الموحدة، من الأفراد الذين يحملون الأرقام العسكرية ويدينون بالانضباط ويتبعون الدولة فقط، على كافة التراب الليبي .
المراوحة والحل
ويُقَيِّم شلوف الوضع السياسي في ليبيا حاليا على أنه "مراوحة من المجتمع الدولي ومتصدري المشهد الليبي" دون وجود رغبة حقيقية للخروج بحل حقيقي للأزمة، وسط صراع إرادات دون مشروع دولي واحد موحد للحل، لذلك يتم إدارة الأزمة وليس حلها.
وأشار إلى أن الانتخابات في حد ذاتها ليست إلا جزءاً من الحل وليست كل الحل، فيجب أن يتم ذلك عبر 3 مسارات رئيسية (سياسي عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية، وأمني بالقضاء على التواجد المليشياوي وسيطرة القوات المسلحة على كافة التراب الليبي وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، واقتصادي يضمن توزيع الموارد الليبية بشكل عاجل)، وأن أي محاولة لأخذ مسار دون المسارين الآخرين لا يتعدى كونه قفزة في الهواء.
واعتبر أن جعل المشكلة تنحصر في أزمة القاعدة الدستورية للانتخابات، هو "مخادعة" لاستمرار المراوحة السياسية دون رغبة حقيقية للذهاب إلى الانتخابات.
وقال إنه يمكن الذهاب في الانتخابات الرئاسية دون قاعدة دستورية جديدة؛ عبر الاعتماد على القانون الحالي وقائمة المرشحين الأولية والتي سبق اعتمادها وإدارة الانتخابات عبر المفوضية الوطنية للانتخابات وهو حل قابل للتنفيذ ولكنه أيضا دون المسارات الأخرى معه كالأمنية لا يعتبر حلاً لأن الانتخابات ليست إلا مسارا واحدا إلى جانب المسارين الآخرين.
ترسيم الحدود البحرية
وحول الأزمة اليونانية مع الحكومة الليبية منتهية الولاية في العاصمة طرابلس بشأن ترسيم الحدود البحرية، يرى شلوف أن الإشكال في الاتفاق البحري بين المجلس الرئاسي السابق وأنقرة، إشكال قانوني، يمكن حله في القضاء الليبي، حيث من المعروف أن الحكومات المؤقتة لا يمكنها توقيع اتفاقيات تخص السيادة وتحمل أعباء إضافية على الدولة، ولم يعتمدها مجلس النواب وكذلك لم تعترف بها الأمم المتحدة.
ونوه إلى أن اليونان عليها أن تنتظر لأن يكون هنالك استقرار في ليبيا وحكومة منتخبة لتبدأ مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ولذلك ستكون من الدول الداعمة في إطار السير إلى هذا الاستحقاق، وستسهم بدبلوماسيتها خاصة الأوروبية في تسريع ذلك.
المسار الأمني
المسار الأمني أحد أهم المسارات التي انبثقت عن مؤتمر برلين وحقق العديد من التقدمات، ويرى شلوف أن العسكريين النظاميين دائما يميلون ويسيرون إلى الاتفاق، وهو ما حدث في اجتماعات القاهرة والاتفاق بين رئيس الأركان التابع للقيادة العامة ونظيره في المنطقة الغربية.
وأوضح أن الأزمة لم تكن في العسكريين لأنهم جميعا خريجو كليات عسكرية ويفهمون معاني الدولة والوطن والسيادة والعقيدة القتالية وغيرها ولديهم علاقات جيدة معا وغاية موحدة "توحيد المؤسسة العسكرية"، لكن الإشكالية دائما في المليشيات وهي التي تعيق أي تقدم مع من يسمون أنفسهم السياسيين المستفيدين من الوضع الحالي.
وأردف أن المسار العسكري من السهل التوصل فيه إلى اتفاقات وتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في أقل وقت ممكن في جينيف، ولكن لن تكون هنالك فائدة حقيقية لمجرد الاتفاق إن لم يكن هنالك تنفيذ كامل للاتفاقات والبنود وهو الخلاف الفعلي بين أعضاء اللجنتين.
وأوضح أن الاتفاقات نصت على توحيد المؤسسة العسكرية وحل المليشيات ونزع سلاحها وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، ولكن لم يتم ذلك وتم تنفيذ فقط ما يكون في مصلحة بعض الدول دون تنفيذ الحل الجذري لهذه الأزمة، وهذه أمور مرفوضة لدى المليشيات وصناع القرار في الغرب الليبي ولذلك فإن محاولة إحياء المسار دون تنفيذ كافة المخرجات هو أمر عبثي.
وحول حالة القوة القاهرة التي تسببت في تأجيل الاستحقاق أوضح شلوف أن لها عدة عوامل داخلية مثل المليشيات وخارجية مثل إصرار المجتمع الدولي أن تدير السلطة التنفيذية البلاد إلى الانتخابات من طرابلس بعيدا عن حماية الجيش وتحت سلطة المليشيات رغم أن الاتفاق أن تقوم بذلك من سرت في حماية اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5.
هل يوجد حل للمليشيات؟
يرى شلوف أنه منذ المؤتمر الوطني العام وهناك قرارات تصدر باستمرار، لحل المليشيات أو خروجها من العاصمة وتسليم سلاحها، وتطور الأمر إلى اتفاق الصخيرات الذي تحدث عن ترتيبات أمنية تشارك فيها الأمم المتحدة مدتها 60 يوما ضمن برنامج أمني يتعلق بخروج المليشيات من العاصمة وتسليم سلاحها، وسعت عدة دول لذلك ضمن مسارات أبوظبي، وباريس وباليرمو والتي تم الحديث فيها عن حل المليشيات، وكذلك مخرجات برلين وخارطة الطريق بتونس وجينيف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لأنها العائق الرئيسي أمام أي حل في ليبيا.
ونوه إلى أن بقاء هذه المليشيات رغم كل ذلك نتيجة لدعم دولي لوجودها في محاولة تثبيت توازن القوى لحين اتفاق دولي حقيقي وقادر على إنهاء الأزمة، وإن كان مبدئيا هنالك اتفاق على وجوب حلها لكن يتم التأجيل إلى الوقت المناسب.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4yMzcg جزيرة ام اند امز