"عامل المناخ".. كتاب يكشف سيطرة الدول القوية على طقس المستقبل
المؤرخ إريك دورتشميد يبحث في كتابه الصادر مؤخرا عن دار المدى في بغداد بترجمة أحمد الزبيدي كيفية تغيير الطبيعة لمجرى التاريخ
يرى المؤرخ إريك دورتشميد، مؤلف كتاب: "عامل المناخ" أن تغيير أنماط الطقس سيكون هدف استراتيجي في المستقبل، حيث يقول إن هناك علماء يسعون بالفعل للتأثير على أنماط الطقس، وأن هذا لم يعد فكرة لدي العلماء المجانين، بل هدف لأي دولة تمتلك تكنولوجيا متقدمة.
ويبحث دورشميد في كتابه الصادر مؤخرا عن دار المدى في بغداد بترجمة أحمد الزبيدي، كيف غيرت الطبيعة مجرى التاريخ، ويعتقد الكاتب أن تغيير الطقس يحتاج جهدا مثل الذي يتم بذله لتغيير المحاصيل المعدلة وراثيا، ومع ذلك فإن العلم ترك الإنسانية في مفترق طرق أخلاقي، وقال إن السيطرة على الطقس هو أحد الاحتمالات التي تمثل تحديا جديدا للعلم.
ويقول الكتاب إن المرحلة التالية لن تكون التنبؤ بالطقس بل استغلال الإمكانيات الكامنة فيه بمعنى التحكم في كمية الأمطار وتوزيع السحب في العالم ما قد يؤثر على كثافة الغطاء النباتي في العالم.
ويشير الكتاب إلى دراسة أجريت تحت عنوان "الطقس كمضاعف للقوة: السيطرة على الطقس عام 2025"، والتي تم تنفيذها نيابة عن كلية الحرب الجوية الأمريكية، وتوضح بقدر كبير الرهان على إمكانية تعديل الطقس في العالم مستقبلا.
ووفقا للكتاب فإنه من المحتمل أن تقوم الأقمار الصناعية في العالم وأجهزة الكومبيوتر بتحويل المناطق المليئة بالضباب لجعلها مناطق ريفية صافية جدا معتبرا أن مثل هذه التكنولوجيا لن تتوافر إلا بحوزة الدولة القوية.
ويزعم الكتاب أن المخططين العسكريين سيكونون قادرين مستقبلا على تصميم نمط الطقس الذي يرغبون في الحصول عليه، وكانت المرة الأخيرة التي حاول الأمريكيون القيام بفعل مماثل خلال حرب فيتنام لكنهم أخفقوا، لكنه يرى أنه من الوارد في المستقبل أن يكون لدى الحواسب العملاقة فرصة مراقبة متطورة للغلاف الجوي والتلاعب بالمناخ.
من ناحية أخرى، يشير الكتاب إلى أنه في حالة نجاح مثل هذه الخطوات يمكن استثمار ذلك لصالح الإنسانية حيث يمكن تغيير وتعديل أنماط الطقس لتحفيز نمو الحبوب لمواجهة أية ضغوط متزايدة على احتياجات المياه، حيث من المتوقع أنه عند عام 2025 يصل سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة ولكن 26 % من المياه الموجودة في كوكبنا ستكون فقط هي الصالحة للشرب.
ويتوقع أن المعارك في المستقبل ستكون جيوفيزيائية ولن تختلف كثيرا عما نراه في أفلام الخيال العلمي، ويركز الكتاب على دراسة أثر التغييرات المناخية والطبيعية على التاريخ بداية من تدمير جيوش إمبراطورية روما القديمة إلى إلقاء أول قنبلة ذرية.
ويبحث الكتاب عدة معارك ارتبطت فرص الفوز فيها بتغيير الطقس وأبرزها المعركة التي خسرها نابليون بونابرت في بطرسبرج عام 1812 أو معركة الإيطاليين والنمساويين في 1916 والتي راح ضحيتها الآلاف من الطرفين بسبب عاصفة ثلجية.
ويعطي المؤلف تفاصيل جديدة حول معارك الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بهزيمة الألمان أمام روسيا في 1941، حيث كان التغيير في الطقس هو الذي غير مسار الأحداث فقد جاء الطقس حارا وجافا وارتفعت درجة الحرارة في الصيف فوق 40 درجة مئوية وهو شيء لم تكن الجيوش الألمانية معتادة عليه وبلغت في الشتاء 20 درجة تحت الصفر، ما أدى إلى خسارة معركة الاستيلاء على موسكو.
ويبحث المؤلف اعتمادا على مقارنات بين مصادر مراجع مختلفة واقعة طوفان نوح وما ورد في ملحمة جلجامش السومرية كأول ظاهرة مناخية سمعنا بها، لافتا إلى أن مثل هذا التغيير المناخي يؤدي إلى حدوث الكوارث ومعه يتغير العالم الذي نعيش فيه على حين غرة فيضطر الإنسان إلى أن يركع على ركبتيه ويصلي طلبا للغوث الإلهي.
يذكر أن إريك دورتشميد صاحب الكتاب الشهير: دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ، الذي لا يزال من بين أكثر الكتب توزيعا في العالم، وهو مصور سينمائي ومنتج ومخرج ومؤلف وبروفيسور في التاريخ العسكري، وعمل كمراسل حربي لقناتي BBC وCBS، و قالت عنه مجلة "نيوزويك" الأميركية إنه مراسل موهوب جدا، وأحدث تحولا في شكل الإعلام الذي يعمل به.