تلعفر التاريخية.. مدينة الصمود تنتظر التحرير
تشكل معركة القوات العراقية في تلعفر آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي في محافظة نينوى بشمال العراق أهمية خاصة
تشكل معركة القوات العراقية في تلعفر آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي في محافظة نينوى بشمال العراق أهمية خاصة، لما تملكه المدينة من قيمة تاريخية وأثرية تمتد لآلاف السنين بقلعتها الآشورية التي تشتهر بها.
وسيطر تنظيم داعش الإرهابي على تعلفر لأكثر من 3 سنوات، وتحديدا في الـ15 من يونيو/حزيران 2014.
التركيبة السكانية لتلعفر
يسكن مدينة تلعفر ذات الـ30 حياً سكنياً عدد من العشائر التركمانية، ولكل عشيرة منطقة سكانية خاصة بها، ترجع أصولهم إلى العديد من الإمبراطوريات التي حكمت المدينة على مر التاريخ مثل السلاجقة، والدولة الايلخانية، وقرة قوينلو، واق قوينلو، والأصول العثمانية.
ومن أهم العشائر التركمانية في تلعفر هي: "ايلخانلي، الله ويرد يلي، علي ديولي، بابالار، بكلر، جلبي، جولاقلي، سيدلر، نجارلار، مرادليلر، سرايليلر، دميرجيلر، قرة قوينلو، ديوه جي، بقاللي، أق قوينلو، محمد أغالي، قصابلر، خانليلر، حمولي، عجملي، حربو، قوروتلي، موللالي، نفطجي، فرهادليلر، علي خان بك، داودلي، همتليلر، بيرقدارلي، قابلان، ماوليلر".
ترجع كلمة "تلعفر" المركبة إلى" تل" و"عفر" أو "تلاد عبرا" الآرامية وتعني "تل التراب".
وقد عرفت المدينة بأسماء كثيرة منها: تل عفرة، تل أعفر، تل يعفر، تل يعفور، تل الأعفر، تل عفر، تل عفراء، تل بأعفر، تليعفر، يعفر، تل عثا، تل عشا، تل عبرة، نمت عشتار، قلعة مروان.
تاريخ يمتد لما قبل التاريخ
لـ"تلعفر" تاريخ عظيم يمتد إلى العصور الحجرية في فترة ما قبل التاريخ في الألف الثانية قبل الميلاد، فقد كانت جزءاً من الدولة الميتانية، ثم في العصر الآشوري أصبحت تلعفر أهم المدن الآشورية، وكان تعرف بـ"نمت عشتار" أي مزرعة أو جنة عشتار، إشارة إلى أهميتها الزراعية في ذلك الوقت، إضافة إلى أهميتها الجغرافية حيث تربط العراق بسوريا وإيران.
لعبت تلعفر دوراً مهماً في الصراعات المستمرة بين القوى الإقليمية الصاعدة في المنطقة، منها الصراع الطويل بين الحيثيين والرومان في السيطرة على المنطقة بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية، ثم الحروب الممتدة بين الرومان والبيزنطييين والفرس الساسانيين.
وفي عام 18هـ/639م فتح المسلمون مدينة تلعفر على يد "الوليد بن عتبة الأموي"، ومرة أخرى أصبحت تلعفر في العهد الأموي مسرحاً للحروب التي جرت بين الخوارج والأمويين، وظلت تحت سيطرة الأمويين الذين قاموا بتجديد قلعتها الأشورية الشهيرة، ثم توسعت المدينة وازدهرت في العصر العباسي، ثم أصبحت جزءاً من الدولة الحمدانية التي انفصلت عن الدولة العباسية.
تعرضت تلعفر للتدمير على يد المغول الذين أسقطوا بغداد، فتدهورت أحوالها وأهميتها الزراعية، وأصبحت بعد ذلك جزءاً من الدولة "الإيلخانية"، ثم جزءاً من الدولة الجلائرية، وبعدها التركمانية في عام 814هـ-1411م، وأصبحت جزءاً من الدولة الصفوية في عام 914هـ/1508م، ثم الدولة العثمانية في عام 941هـ/1534م، وبعد هزيمة وانسحاب العثمانيين أمام الإنجليز الذين سيطروا عليها عام 1920م بعد قتال 3 سنوات، وقادت تلعفر الثورة ضد الإنجليز عام 1920 التي تعرف بثورة العشرين.
قلعة تلعـفر التاريخية
تقع القلعة التي ترتفع عن سطح البحر بحوالي 25 متراً في منتصف المدينة على عين ماء تلعفر، على مساحة 28 ألف متر، ولها 4 أبراج على زواياها الأربعة، يضم كل برج قلعة كبيرة للجنود، وللقلعة 4 أبواب أيضا هي باب "الماء" و"سنجار" و"نصيبين" وباب "الموصل".
يحيط بالقلعة سور رئيسي عرضه 3 أمتار وارتفاعه 6 أمتار، وللقلعة فتحات وشرفات تستخدم للرمي.
اشتهرت تلعفر بقلعتها الآشورية التاريخية الشهيرة، حيث ما زالت بقايا السور اللبن للقلعة باقية حتى اليوم، وظلت باسم قلعة تلعفر حتى قام الخليفة مروان بن محمد الثاني آخر خلفاء الأمويين عام 102هـ/720م بتجديدها وإطلاق اسمه على القلعة "قلعة مروان"، كما قام السلطان "بدر الدين لؤلؤ" بتجديدها مرة أخرى عام 616م، وقام بنقش لقبه "الملك الرحيم" على أحد بوابات القلعة.
وفي العصر الحديث تعرضت القلعة للهدم مرتين؛ مرة على يد والي بغداد "محمد باشا اينجه بيرقدار" الذي قام بهدم أسوارها وقلاعها بعد ثورة الأهالي على حكمه عام 1841، ومرة أخرى قام الإنجليز بهدم أسوارها وأبوابها عام 1920م.